رصد تقرير حديث تحديات “غير متوقعة” تواجهها الصناعة العالمية بسبب الطاقة الشمسية في الصين خلال السنوات الأخيرة، وسط رحلة إزالة الكربون من قطاع الكهرباء تحقيقًا لأهداف مكافحة تغير المناخ.
وتُعدّ الصين أكبر منتج لمكونات ألواح الطاقة الشمسية، وتتلقّى الصناعة إعانات مالية ضخمة من الحكومة بقيادة الرئيس شي جين بينغ، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتسبَّب الدعم الزائد للقطاع الصيني في ظهور مشكلة الطاقة الإنتاجية الفائضة التي لم تعد تعانيها الشركات المصنّعة في باقي دول العالم فحسب، بل امتدت إلى داخل الصين أيضًا.
لكن على الجانب الآخر، أسهمت صناعة الطاقة الشمسية في الصين بانخفاض تكاليف التركيبات وأسعار الكهرباء.
الطاقة الإنتاجية الزائدة
زادت شعبية مصادر الطاقة المتجددة، وارتفع الطلب عليها، لكن المعروض العالمي من الألواح الشمسية يتجاوز الطلب الحالي بمقدار 2 تيراواط.
وتهيمن الصين على مراحل سلسلة التوريد الشمسية العالمية من البولي سيليكون وحتى المنتج النهائي (الوحدات الشمسية)، وفق بيانات شركة الاستشارات وود ماكنزي.
وارتفعت قدرات إنتاج الوحدات الشمسية الصينية في العام الماضي (2023) إلى نحو ألف غيغاواط (1 تيراواط)، ما يمثّل 5 أضعاف بقية دول العالم مجتمعة.
بدوره، ردّ النائب الأول لوزير المالية الصيني لياو مين، على فائض قدرات الإنتاج، قائلًا، إن بلاده تساعد العالم في مكافحة تغير المناخ واحتواء التضخم، من خلال إتاحة منتجات مصنعّة ذات قيمة جيدة مقابل المال.
ووصف الخلل في التوازن بين العرض والطلب بالأمر “الطبيعي” لأيّ اقتصاد، مُرجعًا إياه إلى الشركات المحلية التي تتخذ قراراتها الاستثمارية الخاصة، مع آمال بارتفاع الطلب.
آثار إيجابية
أدت الزيادة بمعروض منتجات صناعة الطاقة الشمسية في الصين إلى تراجع الأسعار بالنسبة للمستهلكين، وسجلت شركة التحليلات “بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس” انهيار أسعار الطاقة الشمسية بأكثر من 60% منذ يوليو/تموز (2022).
وكان لانهيار الأسعار تأثير إيجابي؛ إذ زاد عدد التركيبات الشمسية بين المستهلكين والشركات، وفق تقرير لمنصة “نيوز دوت إيه زد” الأذربيجانية.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تتجاوز الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية تلك المنتجة من طاقة الرياح والطاقة النووية بحلول عام 2028.
أزمة شركات الطاقة الشمسية
أوجد فائض قدرات إنتاج معدّات الطاقة الشمسية في الصين مشكلات عديدة للمصنّعين، وخاصة في أوروبا والولايات المتحدة؛ بسبب رخص المكونات الصينية مقارنة بغيرها.
ويهدد ذلك ربحية الكثير من الشركات الأوروبية، وطموحات الرئيس الأميركي جو بايدن لجعل أميركا رائدة بقطاع الطاقة المجددة عالميًا.
كما يفرض خطرًا على مستقبل وظائف العاملين بالمصانع هناك، الذين يزيد عددهم عن 800 ألف شخص في أوروبا، ونحو 265 ألفًا في الولايات المتحدة.
ونتيجة للصعوبات المالية التي يواجهها المصنّعون جراء الزيادة بالمعروض، اضطروا إلى البحث عن سبل للتكيف مع الوضع القائم.
وكانت شركة سولار واط الألمانية إحدى ضحايا فرط إنتاج الطاقة الشمسية في الصين، رغم كونها (سابقًا) “رمزًا” لطموحات أوروبا في قطاع الطاقة المتجددة، وافتتاحها مصنعًا جديدًا في مدينة دريسدن بنهاية عام 2021.
وبسبب الضغوط التي تعرضت لها، وللحفاظ على تنافسيتها، تستعد لشركة حاليًا لنقل مواقع إنتاجها إلى الصين.
الطاقة الشمسية في الصين
لم تكن الشركات المحلية المهيمنة على سوق الطاقة الشمسية في الصين بعيدة عن الأزمة العالمية.
واعترف مدير الرابطة الصينية لصناعة الطاقة الكهروضوئية وانغ يو هوا بأن الشركات لا تعمل بطاقتها القصوى، وتواجه تأخيرات في سداد القروض وتسليم الطلبات.
ولحلّ الأزمة، دعا إلى تخفيف حدّة فائض قدرات الإنتاج ووقف هدر الموارد، من خلال تسريع عمليات الاندماج بالقطاع ووقف تمويل مشروعات جديدة.
وفي ظل الضغوط الحالية، ربما يكون على شركات الطاقة الشمسية في الصين الاختيار ما بين استمرار مستويات الأسعار المنخفضة حاليًا، أو خفض الإنتاج لتحقيق الاستقرار المالي.
وفي مارس/آذار 2024، أعلنت أكبر شركات الألواح الشمسية في العالم “لونغي” الصينية خفض عدد العاملين بها بنسبة 5%، إلى 4 آلاف عامل.
كما خسرت أكبر شركتين لتصنيع الوحدات الشمسية الصينية، “لونغي” و”تونغوي”، أكثر من مليار دولار خلال النصف الأول من العام الجاري (2024).
تدابير حمائية
أدى الدعم الحكومي الصيني إلى انفجار قدرات تصنيع الطاقة الشمسية، وزيادة الإنتاج والصادرات، مع خفض الأسعار.
وتتميز الصناعة الصينية عن غيرها بانخفاض تكاليف الإنتاج، بفضل تدنّي الأجور وتوافر الأراضي اللازمة لبناء المصانع وتسهيلات المصارف الحكومية.
واستجابت الحكومة الأميركية لدعوات الصناعة بفرض إجراءات لحماية الصناعة المحلية من الانهيار؛ بسبب فائض الإنتاج الصيني، كما تدرس أوروبا اتخاذ خطوة مماثلة.
وفرضت واشنطن رسومًا جمركية تتراوح بين 25% و50% على الألواح الشمسية المستوردة من الصين، لكن بعض الشركات الأميركية ما زالت تعتقد أن الإجراءات الحالية غير كافية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..