تصدّرت مشروعات إنتاج الطاقة من النفايات اهتمامات عدد كبير من دول العالم، في ظل أزمة الطاقة الحالية وارتفاع أسعارها.

وفي هذا الإطار، عُقدت ندوة -عبر تقنية التواصل المرئي- حضرتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تستهدف تسليط الضوء على أبرز التقنيات وأهمها في هذا المجال.

وبحسب الندوة، التي جاءت بعنوان “إنتاج الطاقة من النفايات”، يسعى العلماء إلى تطوير تقنيات إنتاج الطاقة من النفايات في محاولة لتحقيق الجدوى الاقتصادية المطلوبة من هذه المشروعات.

وجاءت الندوة في إطار فعاليات المبادرة العربية للتعريف بالهيدروجين الأخضر والمشروعات الخضراء 2024، التي تهدف إلى تسليط الضوء على التطورات الحالية واستشراف المستقبل بقطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر في مصر والمنطقة العربية، من خلال تنظيم سلسلة من المحاضرات والمشروعات.

أزمة الطاقة

قالت أستاذة مساعدة الهندسة الكيميائية وهندسة البيئة في كلية الدراسات العليا للعلوم المتقدمة بجامعة بني سويف مستشارة وزير البيئة السابق الدكتورة أسماء حمودة، إن أزمة الطاقة الحالية قد دفعت بعض الدول إلى استعمال الفحم -الوقود الأكثر تلويثًا-.

وأضافت -في ورقة بحثية قدمتها خلال الندوة- أن هذا الاتجاه قد انتشر خاصةً بعد الحرب الروسية الأوكرانية بسبب انخفاض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز على نحو قياسي.

وتابعت أن التوسع في استعمال الفحم قد تسبّب في ارتفاع حجم الانبعاثات الكربونية ومستوياتها، رغم الخطط العالمية لمواجهة الاحتباس الحراري؛ حيث زادت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الفحم بنسبة بلغت نحو 1.7% في عام 2023.

واستطردت قائلة: “إنه من بين طرق إنتاج الطاقة من النفايات، التوسع في استعمال المخلفات العضوية بإنتاج الغاز الحيوي يمكن أن يكون بديلًا متجددًا ونظيفًا لإنتاج الكهرباء في المجتمعات غير المتصلة بالشبكة”.

ولفتت إلى أن حجم سوق الغاز الحيوي في الهند قد بلغ 1.40 مليار دولار أميركي في عام 2021، متوقعةً أن ينمو إلى 2.25 مليار دولار أميركي في عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركّب بنسبة 6.3% خلال المدة المتوقعة.

الدكتورة أسماء حمودة خلال مشاركتها في ندوة عن توليد الطاقة من النفايات

الغاز الحيوي وإنتاج الطاقة من النفايات

تشتمل النفايات الحيوية على مخلّفات الزراعة والطعام والأسمدة والسماد والصرف الصحي، وجميعها مواد خام تُستَعمل لإنتاج الغاز الحيوي.

وأوضحت الدكتورة أسماء حمودة أن نمو هذا القطاع يعتمد بشكل مباشر على وعي السكان بحماية البيئة، ونمو الرغبة في الحصول على الكهرباء والحرارة من مصادر الطاقة المتجددة.

وأشارت إلى أن مشروعات تحويل المخلفات الصلبة إلى طاقة تتسم بعدة منافع اقتصادية؛ مثل تقليص المساحات وتكاليف تصميم وتشغيل مكبّات أو مدافن المخلفات الصلبة.

بجانب العوائد المتوقّعة من بيع الكهرباء، والحفاظ على الموارد بدلًا من إهدارها، من خلال توفير النفط الخام والغاز الطبيعي للتصدير دون تكاليف إضافية، أو استعمالها في مجالات تدر قيمة مضافة أكبر مما لو حُرِق النفط والغاز لتوليد الكهرباء.

كما سلّطت الضوء على دور هذه التقنية في الحد من الانبعاثات الكربونية، والنهوض بالمستوى المعيشي والصحة العامة للمواطنين، وتوفير فرص عمل.

