حظي قطاع الطاقة النظيفة في أميركا بدعم واسع النطاق منذ تولّي الرئيس الحالي جو بايدن منصبه، إذ عمل على إقرار تشريعات بصورة تدريجية تضمن تقديم المنح والإعفاءات للمطورين.

وعلى النقيض من ذلك، اشتهر المرشح المرتقب في سباق الرئاسة الأميركية، الرئيس السابق دونالد ترمب، بانحيازه الواضح للنفط والغاز وتطوير الوقود الأحفوري.

ومع اشتعال الاستعدادات لعقد انتخابات رئاسية بحلول 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بات التساؤل حول مصير هذه التشريعات مُلِحًّا، خاصة إذا نجح ترمب في إخراج بايدن من السباق الرئاسي.

وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لسياسات المتنافسين بايدن وترمب المناخية، يمكن القول بأنها متناقضة إلى حدّ كبير، إذ أسّس الأول لخطّته المناخية بعدد من التشريعات، في حين عكسَ اهتمام الثاني بالوقود الأحفوري مدى الخطر المحيط بها.

4 تشريعات في خطر

عزز الرئيس الحالي جو بايدن خطط الطاقة النظيفة في أميركا بنحو 4 تشريعات، لتنظيم ضوابط تلقّي الدعم بما يضمن نشر حزم مشروعات تتلاءم مع المستهدفات المناخية.

وأمّن بايدن منحًا وحوافز بما يقرب من 1.6 تريليون دولار لصالح هذه الخطط، منذ تولّيه منصبه في يناير/كانون الثاني 2021 وحتى الآن.

والتشريعات الـ4 هي: خطة الإنقاذ الأميركية (ARP)، وهي عبارة عن حزمة تدابير لدعم اقتصاد البلاد في التعافي من تداعيات جائحة كورونا، وقانون استثمارات البنية التحتية والتوظيف، وقانون الرقائق والعلوم، وقانون خفض التضخم الذي أُقِرّ في أغسطس/آب 2022.

ويوضح الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم الإنفاق على الطاقة النظيفة في أميركا، خلال العام الماضي 2023:

وأبدى وزير الطاقة في عهد ترامب، مدير معهد إديسون للكهرباء “دان بويليت”، استعداده لاستمرار دعم قانون خفض التضخم إذا واصل الجمهوريون دعمه.

ويدعم البيت الأبيض استفادة الولايات الخاضعة لقيادة الجمهوريين بامتيازات خطط الطاقة النظيفة في أميركا، وخلال الأعوام الماضية أُنفِق في هذه الولايات 866 مليار دولار في صورة استثمارات خاصة.

وترى وزارة الخزانة -في نوفمبر/تشرين الثاني 2023- أنه ينبغي التركيز على منح الاستثمارات النظيفة للولايات التي تؤمّن وظائفها وأجورها عبر الوقود الأحفوري، لدعم تحوّل الطاقة بها.

ويشمل هذا النطاق 5 ولايات تنتج 40% من الطاقة في أميركا، هي: (تكساس، ووايومنغ، وبنسلفانيا، ولويزيانا، وفيرجينيا الغربية).

الطاقة المتجددة في أميركا

أطلقت شركات عددًا من مشروعات الطاقة النظيفة في أميركا، سواء خاصةً بالطاقة المتجددة أو السيارات الكهربائية أو الهيدروجين، معتمدة بصورة كبيرة على الدعم الممنوح من قبل إدارة بايدن.

ويؤرّق احتمال فوز ترمب تطلعات هذه الشركات في التوسع، أو حتى إحراز تقدّم بالمشروعات الحالية، في ظل احتمال تعرُّض التشريعات الـ4 السابقة لخطر الإلغاء أو التعديل، ما يهدد الاستقرار المالي للشركات فيما يتعلق بالمنح والإعفاءات.

وتستعرض منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) واقع عدد من مشروعات الشركات، وإذا كانت تملك خطة توفر لها تمويلًا بديلًا عن منح وإعفاءات بايدن، إذا فاز ترمب بمدة رئاسية جديدة، وفق تقرير نشرته مجلة فوربس (Forbes).

