استحوذت استعمالات الطاقة الشمسية في ألمانيا على اهتمام الباحثين في مجال الزراعة، ضمن إطار تجارب تستهدف مضاعفة الاستفادة من الطاقة المتجددة عبر تحسين نمو المحاصيل وزيادة إنتاجها.

وأثبتت عدّة تجارب في أوروبا وأميركا أن المحاصيل التي تنمو في الظلال المحمية بالألواح الشمسية تحقق إنتاجًا مرتفعًا، بفضل حمايتها من الأشعة المباشرة ومن موجات البرد، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وتسعى شركة الطاقة السويدية “فاتنفول” لتجربة استعمال الطاقة الشمسية في ألمانيا، من خلال تنفيذ أحد أكبر المشروعات الزراعية المغطاة بالألواح الشمسية في أوروبا حتى الآن.

وأثبت تجارب الشركة أن استعمال الألواح الشمسية في الأراضي الزراعية يمكن أن تنتج الغذاء بكميات وفيرة، عن طريق دمجها مع الزراعة، ما يعزز إنتاج الطاقة المتجددة والحفاظ على الأراضي الزراعية للمحاصيل والماشية.

وطبّقت فاتنفول التجربة في قرية توتزباتز بشمال شرق ألمانيا، التي يسكنها أقل من 600 نسمة، من خلال بناء حديقة شمسية واسعة مثبتة على الأرض، بمساحة 93 هكتارًا (221 فدان)، بما يعادل 130 ملعبًا لكرة القدم.

وتحتوي الحديقة الشمسية الواسعة، التي تُعدّ محطة مبتكرة للطاقة الشمسية، على 150 ألف وحدة شمسية، بإجمالي إنتاج يبلغ نحو 80 ميغاواط، موزعة على 3 مناطق متميزة.

تجربة لم يسبق لها مثيل

يرى رئيس قسم الطاقة الشمسية في شركة فاتنفول، كلاوس فاتيندروب، أن تجارب الطاقة الشمسية في ألمانيا المطبّقة في الزراعة بقرية توتزباتز، تمثّل مشروعًا رائدًا حقيقيًا، يندمج فيه نمو المحاصيل مع إنتاج الطاقة المتجددة على نطاق لم يسبق له مثيل.

وتسعى شركة فاتنفول، من خلال المحطة المبتكرة للطاقة الشمسية في قرية توتزباتز، إلى توسيع نطاقها على المستوى التجاري، بعد أن تثبت أن الزراعة المستدامة وإنتاج الطاقة يمكن أن يكمل كل منهما الآخر بصورة نموذجية.

ألواح شمسية في محيط أراضٍ زراعية – الصورة من Global IMI

وتجرّب هولندا أيضًا مشروع سيمبيزون (Symbizon)، وهو محطة مبتكرة للطاقة الشمسية على نطاق أصغر قليلًا من المحطة الألمانية بسعة 0.7 ميغاواط، بهدف اكتشاف التعايش الأمثل بين الأرض الصالحة للزراعة والألواح الشمسية.

ومع ذلك، تواجه مشروعات الطاقة الشمسية المطبقة في قطاع الزراعة انتقادات، بزعم أنها تشغل مساحة من الأراضي الزراعية الثمينة، لكن هذا لا ينطبق على الأنظمة الكهروضوئية الزراعية، التي يتعايش فيها إنتاج الزراعة والطاقة بشكل متناغم، دون أيّ منافسة على الأراضي.

أكبر مشروع للطاقة الشمسية الزراعية

يساعد استعمال الطاقة الشمسية في ألمانيا بقطاع الزراعة على تحسين كفاءة الأراضي والتوسع في إنتاج الطاقة المتجددة، مع الحفاظ في الوقت نفسه على الأراضي الزراعية الخصبة، وتحقيق مصدر دخل إضافي للمزارعين.

ويبدو أن ارتفاع دخل المزارعين أحد الأسباب وراء احتضان سكان توتزباتز لهذا المشروع واسع النطاق، حيث يفتخر عمدة المدينة، رولاند شولتز، بأن مجتمعه الصغير يرتبط الآن بأكبر مشروع للطاقة الشمسية الزراعية في أوروبا، بحسب ما جاء في تقرير نشره موقع إي في ويند المتخصص (evwind).

تقسيم المزرعة الشمسية إلى وحدات
الطاقة الشمسية في ألمانيا في مزرعة مقسمة إلى وحدات- الصورة من Agricultural Land

وأوضح مدير مشروع الطاقة الشمسية في ألمانيا، مراد أوزدن، أن الحديقة الشمسية الواسعة بقرية توتزباتز تنقسم إلى 3 أجزاء، أحدها مخصص لتربية 15 ألف دجاجة، باستعمال وحدات شمسية مركبة بزاوية أكثر انحدارًا وارتفاعًا.

ويضمن تصميم الزاوية الأكثر انحدارًا منع الدجاج من الطيران على الوحدات، إضافة إلى وضع أسوار حول هذه الأقسام لضمان بقاء الدجاج في المناطق المخصصة له دون الاختلاط بالمناطق المجاورة.

ويخصص القسمان الآخران لزراعة المحاصيل، مع تركيب الألواح الشمسية على محور، يسمح لها بالميل من الشرق إلى الغرب، متتبعة مسار الشمس طوال اليوم، وهو الأسلوب المتبع في مشروع سيمبيزون الهولندي.

وتميل وحدات الألواح الشمسية على وضع شديد الانحدار (يصل إلى 60 درجة) خلال الحصاد والزراعة، ما يسمح للآلات الزراعية الضخمة بالعمل والمناورة بين الصفوف لحصاد المحاصيل، وإذا احتاج المزارع لمساحة أكبر لاستغلال الأرض بالآلات، فيمكنه إمالة الألواح حسب الحاجة.

ونجحت مشروعات استعمال الطاقة الشمسية الزراعية التجريبية في زيادة إنتاج القمح الشتوي والبطاطس خلال السنوات المشمسة والجافة خصوصًا، حيث توفر الألواح الكهروضوئية الحماية لها.

وتشير التجارب الأولية إلى أن الخضروات المحلية، مثل البطاطس والخيار والهليون، يمكن زراعتها وتحقيق إنتاج عالٍ منها في ظل هذه أنظمة المبتكرة لدمج الطاقة الشمسية مع الاستعمالات الزراعية.

موضوعات متعلقة ..

اقرأ أيضًا ..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.