أصبحت الجهود الرامية لاستخراج 10 مليارات برميل نفط في أفريقيا، في مهب الريح، بعد أزمة مفاجئة واجهتها شركات الطاقة الكبرى.

وبعد أن جذبت اكتشافات النفط في ناميبيا الشركات العالمية، شهدت بعض خطط التطوير تأجيلًا في انتظار نتائج عمليات الحفر الإضافية خلال العام الجاري 2024.

وجاء هذا التراجع نتيجة العثور على نسبة عالية بشكل غير متوقع من الغاز في الحقول، ما يعني أنهم بحاجة إلى تركيب بنية أساسية إضافية، ما سيؤدي بدوره إلى إبطاء التنمية، وقد يجعل المشروعات غير مربحة.

ووفق المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يتطلب هذا الوضع بنية تحتية إضافية، من أجل استخراج الغاز، وتنقيته من الشوائب، وأنابيب إضافية لنقله، ما يعني تكلفة إضافية مرتفعة للشركات المطورة.

وبالنظر إلى تكاليف الحفر المرتفعة، ستصبح العوائد منخفضة في هذه الحالة، لأن سعر الغاز الموجود بنسبة كبيرة منخفض، كما أن تكاليف معالجته ونقله تتطلب مبالغ إضافية.

اكتشافات النفط في ناميبيا

سلّطت مفوضة النفط في ناميبيا ماغي شينو الضوء على أزمة اكتشافات النفط في ناميبيا، قائلة في مؤتمر صناعي عُقد في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي: “ما نراه هو أن جميع اكتشافاتنا لديها نسبة الغاز في النفط (الغاز المصاحب) عالية جدًا”.

ويحظر القانون الناميبي حرق الغاز، وإطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ما يعني أن الشركات ستضطر إلى إعادة حقن الغاز في الخزان أو معالجته للاستهلاك، وهو في كل الأحوال الشيء الصحيح الذي يجب القيام به، بحسب شينو.

وأضافت شينو: “نريد حقًا الاستفادة من الغاز وتوليد أكبر قدر ممكن من القيمة.. ثم نبدأ بعد ذلك صناعة الغاز لتوليد الكهرباء والبتروكيماويات، التي تأسست في ناميبيا”.

وبعد أن كانت تأمل في البداية الحصول على النفط بحلول عام 2026، تعمل حكومة ناميبيا مع المشغّلين للاتفاق على خطة واحدة ببنية أساسية مشتركة لـ8.7 تريليون قدم مكعّبة من الغاز غير المتوقع.

الفكرة هي تجديد مشروع متوقف منذ مدّة طويلة لتوصيل الغاز إلى محطة كهرباء تعمل بالغاز على اليابسة، لتوفير الإمدادات إلى ناميبيا، ثم جنوب أفريقيا المجاورة والمنطقة الأوسع.

ووفق المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة، صُمِّم مشروع محطة الكهرباء والبنية الأساسية للغاز المرتبطة به في البداية للتعامل مع 1.3 تريليون قدم مكعّبة من حقل كودو الأصغر في ناميبيا، وسيحتاج المشروع إلى تطوير كبير.

وبدأت حكومة ناميبيا محادثات مع شركات شل وتوتال إنرجي وغالب (Galp) وبي دبليو إنرجي (BW Energy)، وتريد أن تقود شركة النفط الوطنية الناميبية نامكور (Namcor) خطة تطوير الغاز.

بالنسبة للشركات، تكمن المشكلة في أن هذا المشروع الإضافي قد يؤخر إنتاج النفط حتى ثلاثينيات القرن الـ21، ما يجعل من الصعب تحقيق الربح.

منصة حفر في ناميبيا – الصورة من وكالة بلومبرغ

النفط في ناميبيا يجذب المستثمرين

لفتت صناعة النفط في ناميبيا الانتباه في فبراير/شباط 2022، عندما أعلنت شركة توتال إنرجي الفرنسية وشركة شل البريطانية اكتشافات كبيرة في حوض أورانج تحتوي على 5.1 مليار برميل من النفط.

وتدفَّق المستثمرون في أبريل/نيسان 2024، عندما قالت شركة غالب البرتغالية، إنها عثرت على ما يصل إلى 10 مليارات برميل في المنطقة نفسها.

وقارن كثيرون بين الوضع بالنسبة لاكتشافات النفط في ناميبيا، وغايانا، حيث أدت الاكتشافات في عام 2015 إلى طفرة نفطية منحت البلاد نموًا في الناتج المحلي الإجمالي يتجاوز 20% خلال السنوات الـ5 الماضية.

ولكن ارتفاع محتوى الغاز، الذي أصبح واضحًا خلال العام الماضي (2023)، مع حفر المشغّلين المزيد من الآبار في ناميبيا، جعل شركات النفط الكبرى حذرة منذ ذلك الحين، بحسب ما أفادت به وكالة رويترز.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي باتريك بويانيه للمستثمرين في نيويورك الشهر الماضي: “نحن نعمل على ذلك.. إنها مسألة القدرة على إعادة حقن كل هذا الغاز في الخزان بتكلفة مقبولة”.

وأوضح بويانيه أن أعادة حقن الغاز في الصخور التي يقلّ عمقها عن 3 آلاف متر أمر مكلف، قائلًا: “إذا كان علينا أن نمتلك آلة غاز كبيرة تتعامل مع 500 مليون قدم مكعّبة قياسية يوميًا بدلًا من 200 أو 300 قدم، فإن هذا يغير الأبعاد بالطبع”.

وتكافح توتال لخفض تكاليف الإنتاج في ناميبيا إلى أقل من 20 دولارًا للبرميل، وهو شرط داخلي لقرار الاستثمار النهائي في المشروعات الجديدة.

ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، تدرس الشركة إعادة التفاوض على الشروط مع السلطات لمحاولة خفض التكاليف؛ إذ ما تزال تأمل في الحصول على قرار استثمار نهائي العام المقبل (2025)، وإنتاج أول نفط في عام 2029، بناءً على خطة لإعادة حقن كل الغاز، بدلًا من انتظار حل مشترك.

منصة حفر
منصة حفر في ناميبيا – الصورة من منصة “أوفشور إنرجي”

التنقيب عن النفط في ناميبيا

دعمًا لخطط التنقيب عن النفط في ناميبيا، فكّرت شركة شل ببناء وحدة تسييل غاز عائمة في حقل النفط لإنتاج الغاز المسال للتصدير في المربع الذي حققت فيه اكتشاف غراف.

ومن شأن ذلك أن يزيد بشكل كبير من تكاليف التطوير، ويؤخر بدء إنتاج النفط.

وصرّح الرئيس التنفيذي لشركة شل وائل صوان للمحللين، في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بأن مساحة ناميبيا “تشكّل تحديًا كبيرًا”، وأن انخفاض نفاذية الصخور يجعل استخراج النفط والغاز أكثر صعوبة.

يقول صوان: إن “الكثير من تركيزنا ينصبّ على معرفة ما إذا كان بوسعنا إيجاد طرق تمكّننا من تطوير مشروعات قابلة للاستثمار التجاري”.

وقد أرجأت شركة غالب عملية بيع نصف حصتها في ناميبيا، بانتظار نتائج عمليات الحفر الاستكشافية الإضافية في وقت لاحق من العام الجاري (2024).

ومن المتوقع أن تقوم شركة شيفرون الأميركية، فضلًا عن شركة رينو ريسورسز (Rhino Resources) الناميبية، التي يدعمها مشروع أزول إنرجي المشترك بين شركتي بي بي وإيني، بالحفر في ناميبيا خلال العام الجاري (2024).

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.