تتسارع وتيرة مشروعات الهيدروجين العربية، في إطار خطط دول المنطقة للاستحواذ على حصة من سوق هذا الوقود الذي يُعوَّل عليه لتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.
وشددت منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك” على أن الدول العربية يمكنها أداء دور مهم في السوق العالمية والظفر بحصّة جيدة من سوق الهيدروجين الواعدة، لتضيف إلى موقعها الريادي في أسواق الطاقة دورًا جديدًا مصدرًا للهيدروجين، بجانب دورها التاريخي مصدرًا عالميًا لإمدادات النفط والغاز منذ عقود.
وكشف تقرير تطورات الغاز المسال والهيدروجين خلال الربعين الثاني والثالث من العام الجاري، الذي أعدّه خبير صناعات الغاز في أوابك المهندس وائل حامد عبدالمعطي، أن عدد مشروعات الهيدروجين العربية المعلَنة والمخطط تنفيذها بلغ حتى نهاية سبتمبر/أيلول نحو 122 مشروعًا.
وأضاف أن العديد من الدول العربية وضع أهدافًا طموحة للاستثمار في إنتاج الهيدروجين والأمونيا وتصديرهما إلى الخارج، خاصة إلى أوروبا.
وأوضح التقرير أن الربعين الثاني والثالث من 2024 شهدا استمرار نشاط الدول العربية، وإن كان بزخم أقل، في سبيل تعزيز التعاون والشراكة الدولية في مجال الهيدروجين، عبر توقيع مذكرات تفاهم مع الأطراف الدولية لتنفيذ مشروعات لإنتاج الهيدروجين، ومجالات استعماله، ومعدّات تصنيعه.
أكبر الدول العربية في مشروعات الهيدروجين
عرضَ تقرير أوابك قائمة بأكبر الدول العربية التي أعلنت مشروعات للهيدرجين حتى نهاية الربع الثالث من 2024، إذ تتصدر مصر القائمة بـ36 مشروعًا، غالبيتها لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.
وجاءت سلطنة عمان في المرتبة الثانية، بـ16 مشروعًا، غالبيتها لإنتاج الهيدروجين الأمونيا الخضراء، ثم الإمارات، بـ 14 مشروعًا متنوعًا من إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق ومشتقاته من الأمونيا وتطبيقات الهيدروجين في قطاع النقل البري والبحري.
وبلغ عدد مشروعات الهيدروجين في الأردن 13 مشروعًا، وفق الإعلان الأخير لوازرة الطاقة الأردنية، وفي المغرب 11 مشروعًا، منها مشروع تجريبي لاستعمال الهيدروجين في توليد الكهرباء، وفي السعودية 10 مشروعات، وتونس 7 مشروعات ستخصَّص لإنتاج وتصدير الهيدروجين عبر ممر الهيدروجين الجنوبي إلى أوروبا.
وأعلنت موريتانيا 4 مشروعات للهيدروجين، والجزائر 4 مشروعات، مع مشروعين في كل من العراق وجيبوتي، ومشروع واحد في قطر لإنتاج الأمونيا الزرقاء، ومشروع واحد في الكويت لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
ويمثّل إنتاج الهيدروجين ومشتقاته -مثل الأمونيا- الحصة الكبرى من مشروعات الهيدروجين العربية، إذ إن عددًا كبيرًا منها مخصص لأغراض التصدير، وتستحوذ مشروعات إنتاج الهيدروجين بما فيها مشروعات التصدير نحو 90% من إجمالي المشروعات المعلنة.
وتستحوذ مشروعات استعمال الهيدروجين في قطاع النقل بأنواعه (البري والبحري والجوي) على نحو 7% من إجمالي مشروعات الهيدروجين العربية المعلنة حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2024، وتشكّل النسبة المتبقية 2% مشروعات نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب، و1% لاستعمال الهيدروجين في قطاع الكهرباء
الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، يستعرض توزيع مشروعات الهيدروجين العربية المعلنة حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2024:
قدرات إنتاج الهيدروجين
ارتفع عدد الدول العربية التي وضعت أهدافًا محددة بأطر زمنية لقدرات إنتاج الهيدروجين والحصة المستهدفة من السوق العالمية إلى 10 دول مؤخرًا، بعد انضمام تونس.
