شهد مطلع شهر يونيو/حزيران الجاري اجتماعات تحالف أوبك+، التي اتُّخذت فيها قرارات عديدة، أثرت في أسعار النفط، التي جاء في مقدمتها ما يتعلق بخفض إنتاج النفط الخام، وعدد من الأمور الأخرى.

وفي هذا الإطار، أبرز مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، 4 أخطاء كبيرة، وقعت فيها وسائل الإعلام، ومن قبلها المحللون، الذين علقوا على التخفيضات وتراجع سعر برميل النفط عالميًا.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج “أنسيّات الطاقة“، قدمها الدكتور أنس الحجي عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، في 4 يونيو/حزيران (2024)، وذلك تحت عنوان “أسواق النفط وقرارات أوبك+.. لماذا انخفضت أسعار النفط؟”.

وفسّر الحجي الأخطاء التي سقطت فيها وسائل الإعلام العالمية، وكذلك المحللون، الذين ربطوا بين اتخاذ تحالف أوبك+ قراره بخفض الإنتاج، بالإضافة إلى الخفض الطوعي من جانب بعض دول التحالف، وبين تراجع أسعار النفط العالمية.

4 أخطاء سقط فيها الإعلام

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، الدكتور أنس الحجي، إن الخطأ الأول يتعلق بفكرة أنه منذ عام 2022، عندما بدأ تحالف أوبك+ تخفيض الإنتاج، انخفضت أسعار النفط مباشرة، ومن ثم ادّعى البعض أن هذا يدل على فشل التخفيض.

وأضاف: “هذه الفكرة خاطئة تمامًا، لأن السبب الأساس للتخفيض منذ 2022 حتى الآن هو منع أسعار النفط من الانخفاض، وهذه هي المشكلة الأساسية، فالذين ينظرون إلى دول تحالف أوبك+ وهم مقتنعون بأن هدفها رفع الأسعار، هذا -أيضًا- غير صحيح، حتى من الناحية النظرية”.

وأوضح الدكتور أنس الحجي، أن أسعار النفط المرتفعة، خاصة فوق 100 دولار، ليست في صالح دول الخليج تحديدًا، لأن ذلك يؤدي إلى زيادة الإنتاج، خاصة في حقول النفط الصخري في الولايات المتحدة من جهة، كما يؤدي إلى تخفيض الطلب من جهة أخرى، ويشجع المصادر البديلة والسيارات الكهربائية وغيرها”.

وتابع: “هناك مستوى معين من الأسعار يناسب دول الخليج، خاصة على المدى الطويل.. لذلك فإن الخطأ الأول هو الاعتقاد بأن ما فعلته دول أوبك+ فشل، لأن الأسعار لم ترتفع، فالقضية لا علاقة لها برفع الأسعار، وإنما منعها من الانخفاض، كما أن وزراء أوبك منذ سنوات لا يتحدثون عن أسعار النفط”.

الخطأ الثاني، وفق الحجي، هو تقييم قرارات أوبك من جانب تجار النفط والمستثمرين والإعلاميين بصورة خاطئة، لأن التجار ينظرون إلى الذبذبة في الأسعار خلال دقائق وساعات أو يوم، في حين يتابع الإعلاميون السوق بالنظر إلى ما تقوم به شركات التجارة العالمية.

لذلك، فإن الأفق الزمني الذي ينظرون إليه قصير، في حين بالنظر إلى ما يقوم به تحالف أوبك+، يتضح أن الأفق الزمني أطول، مضيفًا: “حتى بالنظر إلى التخفيضات التي اتخذت دول التحالف قرارًا بشأنها، نجدها ممتدة حتى نهاية عام 2025”.

تخفيضات إنتاج النفط

مع ذلك، بحسب الدكتور أنس الحجي، انخفضت الأسعار، فبدأ الحكم على قرارات أوبك+ من انخفاض يوم واحد، حتى على الرغم من انخفاضها بأكثر من المتوقع لليوم الثاني، ولكن الخطأ هنا أن الأفق الزمني لمن يجرون التقييم مختلف تمامًا عن الأفق الزمني لدول أوبك.

أسعار النفط.. والثروة الوطنية

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن من الأخطاء الشائعة -أيضًا- أن الإعلاميين بصورة خاصة، عندما يكتبون أو يتحدثون في وسائل الإعلام، يكون كلامهم فقط عن أسعار النفط، في حين نتكلم عن ثروة وطنية ضخمة وتجارة هي الأكبر في العالم ومصالح وطنية خالصة.

وتابع: “لا يمكن قصر ذلك على تغير أسعار النفط يوميًا، فهناك مصالح وطنية كثيرة ومختلفة بين هذه الدول، وتجاهل هذه المصالح مشكلة كبيرة، فبصورة عامة هناك علاقات دولية واقتصادات يجب النظر إليها، وكذلك النمو الاقتصادي العالمي”.

أسعار النفط

ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن هناك إرادة -أيضًا- أن يزيد الطلب العالمي على النفط لأطول مدة ممكنة، وهناك زمن طويل جدًا يجب النظر إليه، لأنه لا أحد يريد تبني سياسات تؤدي إلى تقصير عمر الطلب على النفط، مضيفًا: “قادة أوبك+ ينظرون إلى مصالح وطنية، ولكن الإعلاميين لا يرون ذلك”.

وأكد ضرورة الحذر -خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي- عندما يرد بعض الصحفيين الغربيين ويكتبون مباشرة عن قرار أوبك، فيعيد بعض الشباب العرب والخليجيين تغريدها والتعليق عليها كأنها حقيقة، في حين هذه الكتابات في الواقع لا تستحق، لأن الرؤية مختلفة تمامًا، ولا يمكن لصحفي أوروبي أن يفهم المصالح السعودية أو مصالح دول الخليج، فهو يركز على أسعار النفط فقط.

أما الخطأ الرابع، الذي لفت إليه الحجي، فهو أن بعض الصحفيين والإعلاميين يأخذون الأرقام التي يعلنها صندوق النقد الدولي بشأن احتياج الدول إلى تحقيق التوازن في موازنتها، على أنها أهداف لها.

النفط في السعودية

وأوضح الدكتور أنس الحجي أن صندوق النقد الدولي يهتم بتقديم تمويلات للدول، ويتهم بالتغييرات الهيكلية لها وبموازناتها، فدائمًا عندما يزور أي دولة لتقييم اقتصادها يتحدث عن أسعار النفط اللازمة لتحقيق توازن الميزانية أو الموازنة، وهذه إشكالية كبيرة.

وأضاف: “سأضرب مثالًا بأرقام وكلام من عندي، فعندما يقول الصندوق -مثلًا- إن توازن الموازنة في السعودية يحتاج إلى سعر 120 دولارًا للنفط، يأتي الصحفيون من مختلف وسائل الإعلام العالمية ويتحدثون عن توجه السعودية لخفض الإنتاج لرفع الأسعار إلى 120 دولارًا، وهو كلام غير مقبول”.

وأردف: “ليس هناك أي دليل على الإطلاق على الربط بين السياسة النفطية لهذه الدول والسعر المطلوب لتوازن الموازنة.. وهذا خطأ شائع، إذ خرجت يوم الأحد 2 يونيو/حزيران أخبار وتحليلات مغرضة تتعلق بهذا الأمر”.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.



رابط المصدر

شاركها.