بعد انتخاب الرئيس الجديد دونالد ترمب لولاية ثانية خلفًا لجو بايدن، يُثار الحديث حول النفط الصخري الأميركي وصناعة النفط العالمية بصورة عامة، إذ إنه من المعلوم أن صناعة النفط “جمهورية” بصفة عامة، وتؤيّد الجمهوريين لعدد من الأسباب.

ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أنه مع وجود الديمقراطيين في البيت الأبيض -منذ عهد باراك أوباما- ساءت أوضاع صناعة النفط، بسبب الحرب التي شنّوها عليها.

وأضاف: “هذا الأمر لا ينطبق فقط على الحزب الديمقراطي اليساري في الولايات المتحدة، بل ينطبق على كل الأحزاب اليسارية، مثل كولومبيا على سبيل المثال، التي كانت -تاريخيًا- لها حكومة محافظة يمينية، فلما فاز رئيس يساري، بمجرد مجيئه إلى السلطة يريد تغيير العالم كله”.

وقال إن هذا التغيير أدى إلى مشكلات كبيرة، لأن كولومبيا مشهورة بأمرَين، النفط والفحم، ولكن الرئيس الجديد فجأة يريد أن يقطع مصادر رزق البلد، فحدثت مشكلات كثيرة.

لذلك، وفق الحجي، فإن الحرب التي شنّها اليساريون على النفط الصخري الأميركي، جعلت الناس -حتى من كانوا مستقلين أو وسطيين- يجنحون إلى الجمهوريين، وهذا هو ما جاء بالرئيس الجديد دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج “أنسيّات الطاقة“، قدّمها الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة “إكس” (تويتر سابقًا) تحت عنوان: “ترمب وإنتاج النفط الصخري الأميركي.. وما انعكاسات ذلك على دول الخليج؟”.

النفط الصخري الأميركي

تطرّق الدكتور أنس الحجي إلى الحديث عن النفط الصخري الأميركي، قائلًا إن الرئيس دونالد ترمب جاء ولديه شعور بأن هناك احتمالًا كبيرًا أن يخسر الانتخابات، لذلك قدّم وعودًا كبيرة جدًا لكل من استطاع أن يتكلم معه.

وأضاف: “وعد الرئيس الجديد بأشياء كثيرة لا يستطيع أن يفي بها، ومن ضمنها وعود لصناعة النفط الأميركية التي كانت ستصوّت له على كل الحالات، رغم أنها استفادت من بايدن، الذي رغم كون إدارته ديمقراطية كان ثعلبًا سياسيًا ولعب على كل الحبال وحقّق ما يريده”.

دونالد ترمب – الصورة من بلومبرغ

وأوضح الدكتور أنس الحجي أن ترمب وعد وعوده السابقة نفسها، بأنه سيزيد إنتاج النفط الصخري الأميركي، وسيخفّض أسعار النفط، ولكن التخوف الحالي لدى الجميع، هو أن الرئيس القادم يعيش في “قوقعة الماضي”.

بعبارة أخرى، سيدخل ترمب البيت الأبيض في عام 2025، ولكن عقله ما زال في عامي 2015 و2016، ومن الواضح من كل تصريحاته أن هذا هو الوضع، ولولا وجود الرئيس التنفيذي لشركة “تيسلا” إيلون ماسك لكانت هناك أمور جديدة يثيرها الناس.

وتابع: “الجميع يعرفون الآن أن إيلون ماسك هو الملك المتوج لأميركا وليس ترمب، إذ إنه يقابل كل شخص يرشحه الرئيس الجديد لمنصب في إدارته، فإما أن يوافق عليه وإما أن يرفضه، وكل من رُفض كان بقرار من ماسك، فهو يتحكم في كل شيء الآن”.