وتضم القائمة النهائية كلًا من (الإمارات، وتونس، والجزائر، والسعودية، والكويت، ومصر، والأردن، وسلطنة عمان، والمغرب، وموريتانيا)، الأمر الذي يعكس حرص الدول العربية على الوجود في هذه السوق الواعدة مستقبلًا، والظفر بحصّة سوقية مهمة.
وأعلنت تونس إستراتيجيتها الوطنية للهيدروجين في شهر مايو/أيار 2024، ووضعت أهدافًا بأطر زمنية تقضي بإنتاج 320 ألف طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، يُخصَّص منها 20 ألف طن للسوق المحلية، والكمية المتبقية للتصدير إلى أوروبا، على أن يُزاد الإنتاج كل 5 سنوات، وصوًلا إلى إنتاج 8.2 مليون طن سنويًا بحلول 2050، يُخصَّص منها 1.9 مليون طن/سنويًا للسوق المحلية، ونحو 6.4 مليون طن سنويًا لأغراض التصدير.
ومع انضمام تونس، ارتفع عدد الدول العربية التي أعلنت إستراتيجياتها الوطنية للهيدروجين حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2024 إلى 5 دول، بالإضافة إلى 3 دول تُعِدّ الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين، ومن بينها موريتانيا التي أكملت إعداد خريطة الطريق الوطنية لتطوير الهيدروجين منخفض الكربون، وهي المرحلة التي تسبق الإستراتيجية الوطنية التي تضع الأهداف المحددة بأطر زمنية.
تطورات مشروعات الهيدروجين العربية
عرضَ تقرير أوابك للمهندس وائل حامد أحدث التطورات التي شهدتها مشروعات الهيدروجين العربية في الربعين الثاني والثالث من العام الجاري، إذ وقّعت دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي بالإمارات اتفاقًا مع شركة متخصصة في حلول الهيدروجين في يونيو/حزيران 2024، لبناء أول مجمع صناعي لتصنيع معدّات الهيدروجين وأجهزته باستثمارات 1 مليار درهم، بما يتوافق مع أهداف الإمارات التي تطمح لتكون ضمن أكبر 10 منتجين للهيدروجين عالميًا بحلول عام 2031.
وفي الجزائر، اتفقت شركة سوناطراك مع 3 شركات أوروبية، بينها سنام الإيطالية، في يوليو/تموز، على توقيع مذكرة تفاهم لإجراء دراسات الجدوى اللازمة لدراسة تصدير الهيدروجين من الجزائر عبر ممر الهيدروجين الجنوبي، وهو مشروع مقترح لنقل الهيدروجين عبر خط أنابيب طوله 3300 كيلو متر من شمال أفريقيا إلى مراكز الطلب الأوروبية في كل من إيطاليا والنمسا وألمانيا.
ويحظى المشروع بدعم مشغّلي شبكات الغاز الأوروبية الذين يعدّونه مشروعًا ذا اهتمام مشترك يهدف لنقل نحو 4 ملايين طن سنويًا من الهيدروجين عبر الخط إلى أوروبا بحلول عام 2030، وبحسب مخطط المشروع المقترح، فإنه سيعتمد على إعادة استعمال نحو 65% من شبكات النفط والغاز القائمة لنقل الهيدروجين.
الخريطة التالية، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، تستعرض مسار ممر الهيدروجين:
وفي تونس، ضمن إطار دعم تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين، أُبرِمَ نحو 8 مذكرات تفاهم لتنفيذ مشروعات جديدة لإنتاج الهيدروجين، من بينها مذكرة مع شركة سعودية لإنتاج 600 ألف طن سنويًا من الهيدرجين الأخضر باستعمال 12 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة بغرض التصدير إلى أوروبا، لتُضَخّ عبر ممر الهيدروجين الجنوبي، لنقل إنتاج تونس من الهيدروجين إلى كل من إيطاليا والنمسا وألمانيا.
وبحسب مذكرة التفاهم، سيُنَفَّذ المشروع في 3 مراحل، إذ تتضمن المرحلة الأولى بناء وحدات طاقة متجددة بقدرة 4 غيغاواط وسعة تحليل كهربائي بقدرة 2 غيغاواط، بالإضافة إلى مرافق تخزين بطاريات لإنتاج 200 ألف طن سنويًا من الهيدروجين الأخضر، ثم بناء المراحل التالية تباعًا، حتى يصل المشروع إلى كامل طاقته التصميمية، باستثمارات إجمالية 6.4 مليار دولار.
