أثارت العقوبات على النفط الفنزويلي جدلًا واسعًا في الولايات المتحدة، ما بين مؤيد ومعارض، للردّ على القمع السياسي في الدولة الواقعة بأميركا الجنوبية.
ورأى المشرّعون الديمقراطيون أن إدارة الرئيس جو بايدن محقّة في الامتناع عن فرض عقوبات جديدة على فنزويلا، وهو القرار الذي سيسمح لشركة شيفرون بالحفاظ على موطئ قدمها في البلاد.
بينما اتهم النواب الجمهوريون شركة شيفرون وشركات نفط أجنبية أخرى تعمل في فنزويلا، بتمويل حملة القمع التي تشنّها حكومة نيكولاس مادورو.
بلغ متوسط واردات الولايات المتحدة من النفط الفنزويلي 190 ألف برميل يوميًا في المدّة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران، أي أقل من 3% من إجمالي الواردات، وفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة.
جدل في مجلس النواب الأميركي
أشارت إدارة بايدن إلى أنها لا تخطط للردّ على حملة الحكومة الفنزويلية على المعارضة السياسية، بفرض عقوبات أكثر صرامة على قطاع النفط في كاراكاس.
وقال العضو الديمقراطي في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب خواكين كاسترو، إن القرار يساعد بمنع أزمة اقتصادية مفاجئة في فنزويلا من شأنها أن تؤدي إلى زيادة الهجرة.
ومن جانبها، اتهمت رئيسة لجنة نصف الكرة الغربي في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب ماريا سالازار، شركة شيفرون وشركات نفط أجنبية أخرى تعمل في فنزويلا بتمويل حملة القمع التي تشنّها حكومة مادورو، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن منصة “آرغوس ميديا” (Argus Media).
وقالت سالازار: “لقد زادت شركات النفط الأميركية والأوروبية بقيادة شيفرون وريبسول وإيني وماوريل آند بروم من ضخ النفط، وأرباحها تغذّي مباشرةً آلية القمع الاستبدادية”.
وتابعت: “أنا مؤيدة بشدة لقطاع الطاقة، وأكسب الكثير من المال، ولكن هناك خطوط لا يجب أن تتجاوزها عندما تستفيد من بؤس الآخرين”.
وأظهرت سالازار مخططات تزعم أنها تُظهر أن شركة شيفرون حققت 5 مليارات دولار من الإيرادات، منذ أن سمحت لها إدارة بايدن باستئناف عملياتها في فنزويلا في ديسمبر/كانون الأول 2022.
وكان الديمقراطيون في لجنة الموارد الطبيعية بمجلس النواب قد عقدوا، في وقت سابق من هذا الأسبوع، مناقشة حول “محاسبة شركات النفط الكبرى على الابتزاز والتواطؤ والتلوث”.
وزعمت سالازار أن إدارة بايدن لديها سبب سياسي لحماية قطاع النفط في فنزويلا، قائلة: “نحن نعلم جيدًا أننا في دورة انتخابية، وأن البيت الأبيض يحتاج إلى بنزين رخيص في المحطات”.
العقوبات على النفط الفنزويلي
تتمتع شيفرون وريبسول وإيني بإعفاءات من العقوبات الأميركية تسمح لها بتحميل النفط الفنزويلي، لكن هذه الصادرات تجري عادةً بموجب اتفاقات النفط الخام مقابل الديون، وليس نقدًا.
ويخضع جزء كبير من قطاع النفط الفنزويلي للعقوبات الأميركية، ما يجبر شركة بتروليوس دي فنزويلا على الاعتماد على ناقلات أسطول الظل والوسطاء لتوجيه الصادرات إلى المشترين في منطقة شاندونغ الصينية.
وأعلن مادورو نفسه الفائز في انتخابات 28 يوليو/تموز، وأجبر منافسه الانتخابي إدموندو غونزاليس على الفرار من البلاد بعد إصدار مذكرة اعتقال ضده في وقت سابق من هذا الشهر.