وقال: “ما دمنا نتحدث عن ماسك، فهو قد دفع ما يزيد على 140 مليون دولار لحملة ترمب، وحصل على أضعافها في اليوم التالي للانتخابات، إذ ارتفعت أسهم تيسلا بقوة وحصد أضعاف ما دفعه، لذلك فهو مستثمر في الرئاسة الأميركية وسيحقق أرباحًا كبيرة، خاصة بالنسبة إلى عقود برامج الفضاء وغيرها”.

وأردف: “المشكلة أن الإعلام والمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي يأخذون كلام ترمب كما هو، ثم يبنون ما يريدون بناء عليه، ومن ضمن هذا أنه سيزيد إنتاج النفط الصخري الأميركي بصورة كبيرة كما فعل في الماضي”.

النفط الصخري الأميركي

ولكن، وفق الدكتور أنس الحجي، بالعودة إلى الماضي، نجد أنه عندما جاء إلى الساحة في 2015 كان هناك انهيار كبير في أسواق النفط، وكانت أسعار النفط منهارة، ومن ثم انهار إنتاج النفط الأميركي، الذي خسر أكثر من مليون برميل يوميًا، رغم التوقعات بأن يزيد بنحو 800 ألف برميل يوميًا، أي أن الخسارة كانت بنحو 1.8 مليون برميل يوميًا.

معاناة قطاع النفط والغاز الأميركي

أشار الدكتور أنس الحجي إلى معاناة قطاع النفط والغاز الأميركي خلال مدة ترمب الأولى، إذ كانت صناعة النفط تواجه خسائر ضخمة حينها، وكانت هناك حالات إفلاس كبيرة في قطاع الغاز، وحينها وعد بأنه سيغيّر الوضع ويزيد الإنتاج ويفيد الشركات.

وأضاف: “بالفعل، زاد إنتاج النفط الصخري الأميركي بصورة كبيرة في عهد ترمب، وتحسّن الوضع من الناحية المادية بالذات بالنسبة إلى الشركات، ولكن الوضع الآن مختلف تمامًا عما حدث في عامي 2015 و2016”.

الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يصافح أحد عمال قطاع الطاقة
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح أحد عمال قطاع الطاقة – الصورة من رويترز

وقال الدكتور أنس الحجي إن الاختلاف الأول هو أن الرئيس يأتي الآن مع زيادة كبيرة في إنتاج النفط الأميركي، في حين في 2015 و2016 كان هناك انخفاض بأكثر من 1.8 مليون برميل يوميًا مقارنة بما كان متوقعًا.

وتابع: “الآن هناك زيادة كبيرة في الإنتاج، والشركات في الفترات الأخيرة، خصوصًا في الربعين الأول والثاني من العام الجاري 2024 حققت أرباحًا تاريخية، في حين كانت تحقق خسائر في الماضي، فهناك فروقات بين الماضي والحاضر”.

ومن ضمن هذه الفروقات -أيضًا- أنه في 2015 و2016 كانت صناعة النفط الصخري الأميركي تحت سيطرة الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولكن الآن بعد موجات الاندماج ودخول كبرى الشركات العالمية مثل إكسون موبيل وشيفرون و”بي بي” وغيرها، أصبحت السيطرة للشركات الكبيرة، وليست للصغار الذين كانوا كلهم متشجعين جدًا لانتخاب ترمب.

شيفرون

وتابع: “بالإضافة إلى ذلك، في 2015 و2016، كانت أسعار الفائدة قريبة من الصفر، فشجّعت المستثمرين والشركات على زيادة الإنتاج، لأن الأموال لم تكن ملكهم، ولكنهم عندما خسروها خسروا أموال الآخرين، ولكن الآن أسعار الفائدة مرتفعة، ومن ثم لا يمكنهم الاقتراض كما حدث في الماضي”.

والخلاصة هنا، أن الرئيس الجديد دونالد ترمب وعد بزيادة إنتاج النفط الأميركي، ولكن كل الظروف التي بنى عليها هذه الوعود كانت مهيّأة في عام 2015 الذي شهد ولايته الأولى، وليس في عام 2025.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.