تلتزم شركة أرامكو السعودية بإستراتيجيتها في قطاع البتروكيماويات، بما يضمن حجز مقعدها في السوق المتنامية مع تأمين الطلب على نفطها الخام.

ووفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، استمرت شركة النفط العملاقة لسنوات في تنمية أعمالها بقطاع التكرير في الأسواق الرئيسة، من خلال دمج المصافي والبتروكيماويات، سواء داخل المملكة أو في الخارج، عبر المشروعات المشتركة.

وفي المستقبل، من المقرر أن تتزايد أهمية تحويل السوائل إلى كيماويات.

وقال الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر، في أغسطس/آب 2024، إن الشركة تخطط الآن لتطوير المصافي المحلية الحالية من خلال تكامل أكبر في تحويل السوائل إلى كيماويات.

وأكد أن الاستثمارات الضخمة جارية، مضيفًا أن أرامكو تجاوزت نقطة المنتصف في الوصول إلى هدفها لتحويل 4 ملايين برميل يوميًا من السوائل إلى مواد كيميائية ذات قيمة مضافة بحلول عام 2030.

اتفاقيات مهمة لأرامكو السعودية

بحسب المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، تتكون السوائل التي تستعملها أرامكو في عملية التحويل من النفط الخام الخفيف والنافثا والمكثفات وأيّ مواد أخرى يُمكن تحويلها إلى بتروكيماويات.

وتظل المواد الكيميائية العالمية نقطة مضيئة لنمو الطلب على النفط بفضل الصناعات، مثل صناعة السيارات -وخاصة المركبات الكهربائية- والبناء والطاقة، مع تحرّك العالم للحدّ من الانبعاثات.

وتهدف أرامكو إلى تحقيق هدفها في تحويل السوائل إلى كيماويات من مصانعها في السعودية، ومن خلال مشروعاتها المشتركة الدولية، وفق ما جاء في تقرير نشرته منصة “إنرجي إنتليجنس” (Energy Intelligence).

وفي العام الماضي (2023)، دفعت شركة الطاقة العملاقة 12.8 مليار ريال (3.4 مليار دولار) مقابل حصة 10% في شركة رونغشينغ الصينية للبتروكيماويات.

وبموجب اتفاقية المبيعات طويلة الأجل، ستوفر أرامكو 480 ألف برميل يوميًا من الخام العربي لمجمع تكرير وكيميائيات مملوك لشركة تشجيانغ للنفط والكيماويات التابعة لشركة رونغشينغ.

وتُجري أرامكو -أيضًا- محادثات لشراء 10% في شركة التكرير الصينية هينغلي للبتروكيماويات للمساعدة في تعزيز قدرتها على تحويل السوائل إلى كيماويات.

إستراتيجية أرامكو في قطاع البتروكيماويات

يُنظر إلى هذه الإستراتيجية -المعروفة سابقًا باسم تحويل الخام إلى كيماويات- بوصفها إحدى الطرق التي يُمكن من خلالها لشركة أرامكو السعودية ضمان بيع خامها على المدى الطويل، والحدّ من مخاطر الأصول العالقة بمجرد وصول الطلب على الوقود الأحفوري إلى ذروته.

وقال المحلل الرئيس لشركة كبلر في مجال الغاز المسال والنافثا، سياران تايلر: “هذا سؤال معقّد للغاية، لكن إجابتي المختصرة هي لا، إنها ليست الطريقة الوحيدة لضمان بيع الخام في المستقبل، إذا كان المستقبل يعني السنوات الـ25 المقبلة”.

وفي الوقت الذي يُرجّح فيه أن تبلغ مبيعات النفط الخام والمنتجات النفطية إلى الغرب والدول الآسيوية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ذروتها في الأمد القريب، من المتوقع أن تشهد الأسواق خارج هذه المناطق نموًا مستمرًا في الطلب على النفط والغاز على المدى المتوسط، كما يقول تايلر.

