هل تخيلت يومًا أن الطاقة المتجددة يمكنها تشغيل منشأة بحثية في القطب الجنوبي بالكامل، دون الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري؟ ربما كانت الإجابة قطعيًا بـ”لا”، نظرًا إلى اكتساء الموقع بالثلوج ودرجات الحرارة المنخفضة للغاية.
وحتى وقت كتابة هذه السطور، تعتمد محطة أمندسن سكوت البحثية الأميركية على الديزل، وقد يشكل التحول إلى الطاقة النظيفة نقلة نوعية لها بالنسبة لتكلفة الوقود، بالإضافة إلى أنه سيشكل سابقة علمية.
وفي خطوة مفاجئة، أثبتت دراسة تحليلية -اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- أن الطاقة النظيفة يمكنها تشغيل المحطة بنسبة 100%، ما يوفّر تكلفة الإنفاق على وقود الديزل ويتجنّب إطلاق أطنان الانبعاثات.
وأُعدت الدراسة بتعاون علماء وباحثين في: (مختبر أرغون التابع لوزارة الطاقة، والمختبر الوطني للطاقة المتجددة) الأميركيين، بناء على مشاركة من بعض ذوي خبرة العمل السابقة في القطب الجنوبي.
نظام هجين
خلص العلماء إلى أنه يمكن تشغيل المحطة بالطاقة المتجددة، عبر دمج “الطاقة الشمسية الكهروضوئية، والرياح” مع طاقة التخزين في بطاريات الليثيوم أيون.
وأشاروا إلى أنه في هذه الحالة سيخضع تشغيل المحطة لخيارين؛ إما العمل بالطاقة المتجددة بالكامل، وإما تشكيل نظام هجين يدمج المصادر النظيفة مع الكهرباء المولدة بالديزل التي تعتمد عليها المحطة حاليًا.
وقالت مسؤولة برنامج التخزين في مختبر “أرغون”، سوزان بابينيك، إن نجاح تجربة التشغيل الكامل بالمصادر النظيفة يعتمد على نوعية البطاريات المستعملة في التخزين، إذ ينبغي اختيار بطاريات لديها قدرة تخزين طويلة الأجل.
وبعد تحليل مفصل أجراه الباحثون، اتفقوا على أن أفضل الخيارات على الإطلاق فيما يتعلق بالتكلفة هو اعتماد نظام تخزين يعمل بالطاقة الشمسية والرياح بالإضافة إلى طاقة بطارية الليثيوم أيون معًا.
وضربوا مثالًا بنظام تخزين هجين يتكوّن من: 180 كيلوواط من الألواح الشمسية الكهروضوئية، و570 كيلوواط من توربينات الرياح، و3.4 ميغاواط/ساعة من بطارية ليثيوم أيون.
مزايا التحول
يحمل الانتقال للاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في النظام الهجين السابق ذكره مزايا عدة، أبرزها توفير الكهرباء اللازمة لإحدى أبرز محطات البحث على الصعيد العالمي.
يأتي هذا بالإضافة إلى توفير مليارات الدولارات مع الاستغناء عن وقود الديزل، إذ ينخفض استهلاك الوقود الملوث بنسبة 95%.
ويتكلّف نظام التخزين المتجدد 9.7 مليون دولار، ما يوفّر على مدار 15 عامًا ما مقداره 57 مليون دولار.
وعلى المستوى البيئي، يسمح نظام التخزين الهجين المعتمد على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة بتجنّب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يصل إلى 1200 طن متري.
ويؤمّن النظام تدفقات الكهرباء للمحطة البحثية في القطب الجنوبي، غير أن الدمج الهجين لمصادر مختلفة ونظيفة في آن واحد يضمن تشغيلًا موثوقًا وآمنّا ومرنًا أيضًا.
ويكتسب النظام مرونته من قابلية تجاوز الأعطال في ظل تنوع مكوناته، بالإضافة إلى الانخفاض المتواصل حاليًا والمتوقع مستقبلًا لأسعار الرياح والطاقة الشمسية والبطاريات.
تفاصيل المحطة
تعتمد محطة أدمنسن سكوت البحثية في القطب الجنوبي حاليًا على الديزل بصفته وقودًا، ورجح العلماء إمكان إدخال النظام الهجين بدلًا منه خلال الأشهر من نوفمبر/تشرين الثاني حتى فبراير/شباط.
وأوضحوا أن هذه المدة ملائمة بالقدر الكافي لاختبار النظام، وتقليص البصمة الكربونية للديزل، وفق تفاصيل الدراسة التي نشرها موقع رينيو إيكونومي (Renew Economy).
وبالنظر إلى مواصفات المحطة، نجد أنها تقع على ارتفاع يتجاوز 2800 متر، ويمكن أن تتسع لضم 150 فردًا خلال فصل الصيف، و50 فردًا خلال الشتاء.
ويوفّر التحول للاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة أفضل الحلول الاقتصادية بالنسبة إلى موقع على هذا القدر من العلو، فضلًا عن الفوائد البيئية والمناخية للنظام الهجين.
وبنظرة على طقس المحطة في القطب الجنوبي، نجد أن الطقس غير المشمس هو السائد بالمنطقة، بالإضافة إلى أن نشرها مكلف بصفة عامة في المناطق منخفضة الحرارة مثل ألاسكا وكندا، ما يشكّل تحديًا لتطبيقه في المحطة، وسبقًا رياديًا أيضًا.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..