1) مشروع شركة إلكتريك فيش إنرجي (ElectricFish Energy):

تعتمد شركة إلكتريك فيش إنرجي على الحوافز الضريبية الممنوحة بموجب قانون خفض التضخم، لتطوير مشروعها الخاص بنقاط شحن السيارات الكهربائية.

وأبدت الشركة تفاؤلًا حول تأثير نتيجة الانتخابات الرئاسية في عملية التطوير، إذ تعتزم الحصول على حوافز القانون لمحطات الشحن ودعم أمن الشبكة.

ورغم التفاؤل، ترى إدارة الشركة أن فوز ترمب يفتح المجال للتساؤل حول إمكان استمرار حوافز الطاقة النظيفة في أميركا، التي أقرّها بايدن.

شاحن سيارات سريع خاص بشركة إلكتريك فيش
شاحن سيارات سريع خاص بشركة إلكتريك فيش – الصورة من Medium

ويسمح مشروع الشركة (التي تأسست عام 2019، وتتخذ من ولاية كاليفورنيا مقرًا لها) بشحن بطارية بقدرة 350 كيلوواط/ساعة خلال 10 دقائق، بما يضمن مدى للسيارة قدره 170 ميلًا.

ويوفر قانون خفض التضخم على الشركة ما يقرب من 100 ألف دولار لكل نقطة شحن، بالإضافة إلى دعم قانون البنية التحتية لنحو 80% من تكلفة تثبيت الشواحن القادرة على الربط بنظام شمسي أو محطات أخرى أو نظام للتخزين.

2) مشروع شركة إيه سي إم إي كلين تك (ACME Cleantech):

تعدّ شركة “إيه سي إم إي” كلين تك” شركة فرعية لمجموعة “إيه سي إم إي” التي تتخذ من الهند مقرًا لها، وتسعى الشركة للحصول أيضًا على دعم من قانون خفض التضخم لمشروعاتها في ولاية تكساس.

وتتبنى الشركة -وهي واحدة من 6 شركات هندية قررت تستثمر في أميركا- مشروعًا شمسيًا بقدرة 1.6 غيغاواط، بالإضافة إلى منشأة متكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا بإنتاج مخطط لها يبلغ 1.2 مليون طن متري سنويًا.

3) مشروع إكسون موبيل (Exxon Mobile):

هدّد الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، دارين وودز، بإلغاء مشروع مخطط له لإنتاج الهيدروجين الأزرق في منشأة “بايتاون” الخاصة بالشركة.

ورهن وودز –في تصريحات سابقة، على هامش انعقاد مؤتمر “سيرا ويك” في هيوستن، خلال العام الجاري 2024- استمرار المشروع بحصول الشركة على إعفاءات ضريبية من قانون خفض التضخم.

منشأة بايتاون التابعة لإكسون موبيل
منشأة بايتاون التابعة لإكسون موبيل – الصورة من Nikkei Asia

عدم اليقين

أرجأت بعض الشركات متابعة طلب إعفاءات قانون خفض التضخم لمشروعات الطاقة المتجددة في أميركا إلى ما بعد انعقاد الانتخابات الرئاسية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، إثر حالة عدم اليقين حول مصير دعم المشروعات.

وبدورها، شددت مسؤولة السياسات البيئية العالمية لدى ستاندرد أند بورز غلوبال (S&P Global)، آنا موسبي، على أن تشريعات الطاقة النظيفة في أميركا ينبغي أن تضمن تمتُّع الجميع بها لأبعاد صناعية، قبل أن يتعلق الأمر بالأهداف المناخية.

وأوضح الشريك في مجموعة كيه أند إل غيتس (K&L Gates) للاستشارات القانونية، ماثيو ليغيت، أن ارتباط تشريعات الطاقة النظيفة في أميركا بالتغييرات السياسية والرئاسية يفتح المجال أمام عدم الاستقرار، خاصة أن هناك اتجاهًا وتأييدًا قويًا لدعم انتقال الطاقة في البلاد.

وأضاف أن عدد الجمهوريين الداعمين لقانون خفض التضخم آخذ في الارتفاع، ما يقلل احتمالات إلغاء القانون أو تعديله حال فوز ترمب على بايدن.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.