تكنولوجيات إنتاج الطاقة من النفايات الشائعة

أبرزت أستاذة مساعدة الهندسة الكيميائية أن هناك بعض الأمثلة للتكنولوجيا الشائعة في إنتاج الطاقة من النفايات، وهي:

التحليل الكيميائي الحيوي: مثل التخمر Fermentation، والهضم اللاهوائي Anaerobic Digestion، والتحلل الهوائي composting.

التحليل الكيميائي الحراري: مثل الحرق Incineration والتحلل الحراري في معزل عن الأكسجين Pyrolysis والتغويز Gasification، والتحميص Torrefaction.

وأشارت إلى أن تقنيات المعالجة البيولوجية تُستعمل على نطاق واسع مقارنةً بالعديد من العمليات الميكانيكية والكيميائية الأخرى، موضحة أنها تعتمد على إنتاج الطاقة من خلال الجزء القابل للتحلل البيولوجي من النفايات البلدية الصلبة.

وينتج عن هذه المعالجات الغاز الحيوي الذي يستعمل لإنتاج الكهرباء والحرارة، وهو أحد أبرز عناصر إنتاج الطاقة من النفايات.

وتُعد تقنية الهضم اللاهوائي Anaerobic Digestion أبرز أنواع المعالجة البيولوجية، وتتم في غياب الأكسجين عن طريق الكائنات الحية الدقيقة، وهي عملية إعادة تدوير طبيعية؛ حيث تتغذى هذه الميكروبات على المواد القابلة للتحلل الحيوي مثل مخلفات الطعام أو حمأة الصرف الصحي، فتكسرها إلى جزيئات أبسط، وينتج عن هذا التكسير غازات مثل الميثان، الذي يمكن استعماله مصدرًا للوقود والحرارة.

الدكتورة أسماء حمودة خلال مشاركتها في ندوة عن توليد الطاقة من النفايات
الدكتورة أسماء حمودة خلال مشاركتها في ندوة عن توليد الطاقة من النفايات

المعالجة الحرارية

قالت الدكتورة أسماء حمودة إن المعالجة الحرارية تعتمد على تقنيات عدة؛ وهي:

المعالجة الحرارية – الحرق Incineration:

تتكوّن عملية حرق النفايات البلدية الصلبة من مرحلتين:

  1. مرحلة الحرق داخل الأفران في وجود الهواء.
  2. مرحلة تنقية غازات الاحتراق أو تنظيف غازات الاحتراق.

حيث تُجمع النفايات وتُخزن في مستودع النفايات، ثم تُنقل إلى قمع النفايات من خلال الرافعة، ويحدث الاحتراق في الفرن.

المعالجة الحرارية – التغويز Gasification:

هي عملية الأكسدة الجزئية للنفايات لإنتاج غاز الوقود Syngas، وينتج غاز عنها الوقود الغني بالطاقة (مزيج من ثاني أكسيد الكربون والميثان والهيدروجين بشكل أساسي).

المعالجة الحرارية – التحلل الحراري Pyrolysis:

تسمى العملية التي تُحلل خلالها النفايات الصلبة حراريًا دون أكسجين بالتحلل الحراري.

وتُعالج المواد الصلبة المختلفة عند درجات حرارة مختلفة (تتراوح من 300 إلى 800 درجة مئوية)؛ حيث يتم الفصل الميكانيكي للمكونات الصلبة مثل المعادن والزجاج (المواد غير القابلة للتحلل).

ويكون الغاز الناتج عبارة عن خليط من الهيدروجين والميثان وأول وثاني أكسيد الكربون، وتتراوح قيمته الحرارية بين 15 و20 ميغاجول/متر مكعب.

وينتج التحلل الحراري للمواد البلاستيكية هيدروكربونًا سائلًا، وتظهر بعض الدراسات الحديثة أن هذه الهيدروكربونات يمكن تقطيرها لتكون لها خصائص مماثلة للوقود القائم على النفط (مثل البنزين والديزل).

ويمكن استعمال الغاز الحراري أو الصناعي الناتج عن التحلل الحراري في المحركات وخلايا الوقود، وفي الغلايات لتشغيل التوربينات لتوليد الكهرباء.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.