سجّل التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة مؤخرًا انتصارًا مهمًا على يد أنصار البيئة الساعين لتوفير “مناخ مستدام” في ولاية هاواي.
وفي 20 يونيو/حزيران (2024)، أُسدِل الستار على دعوى كان قد رفعها 13 من شباب الولاية في 2022 ضد السلطات المحلية بتسوية مع الحكومة، فيما عُدّ أول قضية مناخية دستورية تركّز على النقل ويقودها الشباب، وفق معلومات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وكان من أبرز نتائج الدعوى أن إدارة النقل أصبحت مُلزمة قانونًا بتغيير ملامح المنظومة، وصولًا لتحقيق الحياد الكربوني بالقطاع بحلول عام 2045.
وبحسب أحد المحامين المشاركين، فالاتفاق بين النشطاء وحاكم الولاية بمثابة “خارطة طريق متكاملة” ينبغي أن تحذو حذوها الولايات الأخرى ودول العالم.
وكان العالم بشؤون الطاقة المتجددة والأستاذ بجامعة ستانفورد الأميركية مارك جاكوبسون أحد من استعان بهم النشطاء للشهادة أمام القضاء، بعد أن طوّر خططًا لتتحول كل الولايات إلى مصادر الطاقة المتجددة.
إنتاج الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة
علّق الأستاذ بجامعة ستانفورد الأميركية مارك جاكوبسون على الفجوة في توزيع توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة؛ إذ تستفيد ولايات بعينها من توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بصورة أكثر من غيرها.
وبالفعل، رصد تقرير لمنظمة “كلايمت سنترال” (Climate Central) في أبريل/نيسان (2024) تصدُّر ولاية كاليفورنيا للزيادة في إنتاج الطاقة الشمسية خلال العام الماضي (2023) بمقدار 8 أضعاف، مقارنة بعشر سنوات مضت، إلى أكثر من 238 غيغاواط/ساعة، كما تضاعف إنتاج طاقة الرياح إلى 425 غيغاواط/ساعة بقيادة تكساس.
وأيضًا، خلال النصف الأول من العام الجاري (2024)، استحوذت الطاقة الشمسية على الحصة الكبرى من إضافات قدرات توليد الكهرباء عند 12 غيغاواط، واستحوذت ولايتا تكساس وفلوريدا على نحو 38% من جميع إضافات قدرات الطاقة الشمسية.
وتَركَّز نمو قدرات تخزين الكهرباء في 4 ولايات تصدّرتها كاليفورنيا بنسبة 37%، تليها تكساس وأريزونا ونيفادا بنسب 24% و19% و13% على الترتيب.
وشكّلت طاقة الرياح 12% من إضافات قدرات الكهرباء خلال النصف الأول بمقدار 2.5 غيغاواط، وكان أكبر الإضافات من نصيب تكساس التي شهدت تشغيل مشروعين بقدرة 309 و266 ميغاواط خلال النصف الأول، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الصادرة في أغسطس/آب (2024).
%100 مصادر متجددة
لسدّ تلك الفجوة وتحقيق التوازن، قدّم جاكوبسون رؤيته التي ترمي إلى زيادة نشر مصادر الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة الأخرى والكهربة على نطاق واسع، كما دعا السلطات لتطبيق سياسات مُلزمة بالتحول الكامل إلى المصادر المتجددة.
وفي حوار أجراه مع منصة “بي في ماغازين” (pv-magazine) قال: “هدفي هو حل المشكلات، والحل هو توليد كهرباء نظيفة ومن مصادر متجددة بنسبة 100% لـ100% من المواطنين” بغضّ النظر عن انتمائهم السياسي، ولو أن الولايات التي يديرها حكام منتمون للحزب الديمقراطي هم الأكثر اهتمامًا بالتحول الكامل إلى الطاقة المتجددة.
وعلى الناحية الأخرى، ألقى باللوم على شركات النفط الكبرى بالوقوف وراء القبضة المُحكمة للوقود الأحفوري على ولايات بعينها.
ويرى جاكوبسون أن تقنيات الطاقة النووية واحتجاز الكربون والهيدروجين الأزرق والوقود الاصطناعي والوقود الحيوي والتقاط الهواء المباشر غير مفيدة وغير قابلة للاستعمال.
وفي المقابل، قال، إن ثمة تقنيات أخرى أكثر كفاءة وأقل استهلاكًا للطاقة، مثل المضخات الحرارية.
وإجمالًا، دعا إلى توخّي الحذر عند اختيار مصادر الطاقة، وكذلك استعمالها بحكمة، وتقليل الاستهلاك لتحقيق الكفاءة.
احتجاز الكربون وتخزينه
تَعُدّ وكالة الطاقة الدولية (IEA) تقنية احتجاز الكربون وتخزينه أحد المجالات الرئيسة لوضع أنظمة الطاقة على طريق الاستدامة، وبكونها ضرورة بسبب عدم توافر بدائل أفضل.
على الناحية الأخرى، يعارض خبير شؤون الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة مارك جاكوبسون تقنية احتجاز الكربون وتخزينه بناءً على تجربته في 2023 لإعداد ورقة بحثية بشأن دراسة مقترح استعمال التقنية في 23 مصفاة لتكرير الإيثانول في 5 ولايات ونقل ثاني أكسيد الكربون عبر خط أنابيب تحت الأرض.
وقال، إن إضافة التقنية للمشروعات بحاجة دائمًا إلى الكهرباء والمعدّات، في حين إنه يمكن خفض إطلاق انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عبر استعمال الكهرباء والمعدّات مباشرة، وليس لتشغيل تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
واتّهم مستعملي التقنية بزيادة انبعاثات الكربون وإساءة استعمال الكهرباء وزيادة تلوث الهواء والتنقيب عن الوقود الأحفوري، لأنه لا يمكن التخلص من كل التلوث الناجم عنه.
تتفق وجهة نظر الخبير مع دراسة أجرتها جامعة ستانفورد في ديسمبر/كانون الأول (2023)، قالت، إن الاعتماد بشدّة على احتجاز الكربون وتخزينه تبديد للموارد الاقتصادية.
كما أكد مركز أبحاث “كربون تراكر” (Carbon Tracker) أن تقنية احتجاز الكربون وتخزينه لا تأخذ في الحسبان انبعاثات التنقيب واستخراج ونقل الغاز الطبيعي.
وبناءً على ذلك، لا ينبغي عدّ مشروعات الهيدروجين الأزرق والغاز التي تستعمل التقنية “منخفضة الانبعاثات الكربونية” ما لم تضمن استعمال غاز طبيعي ذي انبعاثات منبع منخفضة، مع تحقيق معدلات عالية لاحتجاز الكربون.
وتصدرت الولايات المتحدة قائمة أكثر الدول امتلاكًا لسعة احتجاز الكربون وتخزينه عالميًا، عند 22.5 مليون طن سنويًا في العام الماضي (2023)، ارتفاعًا من 21.8 مليون طن سنويًا في 2022.
وتتوقع شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي أن تأتي 70% من استثمارات احتجاز الكربون وتخزينه من أميركا الشمالية وأوروبا.
وخلال 10 سنوات، ستصل قدرات احتجاز الكربون عالميًا إلى 440 مليون طن سنويًا، وقدرات تخزينه إلى 664 مليون طن سنويًا، وهو ما يستلزم زيادة الاستثمارات إلى 196 مليار دولار بحلول عام 2034.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..