اقرأ في هذا المقال

  • كوريا الجنوبية تخطط لاستكشاف احتياطيات ضخمة من النفط والغاز في البحر الشرقي
  • مخاوف من أن تصبح مشروعات التنقيب عن الغاز في البحر الشرقي أصولًا عالقة
  • مشروعات الغاز قد تواجه سوقًا صعبة بسبب انخفاض الطلب على الغاز الطبيعي
  • تسارع جهود إزالة الكربون في كوريا الجنوبية يسهم في خفض الطلب على الغاز
  • من المتوقع أن تنخفض معدلات تشغيل محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز المسال

تتعرض استثمارات الغاز في كوريا الجنوبية لتهديد واضح، وسط تراجع الطلب، وجهود إزالة الكربون التي تبذلها الحكومة لتعزيز مسار تحول الطاقة.

يأتي ذلك تزامنًا مع إعلان حكومة كوريا الجنوبية -في أوائل يونيو/حزيران 2024- خططها لاستكشاف احتياطيات ضخمة من النفط والغاز في البحر الشرقي، تُقدَّر بنحو 14 مليار برميل نفط مكافئ، وفق ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

ويستهدف مشروع البحر الشرقي تلبية الطلب على النفط والغاز لمدة 29 عامًا و4 أعوام على الترتيب، مع خطط كوريا الجنوبية لإطلاق هذا المشروع بتكلفة تصل إلى 100 مليار وون كوري (72 مليون دولار أميركي) بنهاية 2024، مع توقُّع نتائجه الأولية في النصف الأول من 2025.

(الدولار الأميركي = 1388 وون كوري جنوبي).

ورغم الآمال المعقودة على مشروعات البحر الشرقي في تعزيز استثمارات الغاز في كوريا الجنوبية، فإن هناك تحذيرات من أن تصبح أصولًا عالقة وتقلّ جدواها الاقتصادية، بسبب انخفاض الطلب على الغاز محليًا، وتسارع جهود الانتقال نحو مصادر الطاقة النظيفة.

وعلى المدى الطويل، فإن التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة سيعزز أمن الطاقة واستدامتها في كوريا الجنوبية، ويقلل اعتمادها على الوقود الأحفوري.

انخفاض الطلب على الغاز

تستعد استثمارات الغاز في كوريا الجنوبية لتحول كبير مع تطور مشهد الطاقة في البلاد، وسط توقعات ببدء التشغيل التجاري لحقل غاز البحر الشرقي بحلول 2035، ولكنه قد يواجه سوقًا صعبة بسبب انخفاض الطلب على الغاز الطبيعي، على خلفية جهود تحول الطاقة، بحسب تقرير حديث صادر عن معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA).

وانخفض الطلب على الغاز في كوريا الجنوبية بنسبة 4.9% في عام 2023، ويُعزى ذلك إلى تزايد حصة الطاقة النووية والطاقة المتجددة في مزيج توليد الكهرباء، بالإضافة إلى تراجع استهلاك الغاز في المدن، بسبب ارتفاع تكاليف الاستيراد.

وبحسب بيانات معهد الطاقة البريطاني، فقد بلغ استهلاك الغاز في كوريا الجنوبية 60.1 مليار متر مكعب عام 2023، انخفاضًا من 62.4 مليار متر مكعب عام 2022.

محطة غاز لتوليد الكهرباء – الصورة من POWER Magazine‏

وبالنظر إلى المستقبل، من المرجّح أن يستمر التزام كوريا الجنوبية بجهود إزالة الكربون لتعزيز الانتقال نحو الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مع خطط حكومية لتقليل حصة الغاز المسال في مزيج الكهرباء من 26.8% عام 2023 إلى 11.1% بحلول عام 2038، وهو ما قد يكون له تداعيات كبيرة على استثمارات الغاز في كوريا الجنوبية.

وفرة المعروض

من المتوقع أن تشهد سوق الغاز في كوريا الجنوبية انخفاضًا تدريجيًا في الطلب على مدى السنوات المقبلة، مدفوعةً بتقلص عدد السكان وتباطؤ النمو الاقتصادي.