ومن جانبه، يلاحظ المحلل في مجال الطاقة إحسان الحق، أنه حتى مع تباطؤ نمو الطلب على المنتجات المكررة العالمية نسبيًا إلى المستويات التاريخية، فإنه يرى أن سوق البتروكيماويات تنمو بنسبة 4% سنويًا في المتوسط على مدى السنوات الـ15 المقبلة.

وأضاف أنه من المتوقع أن يأتي معظم نمو الطلب هذا من آسيا.

وأشار الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو أمين الناصر إلى أن 40% من الطلب العالمي على المواد الكيميائية يأتي من الصين، مدفوعًا بحاجة التحول في مجال الطاقة إلى مواد مثل ألياف الكربون المستعملة في البناء الخفيف الوزن.

وقال الناصر: “إن الطلب على النفط الخام في الصين كبير للغاية، وسيستمر هذا الطلب في النمو، مع انتشار المركبات الكهربائية وتوربينات الهواء والمزيد من الألواح الشمسية؛ لذا فإننا نركز على تلك السوق (الصين) لتوزيع خامنا”.

جانب من مشاركة أمين الناصر بمنتدى التنمية الصيني – الصورة من واس

وقال تايلر من شركة كبلر: “يرغب الحزب الشيوعي الصيني في جعل الصين مكتفية ذاتيًا في المواد الكيميائية الأساسية بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الـ21، وهي في طريقها إلى تحقيق هذا الهدف.. والواقع أن الصين قد تصبح مكتفية ذاتيًا في إنتاج الإيثيلين بحلول عام 2029-2030، قبل عامين من الموعد المحدد”.

وأضاف: “المشكلة هنا هي أن كوريا الجنوبية المجاورة، وبدرجة أقل اليابان وتايوان، تعتمد على تصدير المواد الكيميائية الأساسية إلى الصين لموازنة إنتاجها الكيميائي.. ومع تحول الصين إلى الاكتفاء الذاتي، فإنها تضيف حجمًا إلى منطقة كانت تاريخيًا تعاني من نقصٍ صافٍ، وهو ما يؤثّر في السوق العالمية”.

خطوات مرتقبة

تسعى شركة أرامكو السعودية -أيضًا- إلى اكتساب الخبرة في مجال تحويل السوائل إلى كيماويات من خلال مشروعات مشتركة مع شركائها الصينيين.

ولهذه الغاية، يبدو أن أرامكو تتجه نحو تشكيل مشروع مشترك مع شركة رونغشينغ للبتروكيماويات الصينية لتشغيل مصفاة ساسرف التي تبلغ طاقتها 305 آلاف برميل يوميًا.

وتتضمن الصفقة إرساء الأساس لتطوير مشروع توسعة تحويل السوائل إلى كيماويات في ساسرف، الواقعة في مدينة الجبيل الصناعية في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط والغاز.

وقال الناصر، إن أرامكو تتطلع -أيضًا- إلى عدد من الاستثمارات في الصين، ستُعلن “في الوقت المناسب خلال العام الجاري والعام المقبل”.

إلّا إن الصين ليست السوق الرئيسة الوحيدة لعملاقة الطاقة، فشركة أرامكو -وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- تخطط -أيضًا- لمزيد من الاستثمارات في الهند.

وهناك مشروع آخر أساسي لإستراتيجية تحويل السوائل إلى كيماويات، وهو مشروع شاهين، الذي تبلغ تكلفته 7 مليارات دولار في كوريا الجنوبية، والذي بَنته شركة إس أويل التابعة لها.

وقالت أرامكو، إن مجمع شاهين هو أحد أكبر وحدات تكسير البخار المتكاملة للتكرير والبتروكيماويات في العالم، وهو أول تطبيق تجاري كبير لتقنية أرامكو لتحويل النفط الخام إلى كيماويات بالطرق الحرارية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.