وقدّمت المعارضة الفنزويلية سجلات انتخابية تُظهر أن غونزاليس فاز على الأرجح في الانتخابات الرئاسية في 28 يوليو/تموز، وهو ادّعاء تدعمه واشنطن.
لكن إدارة بايدن لم تعترف بغونزاليس بوصفه رئيسًا منتخبًا، ويبدو أن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن لديهم الوقت الكافي لمعرفة أفضل مزيج من الدبلوماسية والعقوبات لتمكين انتقال السلطة في فنزويلا، قبل انتهاء ولاية مادورو الحالية في يناير/كانون الثاني.
وقال نائب مساعد وزير الخارجية كيفن سوليفان، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب: “هناك الكثير مما يمكن أن يحدث بين الانتخابات والتنصيب، وهذه بالتأكيد هي الطريقة التي ننظر بها إلى الوضع الآن”.
واعترفت الإدارة الأميركية في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب في يناير/كانون الثاني 2019 بزعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو بوصفه زعيمًا شرعيًا للبلاد، وفرضت عقوبات شديدة لإجبار مادورو على التنحي عن السلطة، ثم فرّ غوايدو إلى الولايات المتحدة في عام 2022.
إنتاج النفط الفنزويلي وتداعياته
كان مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي قد قال، إن إنتاج النفط الفنزويلي في الوقت الحالي يصل إلى 850 ألف برميل يوميًا، تحصل أسواق النفط منها على 800 ألف برميل، وأغلب الصادرات يتجه إلى الصين.
وأوضح الحجي: “قد يستنتج بعضهم أن استهلاك فنزويلا -بما أن الإنتاج 850 ألفًا والصادرات 800 ألف- يبلغ 50 ألف برميل يوميًا فقط، ولكن هذا الكلام غير صحيح، لأن فنزويلا تستورد المميع، الذي يُصنَّف على أنه نفط، وتبلغ وارداتها منه 125 ألف برميل يوميًا، لذلك فإن استهلاكها بين 150 و200 ألف برميل يوميًا”.
وتوقّع الدكتور أنس الحجي، نتيجة لهذه الظروف، ألّا يرتفع إنتاج فنزويلا، كما أن إدارة بايدن ستفرض عقوبات على أفراد، مثلما فعلت مع إيران، بدلًا من تشديد العقوبات على الدولة، وتخفض إنتاجها، وذلك لأن بايدن يريد أن تبقى أسعار النفط منخفضة.
وأشار الحجي، في حلقة جديدة من برنامج “أنسيات الطاقة” الأسبوعي بمساحات منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، تحت عنوان “أسواق النفط بين انتخابات إيران وفنزويلا والولايات المتحدة”، إلى قرار بايدن بإلغاء الاستثناءات عندما اقتنعت إدارته بأن مادورو لن يلتزم بالاتفاق المتعلق بالانتخابات، وهو ما روّج له الإعلام على أنه بطولي، ولكن القرار لا تأثير له في أسواق النفط، لأن هناك لعبة قانونية لعبتها إدارة بايدن.
وتابع: “اللعبة القانونية أن هناك استثناءات عديدة، والاستثناء الأخير كان عامًّا، يشمل كل الشركات، وهو الذي أُلغي، قبل أن تقول إدارة بايدن للشركات، إن بإمكانها التقديم على الاستثناء الخاص، الذي تمّ منحه والموافقة عليه لكل الشركات التي قدّمت”.
ومن ثم، وفق الدكتور أنس الحجي، فإن القرار لا معنى له على الإطلاق، ولكنه كان مجرد لعبة سياسية لعبتها الولايات المتحدة لكي لا تؤثّر في صادرات فنزويلا، بل على العكس، استمرت فنزويلا بزيادة إنتاجها، رغم إلغاء هذا الاستثناء.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..