اقرأ في هذا المقال
- تبرز المصادر المتجددة حلًا واقعيًا لأزمة الكهرباء في مصر.
- تعاني مصر أزمة كهرباء هي الأولى من نوعها منذ 2024.
- مصر تتبنّى خطة لزيادة الاعتماد على المصادر المتجددة في مزيج الكهرباء.
- الطاقة المتجددة لم تمثل سوى 5% فقط من توليد الكهرباء في 2023.
- تسرع مصر من خطط مشروعات الهيدروجين الأخضر.
أضحت مصادر الطاقة المتجددة من بين الحلول البديلة والواقعية لمواجهة أزمة الكهرباء في مصر، التي استفحلت خلال أشهر الصيف الحالي في ظل نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات الطاقة.
وفي يوليو/تموز (2024) عانت مصر أزمة كهرباء هي الأولى من نوعها منذ عام 2014، بررتها الحكومة بأنها نتاج موجة الحر الشديدة التي اجتاحت البلاد؛ ما دفعها -آنذاك- إلى تخفيف الأحمال لمدة وصلت إلى 3 ساعات كاملةً يوميًا.
وفرضت أزمة الكهرباء في مصر نفسها على أجندة الحكومة الجديدة التي تسابق الزمن لإيجاد مصادر وقود بديلة واستعمالها لتشغيل محطات الطاقة لتعويض نقص إنتاج الغاز الذي يتطلّب استيراده توفير عملة صعبة في ظل ظروف اقتصادية محلية غير مواتية.
ووفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، كشف وزير الكهرباء المصري محمود عصمت، النقاب عن خُطة حالية تستهدف تعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء، بديلًا عن الوقود الأحفوري مثل النفط والغاز.
معضلة الغاز
تحوّلت أزمة الكهرباء في مصر إلى قضية ملحّة وضاغطة خلال الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى البحث عن خيارات جديدة لاستيراد الغاز مع حشد الجهود لزيادة معدلات التنقيب عن تلك السلعة الإستراتيجية.
وتدفع أزمة الكهرباء في مصر صانعي السياسات إلى تفعيل خطط التحول إلى الطاقة المتجددة؛ ما يخفف الأعباء الواقعة على قطاع إنتاج الغاز.
لكن لا يتّضح ما إذا كان بمقدور الحكومة أن تستغل تلك الفرصة لإسدال الستار على أزمة الكهرباء في مصر، التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة؛ والتي اضطرت الحكومة على إثرها إلى أن تلجأ للتمويلات الدولية لتجاوزها، وفق ما أورده موقع إنرجي إنتليجنس (Energy Intelligence).
ووسط تزايد معدلات استهلاك الكهرباء لم تجد الحكومة المصرية سوى زيادة ساعات تخفيف الأحمال اليومية بالتناوب في جميع مناطق الجمهورية، قبل أن تعود مؤخرًا وتعلن انتهاء العمل بتلك الإجراءات حتى أواسط سبتمبر/أيلول (2024).
وفي مسعى لتلبية الطلب خلال المدة من يوليو/تموز حتى سبتمبر/أيلول (2024) طرحت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس” مناقصةً لتوريد 17 شحنة غاز مسال في يونيو/حزيران (2024)، والتي ارتفعت لاحقًا إلى 21 شحنة.
كما تخطط “إيجاس” لطرح مناقصة مماثلة على المدى المتوسط خلال المدة من عام 2027 إلى 2028، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
إلى جانب ذلك يدرس وزير البترول المصري كريم بدوي، الاستعانة بوحدة تخزين وإعادة تغويز عائمة أخرى في منطقة العين السخنة المطلة على خليج السويس إضافةً إلى استئجار البلاد مؤخرًا وحدة مماثلة من شركة هوج غاليون (Hoegh Galleon) الأسترالية، لمدة من المرجح أن تتراوح بين 19 و20 شهرًا.
