تشهد تقنيات إنتاج الأسمنت الأخضر تطورات مهمة، في محاولات حثيثة من الباحثين للتوصل إلى حلول تُسهم في خفض الانبعاثات الكربونية من أحد أكثر الصناعات تلويثًا للبيئة.
وفي هذا الصدد، أجرى فريق من الباحثين في جامعة كامبريدج تجربة عملية تمكّنوا من خلالها من إنتاج ما يُمكن أن نسميه الأسمنت النظيف عبر إعادة تدوير الأسمنت من المباني المُهدّمة في أفران صهر الصلب، وفقًا لما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ويبدو أن هذه التجربة ستنتقل إلى الواقع العملي في غضون مدة قصيرة، إذ تخطط شركة سيلسا غروب الإسبانية (Celsa Group) التي تُعالج الصلب المُعاد تدويره، لتطبيق تجربة إنتاج الأسمنت الأخضر محل البحث.
وتشير التقديرات إلى أن هذه التقنية ستنتج ما يصل إلى 30 طنًا في الساعة، بدءًا من الشهر التالي للتطبيق العملي.
تقنية جديدة
تتضمن التجربة التي نفذها الباحثون على نطاق واسع استعمال أفران صهر الصلب الكهربائية لإعادة تدوير الأسمنت المُستخرج من المباني المُهدّمة، وفقًا لما نشره موقع وول ستريت جورنال برو ساستينابل بيزنسيس (Wall Street Journal Sustainable Businesses).
وجدير بالذكر أن عملية صهر الصلب لإعادة استعماله مرة أخرى تتضمن إضافة مُركّب يُسمى “الفلاكس” (Flux) لإزالة الشوائب، وهذه العملية يخرج منها منتج ثانوي يُسمى الخبث.
والفلاكس هو مُركب يُضاف إلى المعادن في الأفران لتعزيز عملية الصهر أو لمنع تكوين الأكاسيد.
وخلال التجربة التي أجراها فريق الباحثين، جرى استعمال الأسمنت المعاد تدويره، بصفته بديلًا لمادة الفلاكس في أثناء عملية صهر الصلب، ليكون الخبث الناتج عبارة عن أسمنت قابل للاستعمال.
ويأمل الباحثون أن تعتمد عملية إنتاج الأسمنت الأخضر من أفران صهر الصلب -بالكامل- في المستقبل على الطاقة المتجددة.
وما يعطي هذه التجربة أهميتها الكبيرة هو أننا الآن أمام بديل نظيف سيدخل في إنتاج الخرسانة التي يُعد إنتاجها عملية كثيفة الكربون، إذ تُولد ما يُقدر بنحو 7% أو أكثر من انبعاثات الكربون العالمية، في حين أن قطاعًا مثل النقل بالطائرات تبلغ انبعاثاته نحو 2% من إجمالي الانبعاثات.
ولهذا من المتوقع أن تجد هذه التقنية الجديدة لنفسها مكانة كبيرة لدى الشركات الناشئة العاملة في مجال الأسمنت الأخضر.
تخضير الأسمنت
تستمر محاولات إنتاج الأسمنت الأخضر بما يُسهم في خفض الانبعاثات الكربونية من هذه الصناعة كثيفة الانبعاثات.
وفي هذا السياق، قالت مديرة الابتكار والبيئة والحوكمة البيئية والاجتماعية والحوكمة في الجمعية العالمية للأسمنت والخرسانة، كلود لوريا، إنه يوجد الكثير من المشروعات البحثية والشركات التي تعمل على إزالة الكربون من الأسمنت، ويشمل ذلك بعض المشروعات التي تستعمل الخرسانة المُعاد تدويرها.
وأضافت: “المهم بالنسبة إلينا عند تقييم هذه المشروعات هو التأكد من أنها تجارب تصلح للاستعمال الفعلي في التطبيقات العملية على المدى الطويل”.
وعلى الرغم من ذلك، تواجه عملية تخضير الأسمنت تحديات عامة، من بينها ارتفاع الأسعار مقارنة بالأسمنت التقليدي، فالمطورون لا يريدون دفع مبالغ كبيرة مقابل بديل منخفض الكربون، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وهناك تحديات إضافية أمام توسيع نطاق استعمال تقنية باحثي كامبريدج على وجه الخصوص، إذ إنها غير متوافقة مع مرافق إنتاج الأسمنت الحالية.
وربما يتسبب ذلك في تلكؤ شركات الأسمنت في إدخال هذه التقنية واستعمالها.
ومن ناحية أخرى، لكي تكون التقنية عملية بصورة أكبر يتعيّن إجراء تحسينات تُمكن من استعمال الطاقة المتجددة في إنتاج الأسمنت الأخضر، كما ينبغي العمل على تطوير سلاسل التوريد بصورة أكبر.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..