باتت تقنيات الطاقة الشمسية في أستراليا تحت المجهر خلال الآونة الأخيرة، وسط حالة رعب أثارتها تفجيرات إسرائيل أجهزةَ نداء وإلكترونيات قبل أيام.
ويبدو أن هناك حربًا تقنية -موازية للحرب الدائرة في الشرق الأوسط- تدور في الحكومات والشركات والمعنيين بتقنيات الطاقة النظيفة الحديثة؛ ما أثار مخاوف برلماني أسترالي من استعمال تقنيات شركات صينية قد تتأثر بأيّ محاولة للاختراق.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) مساعي أستراليا لاحتواء هذه المخاوف، تدرس هيئات معنية بقطاعات الطاقة والكهرباء ضرورة تطبيق إجراءات تضمن الأمن السيبراني.
ورهن معنيّون طموحات تحول الطاقة في أستراليا بسبل تأمينها من اختراقات محتملة، أو هجمات مماثلة لما شنّته إسرائيل على إلكترونيات حزب الله ومدنيين في لبنان.
وحال اتّساع المخاوف من هذه التهديدات التقنية، قد ترتبك خطط أستراليا تجاه تطوير مشروعات الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية والبطاريات، ما قد يعطّل أهدافها المناخية.
تهديد صيني!
تعتمد تركيبات الطاقة الشمسية في أستراليا على تقنيات وتطبيقات وبرمجيات صينية، ورغم أن الصين بعيدة عن هجمات إسرائيل الإلكترونية على حزب الله، فإن هناك مخاوف من تكرار ما حدث في لبنان.
ويبدو أن الأمر تحوّل من مخاوف هيمنة الصين على تقنيات الطاقة النظيفة إلى “رعب إلكتروني” من التطبيقات عمومًا، بعدما فجّرت إسرائيل عن بُعد الآلاف من أجهزة التواصل.
وحذّر البرلماني نائب رئيس الوزراء السابق، بارنابي جويس، من وقوع التركيبات الشمسية على الأسطح وسخانات المياه في بلاده تحت وطأة التهديد.
وقال جويس -المعروف بعدائه للطاقة المتجددة-، إن التطبيقات الأسترالية قد تتعرض لاستعمالات سيئة من “أطراف فاعلة”.
وأضاف أن هناك ضرورة مُلحّة للتيقن من قدرة أستراليا على وقف تشغيل أجهزة التحميل في السخانات المثبتة على الأسطح، خاصة بعدما أبدى قلقه -في وقت سابق- من نشر 200 ألف سخان مياه يعمل بالطاقة الشمسية على أسطح المنازل في البلاد.
وشدد على أن التأكد من سلامة التقنيات والتطبيقات المستعملة بقطاع الطاقة الشمسية في أستراليا، وقطاعات الطاقة النظيفة الأخرى، من صميم العمل السياسي قبل الأمني، خاصة بعد بثّ تفجيرات أجهزة حزب الله في لبنان على الهواء أمام العالم.
مخاطر محتملة
سلّطت التصريحات التي أدلى بها البرلماني “بارنابي جويس” -خلال مشاركته في برنامج صن رايز على شبكة 7 التلفازية- الضوء على تبعات نشر تطبيقات الطاقة الشمسية في أستراليا وتقنيات الطاقة النظيفة، في توقيت تكافح فيه البلاد للتوسع بها.
وربما ربط محللون بين مخاوف جويس حول تكرار الهجمات على أجهزة الاتصالات والتقنيات، وبين القناعات التي يعكسها نشاطه الحزبي والمجتمعي ودعمه للوقود الأحفوري على حساب نشر التقنيات النظيفة، مثل: المحولات وعاكسات الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية وغيرها.
ورغم محاولة مقدمة البرنامج تأكيد عدم تورّط شركات صينية في انفجارات لبنان، فإنه استدعى الروح (السياسية- الأمنية)، قائلًا: “أنا لست معتوهًا، وأسعى للتأكد من عدم تعرُّض البلاد لأيّ تهديد محتمل”.