كما وقّعت الحكومة التونسية مذكرة تفاهم مع عدد من الشركات، بينها توتال إنرجي، لتنفيذ مشروع في جنوب تونس لإنتاج 200 ألف طن سنويًا من الهيدروجين الأخضر خلال مرحلته الأولية، مع إمكان زيادة الإنتاج إلى 1 مليون طن سنويًا، إذ سيخصَّص إنتاج المشروع للتصدير إلى أوروبا عبر الربط مع ممر الهيدروجين الجنوبي
وفي الكويت، منحت شركة نفط الكويت عقد استشاريًا لشركة “كيه بي آر” في أغسطس/آب لوضع خطة رئيسة لتطوير نحو 17 غيغاواط من مصادر الطاقة المتحددة، ونحو 25 غيغاواط لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول 2050، إذ ستُربَط محطات الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر الذي سيُخصَّص قسم منه للسوق المحلية في القطاع الصناعي، وقسم آخر للتصدير، على أن يكتمل وضع الخطة خلال 18 شهرًا من تاريخ العقد.
وفي مصر، وقّعت 3 اتفاقيات جديدة في شهر يونيو/حزيران لتنفيذ مشروعات لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء، باستثمارات إجمالية تصل إلى قرابة 40 مليار دولار، وهو ما رفع عدد المشروعات المعلنة في مصر إلى 36 مشروعًا، وفق تحديثات أوابك.
وفي سلطنة عمان، وقّعت “هايدروم” في أبريل/نيسان اتفاقيتي انتفاع بالأرض وتطوير مشروعات من ائتلاف مكون من “إي دي إف” الفرنسية وشركة “جي باور”، إذ سيبني الائتلاف ببناء محطة لإنتاج الأمونيا الخضراء بطاقة إنتاجية 1 مليون طن سنويًا في المنطقة الحرة بصلالة باستعمال نحو 4.5 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة لتغذية 2.5 غيغاواط من أجهزة التحليل الكهربائي بالكهرباء اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وفي يوليو/تموز، أرست شركة شل عقد خدمات ما قبل التصميمات الهندسية الأولية على شركة “وود” لتنفيذ الدراسات اللازمة لمشروع الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء بمنطقة الدقم الصناعية في سلطنة عمان.
وبحسب العقد، ستصمّم شركة وود منشأة متكاملة لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الزرقاء والمرافق البحرية، بما في ذلك مرافق لتخزين الأمونيا، وخط أنابيب بطول 200 كيلو متر، ومنشأة حقن ثاني أكسيد الكربون.
من جانب آخر، فازت شركة “كيه بي آر” بعقد توفير التقنية اللازمة لإنتاج الأمونيا في المشروع، وبحسب العقد ستبني محطة بطاقة 3000 طن يوميًا من الأمونيا الزرقاء، والتي ستُصَنَّع من الهيدروجين الأزرق المنتج بوساطة شل في سلطنة عمان.
وكانت شركة شل قد اتفقت أوائل 2023 مع كل من شركة أوكيو العمانية، وشركة أوكيو لتشغيل شبكات الغاز، وشركة تنمية نفط عمان، على إعداد دراسات مشتركة لتنفيذ المشروع، على أن تتولى شل قيادة المشروع، وفي ضوء التطورات يرتفع عدد المشروعات المعلنة في سلطنة عمان إلى 16 مشروعًا، غالبتها لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.
وفي المغرب، وقّعت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، مذكرة تفاهم لتطوير حلول مبتكرة لتخزين الهيدروجين في قطاع النقل من خلال دمج القدرات البحثية لمركز ليمست التابع للجامعة مع أحدث الخبرات العملية في المجال.
وفي الأردن، أعلنت وزارة الطاقة في شهر يونيو/حزيران توقيع 12 مذكرة تفاهم لدراسة إمكان إنتاج الهيدروجين الأخضر في الأردن، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية إطارية مع أحد المستثمرين، ليصل عدد المشروعات المزمع تنفيذها إلى 13 مشروعًا، جميعها لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..