وتقدّر وزارة التجارة والصناعة والطاقة في كوريا الجنوبية أن الطلب على الغاز سينخفض ​​بمعدل 1.38% سنويًا، ليصل إلى 37.66 مليون طن متري (51.21 مليار متر مكعب) بحلول عام 2036، وفق ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

وفي الوقت نفسه، تواجه سوق الغاز العالمية فائضًا كبيرًا في المعروض بداية من عام 2026، على إثر التوسعات الإنتاجية واسعة النطاق في الولايات المتحدة وقطر، ما سينعكس على استثمارات الغاز في كوريا الجنوبية.

ويتوقع معهد اقتصادات الطاقة أن تصل قدرة إنتاج الغاز المسال عالميًا إلى 666.5 مليون طن سنويًا بحلول عام 2028، ومن المرجح أن يؤدي هذا الفائض إلى وفرة إمدادات الغاز الطبيعي الرخيصة، مع قدرة العقود طويلة الأجل والمشتريات من السوق الفورية على تلبية الطلب في المستقبل.

استثمارات الغاز في كوريا الجنوبية تتعرض للخطر

يشوب استثمارات الغاز في كوريا الجنوبية مخاطر كبيرة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالإنفاق على مشروعات التنقيب عن الغاز غير المؤكدة، وذات المخاطر العالية التي تنطوي على معدلات نجاح منخفضة.

ويزداد الوضع الحالي تعقيدًا، لأن محطات استيراد الغاز المسال ومحطات الكهرباء التي تعمل بالغاز المسال في كوريا الجنوبية تشهد -بالفعل- معدلات استعمال أقلّ بسبب ضعف الطلب.

وتخطط الجهات الفاعلة الحالية والجديدة في السوق للتوسع في استثمارات الغاز في كوريا الجنوبية، من خلال استكمال 11 مشروعًا لمحطات الغاز المسال بحلول عام 2031؛ ما سيجلب 37 مليون طن سنويًا إضافية من قدرة إعادة التغويز، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وهذا من شأنه أن يرفع قدرة استيراد الغاز المسال في كوريا الجنوبية إلى 190 مليون طن سنويًا من 153 مليون طن سنويًا حاليًا، بتكلفة تقديرية تصل إلى 11.3 تريليون وون كوري (8.1 مليار دولار أميركي).

ولدى البلاد خطة طموحة لإزالة الكربون، ما سيؤثّر بشكل كبير باستثمارات الغاز في كوريا الجنوبية، إذ إنه بحلول عام 2036، من المتوقع أن تنخفض معدلات تشغيل محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز المسال إلى 10-20%، مقابل من 41.7% في عام 2023.

ومع سعي الدولة للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، فإن احتياطيات الغاز الطبيعي المكتشفة حديثًا في البحر الشرقي قد لا تُستغل إلّا لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 عامًا فقط، بالنظر إلى أنها ستبدأ التشغيل التجاري عام 2035.

وهذا يثير تساؤلات حول جدوى استثمارات الغاز في كوريا الجنوبية على المدى الطويل، مع احتمالات وجود أصول عالقة وبنية تحتية غير مستغلة، وسط استمرار انخفاض الطلب والتحول نحو مصادر الطاقة النظيفة.

تراجع دور الغاز في أمن الطاقة

فيما يتعلق بتحقيق أمن الطاقة على المدى الطويل؛ تحتلّ مصادر الطاقة المتجددة مركز الصدارة، بينما يتراجع دور الغاز الطبيعي خاصة مع تقلبات الأسعار بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ولذلك يجب أن تركّز كوريا الجنوبية على تطوير موارد الطاقة النظيفة بدلًا من احتياطيات النفط والغاز، وفق التقرير.

ناقلة غاز طبيعي مسال
ناقلة غاز طبيعي مسال – الصورة من Bloomberg‏

وفي عام 2022، واجهت كوريا الجنوبية عبئًا إضافيًا قدره 17 مليار دولار أميركي من التكاليف، بسبب اعتمادها المفرط على توليد الكهرباء بالغاز، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

فضلًا عن ذلك، فإنه على الرغم من أن الغاز الطبيعي ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون أقل من أنواع الوقود الأحفوري الأخرى، فهو مثير للجدل بسبب انبعاثات الميثان العالية التي لها تأثير احترار أكبر من الكربون خلال مدة زمنية قصيرة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.