تعرف الدول باستقرارها وتتقدم بما لديها من مفاتيح القوة والأمان والقدرة على حماية النفس والغير.. وتستمد الدول عادة قوتها من ذاتيتها أو محيطها أو من أحلاف تنتمي إليها أو عبر أطراف تستنفر للدفاع عنها وقت الخطر.. مصر تتفرد من بين كل دول العالم أنها ملاذا لكل الخائفين وذاك لأسباب حضرية وتاريخية وذاتية جعلت من أرض كيميت محور الجاذبية والملاذ الآمن للشعوب.. أطعمتهم من جوع في عهد يوسف النبي.. وآمنتهم من خوف في عهد السيسي القوي.. 
الحديث عن الاستقرار هنا يقودنا إلى تحديات حقيقة وهنا «مربط» مقالنا إذ لم يتحقق بين عشية وضحاها ولم يكن الطريق مفروشا بالورود، على العكس تماما كانت كل الطرقات مفخخة وكل الميادين ملغمة والشوارع حبلي بالشهداء والوطن ما يزال جريحا بفعل إرهاب أسود.. وما بين 2014 و2024 دولتان كانت الأولى شبه بلد ترصعها الحرائق وتشوهها الفوضى ومشرفة على إفلاس اقتصادي وتغللت في عروقها دماء غريبة تسللت تحت جنح الليل لزرع بذور الانقسام والفتنة.. بينما في الدولة الثانية تجد شيئا مغايرا يستحيل معه المقارنة بين ما كانت عليه مصر، وما أصبحت فمن يصدق أن مصر قبل سنوات هي نفسها مصر الآن، التي زرعت الصحراء بالمدن الذكية واخترعت العاصمة الإدارية واستبدلت حقول الألغام بالعلمين الجديدة وتبني رأس الحكمة وأنشأت أحدث بنية أساسية في العالم وآلاف المشروعات التي غيرت وجهها الشاحب إلى صبية نضرة ضحوكة تعبي الأمل في عينيها وتتطلع لغد اقتربت فيه مصر من أن تكون في مصاف العالم وقبلة المال والمستثمرين والفن والثقافة والنور.
التحول بين «الدولتين» رغم قصره الزمني معجزة تتخطى حسابات المنطق، لكن ليس مستحيلا على شعب ما تزال انجازاته تلهم العالم وما السيسي إلا امتداد لملوك عظام حيروا التاريخ وكتبوه وما المصريين إلا أحفاد ذلك الشعب الذي ساوي بين الممكن والمستحيل والعامل المشترك بين مصر الفوضى ومصر الآمنة والحديثة هي القوات المسلحة والتي بقيت هي الدرع الحامي لمصر قديما وحديثا و«مانع سقوط» ضد كل المؤامرات.
كل ما سبق يقودنا إلى قوة «مصر الذاتية» التي تعد سرا من أسرار خلود هذه البلدة وعظمة هذا الشعب والتي استطاعت أن تمتلك دوما من مفاتيح القوة، التي تفرض به الاستقرار وتعيشه ومن كان يصدق أن مصر التي كتب عنها أنها على مشارف حربا أهلية أن تخرج من المحنة بكل هذه السرعة وتبني وتعمر وتنير الطريق وتصبح واحة آمنة وسط محيط ملتهب، وما كان لمؤتمر بحجم  المنتدى الحضري العالمي «WUF12» أن يعقد في مصر بكل تلك الوفود وآلاف الضيوف والرؤساء والزعماء والملوك والشخصيات الرفيعة المستوى ووسائل الإعلام العالمية لولا مناخ قائم على الاستقرار وعماده الأمن ورأس أمه قوة غاشمة فرضت هيبة مصر وهيبتها، ولم يتحقق ذلك بسهولة بل عبر تضحيات غالية لآلاف من أبناء مصر بين شهداء ومصابين قاتلوا للدفاع عنها ضد المرتزقة وقوى الشر والإرهاب.

انعقدت ونجحت النسخة الثانية عشر للمنتدى الحضري العالمي «WUF12»، المؤتمر الرئيسي للأمم المتحدة المعني بالتنمية الحضرية المستدامة، في مصر كأول دولة تستضيفه في أفريقيا منذ 20 عامًا تحت شعار «كل شيء يبدأ محليًا.. لنعمل معًا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة»، انتهي الحدث لكن الوصول لحالة عقده في أمان واستقرار وزهو كانت فاتورته غالية للغاية دفع منها كل بيت مصري نصيبه، لتبقى العزة لمصر والأمان لشعبها والحكمة لقائدها الذي حفر في الصخر واختصر الزمن وقهر الظروف لتكون مصر على قدر اسمها، وأن يعيد لها الطمأنينة ليأمن فيها المستثمر والضيف والسائح على نفسه وماله.



رابط المصدر

شاركها.