تشهد سوق السيارات الكهربائية الأوروبية ركود المبيعات، وبالتالي تواجه المصانع خطر إغلاق العديد من مواقع الإنتاج، ما يزيد مخاوف العمال من التسريح القسري.
ويُعد تهديد شركة السيارات فولكسفاغن الألمانية (Volkswagen) بخفض الوظائف في ألمانيا وتحذيرها من إغلاق مصانعها هناك لأول مرة، اختبارًا صعبًا لواقع سوق السيارات الأوروبية الهزيلة، التي من المرتقب أن تواجه المزيد من عمليات الإغلاق، وفق تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
في المقابل، فإن ما يقرب من ثلث مصانع سيارات الركاب الرئيسة لدى أكبر 5 شركات صناعة سيارات في أوروبا -بي إم دبليو (BMW)، ومرسيدس بنز (Mercedes-Benz)، وستيلانتس (Stellantis)، ورينو (Renault)، وفولكسفاغن (Volkswagen)- لم تُستعمل بصورة كافية في العام الماضي، إذ أنتجت أقل من نصف السيارات التي يمكنها صنعها.
بدوره، يزيد إغلاق مواقع تصنيع السيارات الكهربائية من خطر أن تواجه المنطقة ركودًا مطولًا بعد التخلف عن المنافسين.
ركود مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا
يشير التباطؤ غير المتوقع في الطلب على السيارات الكهربائية والمنافسة الأكبر في أسواق التصدير الرئيسة -الولايات المتحدة والصين- إلى أن الشركات المصنعة بحاجة إلى فوائض موازنة في أوروبا لتظل قادرة على المنافسة، وفقًا لوكالة بلومبرغ (Bloomberg).
وظلّت المبيعات السنوية في أوروبا عالقة عند نحو 3 ملايين سيارة أقل من مستويات ما قبل الوباء، ما يجعل المصانع شاغرة ويعرّض آلاف الوظائف للخطر، إذ ألغت شركة فولكسفاغن يوم الثلاثاء 10 سبتمبر/أيلول الجاري ضمانات التوظيف في ألمانيا التي يمتع بها العمال لعقود من الزمن.
وبعد أن أصبح طراز واي من شركة تيسلا (Tesla) هو طراز السيارات الكهربائية الأكثر مبيعًا في المنطقة العام الماضي، فإن الشركات المصنعة الصينية، بقيادة بي واي دي (BYD)، تتجه -حاليًا- بقوة إلى المنطقة.
وقال محلل السيارات المستقل ماتياس شميت، ومقره بالقرب من مدينة هامبورغ في ألمانيا: “إن المزيد من شركات صناعة السيارات تكافح من أجل الحصول على حصة أصغر”.
خطر إغلاق المصانع في أوروبا
تفاقم خطر إغلاق المصانع في أوروبا في السنوات الأخيرة، إذ أدى نقص العمالة إلى ارتفاع التكاليف وازدياد نفقات الطاقة من مستويات مرتفعة سابقًا بسبب الحرب في أوكرانيا، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وسيؤدي عدم تحسُّن أوضاع السوق إلى توجيه ضربة إلى اقتصاد المنطقة، إذ تمثّل صناعة السيارات أكثر من 7% من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي وأكثر من 13 مليون وظيفة.
ويبدو الوضع مأساويًا في ألمانيا تحديدًا، إذ تكافح شركات صناعة السيارات وموردوها من التحول إلى المركبات الكهربائية بعد أن كانت رائدة لعقود من الزمان في مجال سيارات محركات الاحتراق الداخلي المصممة جيدًا، وفقًا لوكالة بلومبرغ (Bloomberg).
وحذّرت شركة بي إم دبليو، يوم الثلاثاء 10 سبتمبر/أيلول الجاري، من أن أرباحها ستتضرر بسبب مشكلة الفرامل في شركة تصنيع القِطع كونتيننتال والطلب الفاتر في الصين.
وبعد بضع ساعات فقط، أكدت شركة فولكسفاغن أنها ستنهي ضمانات الوظائف في ألمانيا، ما أدى إلى صدام طويل مع النقابات.
في الأسبوع الماضي، ذاقت الشركة طعم الغضب الذي أثارته خططها لخفض العمالة، إذ احتج آلاف العمال على المديرين في مصنع فولفسبورغ، وهو الأكبر في أوروبا.
وأعرب المسؤولون التنفيذيون في شركة السيارات العملاقة عن أسفهم لضعف المبيعات.
وقال خبير الصناعة لدى شركة الاستشارات أوليفر وايمان، فابيان براندت، إن هناك “ضغوط دمج هائلة” على مصانع السيارات في أوروبا.
وأضاف: “سيجري تقييم المصانع غير الفعالة، وستكون هناك أنواع أخرى من المصانع التي تغلق أبوابها”.
متطلبات تحقيق الربح
قد يختلف معدل استعمال القدرة الذي يحتاج إليه مصنع السيارات لتحقيق الربح اعتمادًا على مجموعة من العوامل، بما في ذلك المنتجات وقدرة شركات صناعة السيارات على تقليل نوبات العمل وعدد الموظفين والنفقات الأخرى للتعويض عن الناتج المفقود.
وقال المحلل في منصة بلومبرغ إنتليغنس، مايكل دين، إنه “في حين قلّلت شركات صناعة السيارات تكاليف المصنع في أثناء الوباء لخفض نقاط التعادل، فمن العدل أن نفترض أن المصنع الذي يعمل بأقل من 50% من قدرته خاسر”.
وتبدو الصورة متباينة بين شركات صناعة السيارات، ويمكن للطرازات الجديدة أن تملأ المصانع بسرعة.
وتستعد مجموعة مرسيدس بنز، التي تخلفت عن بي إم دبليو في مبيعات السيارات الكهربائية بسبب الأسعار المرتفعة والتصميمات المبتكرة، لطرح العديد من الطرازات الجديدة لتعزيز الطلب.
من ناحيتها، حقّقت شركة فولكسفاغن أداءً أفضل من غيرها في زيادة الإنتاج بعد الوباء، لكن سنوات التوسع -شراء سكودا في جمهورية التشيك، وبنتلي في المملكة المتحدة، ولامبورغيني في إيطاليا- حققت للشركة أوسع أداء مصنعي في المنطقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..