تسبّب ارتفاع أسعار الكهرباء في سويسرا في وجود تحديات كبيرة لتحقيق الأهداف البيئية للبلاد وخططها لتحول الطاقة، مع التباطؤ في اعتماد أنظمة التدفئة المستدامة مثل المضخات الحرارية.

وتشهد سويسرا تحولًا ملحوظًا في توجه السكان نحو استعمال أنظمة التدفئة التقليدية التي تعتمد على النفط والغاز، وفقًا لتقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

يأتي ذلك في ظل ارتفاع أسعار الكهرباء وتراجع الحوافز المالية لاستبدال أنظمة التدفئة القديمة؛ ما يشير إلى حالة من تراجع الثقة بجدوى التحول الطاقي وانعكاساته على حياتهم.

وفي الوقت الذي تنخفض فيه تكاليف الوقود الأحفوري من النفط والغاز وتزداد أسعار الكهرباء في سويسرا، يصبح الحافز لتسريع التحول الطاقي أقل قوة، ما يستدعي جهودًا إضافية لتحفيز السوق وضمان تحقيق الالتزامات البيئية.

يأتي ذلك على الرغم من الجهود التي تبذلها البلاد لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ما يضع تحديات أمام التزاماتها البيئية.

أسعار الكهرباء في سويسرا

سجّل معدل استعمال أنظمة التدفئة التقليدية في برن، رابع أكبر المدن في البلاد من حيث عدد السكان بعد زيورخ وجنيف وبازل،، نموًا ملحوظًا خلال العام الجاري في ظل ارتفاع أسعار الكهرباء في سويسرا، حسبما أورد موقع “آر تي إس” الناطق بالفرنسية.

نظام تدفئة منزلي يعمل بالنفط – الصورة من “which”

وزادت نسبة تركيب الغلايات العاملة بالنفط والغاز في سويسرا نحو 12%، خلال المدة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول 2024، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي (2023)، وفق إحصائيات جمعية تكنولوجيا البناء إيموكليما (ImmoClima).

يأتي التوجه نتيجة انخفاض أسعار المواد الهيدروكربونية بالمقارنة مع أسعار الكهرباء في سويسرا المرتفعة، ما جعل أنظمة التدفئة التقليدية أكثر جاذبية للسكان السويسريين.

المضخات الحرارية في سويسرا

في المقابل، شهدت المضخات الحرارية في سويسرا، التي كانت تُعد رمزًا للتحول الطاقي خلال السنوات الأخيرة، انخفاضًا حادًا في معدلات تركيبها.

ورغم النمو الكبير الذي شهدته سوق المضخات الحرارية خلال السنوات الماضية، خاصة في أثناء أزمة الطاقة التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا، فقد انعكس الاتجاه مع تحسن أسعار النفط والغاز، ما أضعف الحافز المالي لاعتماد هذا النظام.

وتُظهر البيانات انخفاضًا في أعداد المضخات الحرارية بنسبة الثلث خلال العام الجاري (2024)، مقارنة بعام 2023، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وتقول المجموعة المهنية السويسرية للمضخات الحرارية (GSP) إن نهاية عام (2023) شهدت مؤشرات واضحة على تباطؤ الطلب في هذا القطاع، موضحة أن ظاهرة الضغط الناتجة عن أزمة الطاقة تراجعت، ونواجه حاليًا تسريحًا للعمال في قطاع المضخات الحرارية وقطاع الموردين.

انبعاثات الكربون في سويسرا

يُنظر إلى عودة السكان إلى التدفئة التقليدية بالغاز والنفط على أنها تأثيرات بيئية سلبية وعواقب طويلة الأمد، إذ تتهم الغلايات العاملة بالوقود الأحفوري بأنها أحد المصادر الرئيسة لانبعاثات الكربون في سويسرا.

عامل يقوم يركِّب مضخة حرارية في أوروبا
عامل يُركِّب مضخة حرارية في أوروبا – الصورة من Euronews

وتشير الإحصاءات إلى أن ربع انبعاثات غازات الدفيئة في سويسرا تأتي من المباني، ولا سيما أنظمة التدفئة، وفق بيانات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

يُشار إلى أن السويسريين وافقوا، العام الماضي (2023)، على الوصول إلى الحياد الكربوني في المباني بحلول عام 2050، وهو ما يُشكل تحديًا كبيرًا، ولا سيما بعدما أدى ارتفاع أسعار الكهرباء في سويسرا إلى العودة لاعتماد أنظمة التدفئة التقليدية، التي قد تظل مُستعملة خلال العقدين المقبلين.

التحول الطاقي

يتواصل التحول الطاقي في برن، رغم العودة إلى استعمال أنظمة التدفئة التقليدية نتيجة ارتفاع أسعار الكهرباء في سويسرا.

وعلى الرغم من التراجع في اعتماد المضخات الحرارية، تظهر البيانات أن عددها في سويسرا ما زال يتفوق على عدد الغلايات التقليدية.

ويرى الخبراء أن وتيرة التحول الطاقي في سويسرا بطيئة للغاية، إذ يقول المهندس المتخصص في انتقال الطاقة مارك مولر، إن معدل تجديد المباني الحالي يبلغ 1% فقط سنويًا، في حين أن تحقيق أهداف اتفاقية باريس يتطلب مضاعفة هذه النسبة إلى ما بين 3% و4%.

وأضاف مولر: “في عام 2024، شهدنا تراجعًا في السوق، ما يعني أن التحول نحو الطاقات النظيفة يتباطأ بدلًا من أن يتسارع”.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر

  1. تراجع معدل تركيب المضخات الحرارية بعد ارتفاع أسعار الكهرباء في سويسرا خلال 2024 من موقع “آر تي إس” (RTS).
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.