وقال، إنه من المنطقي أن يبدأ مستهلكو تطبيقات الطاقة الشمسية في أستراليا -خاصة تركيبات الأسطح- في طرح تساؤلات حول كيفية تحديث التطبيقات واحتمال تعرُّض سياراتهم للتتبّع والمراقبة.
وتابع مشيرًا إلى أن تساؤلات المستهلكين يجب أن تتضمن بلد المنشأ لهذه التقنيات، والأهداف من ورائها.
حلول آمنة
تفاقمت المخاوف الإلكترونية والتقنية في أستراليا، إلى أن دفعت وزيرة البيئة “تانيا بليبرسك” لتأكيد ضرورة الأخذ بالحيطة والحذر.
وقالت بليبرسك، إن الأجهزة المنزلية مثل الثلاجات والأفران، وكذلك السيارات وغيرها من الإلكترونيات، تحمل بداخلها حواسيب يمكن التحكم بها عن بعد، وفق تفاصيل الحلقة والتصريحات الأخرى ذات الصلة المنشورة بموقع رينيو إيكونومي (Renew Economy).
وتوالى المشاركون في حلقة البرنامج في طرح آرائهم حول سبل تجنّب التهديدات التقنية المحتملة.. وتضمَّن ذلك:
1) قانون التصنيع المحلي:
دعا مشاركون في الحلقة ومحللون لتحويل مخاوف البرلماني “بارنابي جويس” إلى حلول عملية، وطالبوا جويس وائتلافه الداعم للوقود الأحفوري بدعم برامج التصنيع المحلي، خاصة برنامج “صنع في أستراليا”.
ويهدف البرنامج إلى ضمان دور أستراليا في تأمين سلسلة التوريد، عبر تعزيز القدرة على تصنيع تطبيقات الطاقة الخضراء “الألواح الشمسية، والبطاريات” محليًا.
وانتقد المشاركون عرقلة تصنيع السيارات، مؤكدين أن دعم مشروع قانون التصنيع المستقبلي في أستراليا برلمانيًا يعزز استيعاب هذه المخاوف، عبر التركيز على تصنيع الألواح الشمسية والبطاريات داخل حدود البلاد.
2) ثغرة السيارات الكهربائية:
بالإضافة إلى تركيبات الطاقة الشمسية في أستراليا، خلص خبراء إلى أن السيارات الكهربائية تعدّ جانبًا مهمًا للتهديدات التقنية، خاصة من البطاريات.
وأفاد نائب الرئيس التنفيذي لمجلس الطاقة الذكية “واين سميث” بأن تصنيع السيارات الكهربائية محليًا في أستراليا شهدَ تأخرًا، مقارنة بأسواق عالمية أخرى.
وفي الوقت ذاته، رفض سميث المخاوف من استيراد الألواح الشمسية وبطاريات التخزين والسيارات الكهربائية من الصين، مشيرًا إلى أن هذه المخاوف ترتبط بآراء رافضة لنشر الطاقة المتجددة وتقنياتها في البلاد.
وأضاف أنه من الطبيعي أن تستقبل أستراليا سنويًا سيارات كهربائية منخفضة التكلفة، نظرًا لما تتمتع به البلاد من إمكانات تضمن توافر الوقود.
3) الأمن السيبراني:
كشفت وزيرة البيئة تانيا بليبرسك أن هناك إجراءات حكومية لاحتواء أيّ تهديدات محتملة، سواء لتركيبات الطاقة الشمسية في أستراليا أو غيرها من تطبيقات الطاقة النظيفة.
ورصدت الحكومة الأسترالية 600 مليون دولار للاستثمار في إستراتيجية الأمن السيبراني في البلاد، وحصل مشغّل سوق الطاقة في البلاد أيمو (AEMO) على صلاحيات رسمية لتأمين نظام الكهرباء الأسترالي.
وأكدت مسؤولة لجنة سوق الطاقة (AEMC)، آنا كولير، أن ضمان موثوقية ومرونة الكهرباء في البلاد تحتاج إلى إجراءات سيبرانية قوية، مشيرة إلى أنه لا استغناء عن هذه الإجراءات في مسيرة تحول الطاقة.
ومن خلال مشروع الأمن السيبراني، يعزز مشغّل سوق الطاقة مرونة السوق الوطنية للكهرباء ضد التهديدات المطورة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..