وفي يوليو/تموز (2024) كشف بدوي النقاب عن خُطة لاستعمال محطات إسالة الغاز في إدكو ودمياط الواقعتين على ساحل البحر المتوسط، بشكل معاكس.
وهبطت الصادرات من كلتا المحطتين المذكورتين بشدة خلال أزمة الكهرباء في مصر؛ غير أن إعادة استعمالهما للاستيراد قد تنطوي على مشكلات من الناحية التعاقدية.
وتخصص وزارة البترول المصرية ما قيمته 1.2 مليار دولار لحفر 110 آبار نفط وغاز استكشافية خلال المدة من عام 2024 إلى 2025؛ كما تخطط لحفر 586 بئرًا استكشافية بتكلفة إجمالية 7.2 مليار دولار بحلول عام 2030.
لكن حتى في حال الوصول إلى اكتشافات غاز جديدة على غرار حقل ظُهْر البالغة سعته 3 تريليونات قدم مكعب؛ فإن دخوله حيز الإنتاج يستغرق بين 3 و4 سنوات على الأقل.
الطاقة المتجددة
من الممكن أن تبرُز أزمة الغاز في مصر، وهي الثانية في عقد كامل، نقطة انطلاق لصناع السياسات نحو إصلاح قطاع الطاقة.
وفي هذا السياق قالت الخبيرة الاقتصادية واستشاري الدراسات والتخطيط الإستراتيجي ريهام الدسوقي: “في تقديري أن التعامل مع أزمة الكهرباء في مصر قد بدأ بالفعل، لكنه يتحوّل -الآن- إلى فرصة للإصلاح الشامل”.
وأضافت الدسوقي: “أعتقد أن هناك إدراكًا لحقيقة مفادها أن النظام البيئي بأكمله يحتاج إلى التغيير”، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ورأت الدسوقي أن التعديل الوزاري الأخير الذي شهدته مصر يُعَد خُطوةً في الاتجاه الصحيح، موضحةً: “وزير الكهرباء والطاقة المتجددة الجديد محمود عصمت لديه –على ما يبدو- أفكار جيدة تقترن بخلفيته في مجال الهندسة”.
وتابعت: “هناك إمكانات كبيرة -حاليًا- لتعزيز النشاط بقطاع الطاقة المتجددة في مصر، وأعتقد أنه سيرى تنسيقًا واضحًا بين وزارات البترول والكهرباء، والتي قد تُدمَجْ في المستقبل”.
وتستهدف مصر الوصول بحصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 42% بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، وإلى 58% بحلول نهاية 2040.
ولم تشكل مصادر الطاقة المتجددة سوى 5% فقط من إجمالي توليد الكهرباء في العام الماضي (2023)، مقابل 81% للغاز الطبيعي، وفق بيانات معهد الطاقة (Energy Institute) ومقره لندن.
آمال الهيدروجين
على الرغم من الاتفاق المؤقت بين مصر والاتحاد الأوروبي لتطوير سوق الهيدروجين الأخضر، والذي شهد إبرام 4 اتفاقيات أولية تغطي الهيدروجين الأخضر مع مطورين أوروبيين بقيمة نحو 33 مليار دولار في شهر يوليو/تموز 2024، لا يزال العديد من مصادر الصناعة تساورها الشكوك بشأن إمكان تشكيل سوق تصدير أو حتى سوق محلية في البلد العربي الواقع شمال أفريقيا.
ومع ذلك بدأت تظهر ملامح لصفقات هيدروجين محتملة من الممكن أن تتبلور على الأرض خلال الأوقات المقبلة، والتي يمكن أن تؤدي دورًا حاسمًا بحل أزمة الكهرباء في مصر.
ففي يوليو/تموز(2024) منحت ألمانيا أول عقد للأمونيا الخضراء بموجب برنامجها إتش 2 غلوبال (H2Global)، إلى شركة فيرتيغلوب الإماراتية لتوريد هذا الوقود النظيف من مصر إلى ألمانيا نظير 1.090 دولارًا أميركيًا للطن المتري، خلال المدة من عام 2027 إلى 2033.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..