يقترب أطول خط كهرباء بحري من أن يُبصر النور قريبًا بعد محادثات طويلة على خلفية مخاوف جيوسياسية وأخرى بشأن التمويل، وفق آخر تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

ونجحت وزارتا الطاقة في كل من اليونان وجزيرة قبرص بالتوصل لاتفاق من شأنه أن يدفع بناء القطاع المشترك بينهما قدمًا قبل إتمام تنفيذه في نهاية العقد الجاري في عام 2030.

وبتكلفة إجمالية 1.9 مليار يورو (2.12 مليار دولار)، سيربط ما أُطلق عليه “مشروع الربط البحري العظيم” (GSI) شبكات الكهرباء في أوروبا بقبرص عن طريق جزيرة كريت في اليونان، ليمتدّ فيما بعد إلى إسرائيل.

ويصل طول خط الكهرباء عالي الجهد إلى ألف و240 كيلومترًا وعمق 3 آلاف متر تحت سطح البحر المتوسط.

تفاصيل الاتفاق

قالت وزارتا الطاقة في قبرص واليونان، إن مشروع الربط البحري العظيم ذو أهمية استراتيجية للبلدين وللاتحاد الأوروبي عمومًا أيضًا؛ كونه سيربط قبرص بشبكة كهرباء أوروبا، وسيسهّل انتقال الطاقة، وهدف اليونان لتكون ممرًا لعبور إمدادات الطاقة النظيفة.

وبعد إبرام مذكرة التفاهم أمس السبت (21 سبتمبر/أيلول)، سيُستأنف وضع الخطوط البحرية “خلال الأيام المقبلة”.

وقّع المذكرة من الجانب القبرصي وزير الطاقة جورج باباناستاسيو، ونظيره اليوناني ثيودوروس سكايلاكاكيس، وفق تقرير لصحيفة “فايل نيوز” (phile news).

وزير الطاقة القبرصي جورج باباناستاسيو- الصورة من “cyprus-mail”

وجاء الاتفاق بعد ساعات من قرار هيئة تنظيم الطاقة القبرصية (CERA) بتغيير إطار العمل التنظيمي الساري منذ شهر يناير/كانون الثاني (2023).

وبموجب التعديل النهائي، ستتغير الحصة الحالية لتقاسم التكاليف التي تحمّل قبرص 63% واليونان 37%، لتكون مناصفة بين المستهلكين في البلدين في حالة إلغاء المشروع، أو سبب خارجي، أو حادث.

وسيكون التعديل بعد تمرير البرلمان اليوناني تشريعًا ينصّ على تمويل الحكومة (وليس المستهلكين) الزيادة المقترحة للتكاليف بنسبة 13%.

وفيما يتعلق بمشاركة قبرص بحصّة في الأسهم بتكلفة 100 مليون يورو، ينصّ الاتفاق الجديد على اتخاذ قرار الاستثمار النهائي بشأن المشروع عمومًا بعد إتمام الحكومة القبرصية دراسات العناية الواجبة.

أطول خط كهرباء بحري

علمت منصة الطاقة المتخصصة في 17 من شهر سبتمبر/أيلول الجاري أن المشاورات بين الجارتين أحرزت تقدمًا، رغم مخاوف قبرص بشأن التكلفة والتورط في مشكلات مع تركيا خلال وضع الخطوط البحرية.

وكشف نائب المتحدث باسم الحكومة القبرصية يآنيس أنطونيو تقدُّمًا في المشاورات البنّاءة مع اليونان، كما أكد الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس إحراز تقدّم أيضًا.

ومن جانبه، أعرب وزير الطاقة القبرصي باباناستاسيو عن دعمه للمشروع، قائلًا، إنه “سيُنهي عزلة الطاقة، وسيعزز أمن الطاقة” بالدولة الجزيرة.

ورغم امتلاكها احتياطيات غاز، فإن قبرص لم تنجح في استغلالها بعد، وما زالت تعتمد في توليد الكهرباء على المازوت، وهو ما يكلّف المواطنين أكثر من نظرائهم في أوروبا.

وفي السياق نفسه، أجرى الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس محادثات مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس السبت حول مذكرة التفاهم الخاصة بأطول خط كهرباء بحري في العالم، وفق منصة “سيبرس ميل” (cyprus-mail).

وكانت شركة نيكسانز الفرنسية (Nexans) قد فازت بعقد بقيمة 1.5 مليار دولار لأداء مهمة وضع الخطوط في يوليو/تموز (2023).

وأكد الرئيسان الأهمية المشتركة للخط البحري من أجل بلوغ أهداف الطاقة في الاتحاد الأوروبي، كما اتفقا على عقد محادثات مباشرة بحضور رئيس وزراء اليونان كرياكوس ميتسوتاكيس خلال الأسبوع المقبل، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

خطر تركيا

أكدت قبرص مرارًا مخاوفها المتعلقة من أن يلامس أكبر خط كهرباء بحري منطقة بحرية محل نزاع مع تركيا في مياه البحر المتوسط.

وخلال المفاوضات التي سبقت مذكرة التفاهم ودامت لأشهر، طلبت قبرص توضيحات بشأن تبعات المخاطر الجيوسياسية والمعاضة المحتملة من جانب تركيا، وهو ما قد يؤدي لتأخيرات وتكاليف إضافية للمشروع.

وضع خطوط كهرباء بحرية
وضع خطوط كهرباء بحرية- الصورة من “assogroup”

وفي 19 سبتمبر/أيلول، أكدت قبرص التزامها تجاه مشروع الربط الكهربائي البحري، لكنها طلبت مزيدًا من التفاصيل الفنية والمالية قبل الانخراط في المشروع.

وأرسلت البحرية التركية سفنًا لتتبُّع سفينة خلال إجراء أعمال المسح المرتبطة بالخط البحري بالقرب من جزيرة يونانية، وفي وقت آخر عرقلت عمل سفن كانت مكلفة بإجراء مسوح للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن وكالة رويترز.

وتصاعدت التوترات بين الجانبين، بعدما اتهمت أنقرة دخول إحدى السفن للجرف القاري التركي دون تصريح، في حين زعمت اليونان أن السفينة تعمل بصورة قانونية.

وتنص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار على أن المياه الإقليمية تمتد لمسافة 12 ميلًا بحريًا من الأرض، كما تمنح السفن الأجنبية حق المرور، لكن تركيا لم تنضم إلى قائمة موقّعي الاتفاقية.

وتتشارك اليونان وتركيا وقبرص حدودًا بحرية متقاربة للغاية، إذ يبعد العديد من الجزر اليونانية مسافة أميال معدودة من الأراضي الواقعة تحت سيطرة تركيا.

وتعقيبًا على ذلك، يقول مدير مركز الأبحاث “بريو سيبرس” ( PRIO Cyprus) -ومقرها قبرص- هاري تسيميتراس، إنه من حق البلدين (اليونان وقبرص) وضع الخطوط والأنابيب والمعدّات ذات الصلة في المياه الدولية.

وبالنسبة لمنطقة الجرف القاري التركي، تطالب أنقرة بالحصول على موافقة مسبقة، وهو أمر صعب الاستمرار عليه في النظام القانوني الدولي.

وبحسب تسيميتراس، فالدول المعنية أقل تركيزًا في العادة على الإجراءات القانونية، ويبدو أن الأمر سينصرف إلى الإجراءات السياسية والقدرات العسكرية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.