تشتهر مزارع الطاقة الشمسية بقدرتها على توليد كهرباء نظيفة، ما يجعلها مصدر طاقة آمنًا وموثوقًا يمكنه تلبية أهداف الحياد الكربوني.

كان ما سبق هو الاعتقاد السائد لسنوات طويلة، في وقت تتسابق خلاله الحكومات فيما بينها وتتفاخر بنشر مصادر الطاقة المتجددة كالشمس والرياح وغيرها، للوفاء بالأهداف البيئية والتعهدات المناخية العالمية.

ويبدو أن حكومة المملكة المتحدة قررت نسف هذا المعتقد، وأطلقت تحذيرًا -تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- من نشر هذه المنشآت الشمسية قرب الأراضي الزراعية.

ورغم الهدف المُعلَن رسميًا وتتبنّاه الحكومة الحالية بزيادة قدرة الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية 4 أضعاف بحلول عام 2035، فإنه بين الحين والآخر تظهر تحديات تقوّض هذا الهدف، وكان آخرها التهديد الذي يلاحق أكبر مزرعة شمسية في المملكة “مشروع بوتلي ويست” من قبل السكان الأصليين.

مخاوف مشروعة

لاحقت الحكومة البريطانية مزارع الطاقة الشمسية بتحذير غريب من نوعه، إذ دعت السلطات المحلية إلى عدم منح موافقات المشروعات القريبة من الأراضي الزراعية.

وتتخوف الحكومة من تأثّر الأراضي ذات الجودة العالية بمكونات ومعدّات مزارع الطاقة الشمسية، ما يهدد الأمن الغذائي والمحاصيل المزروعة.

مزرعة شمسية في إنجلترا – الصورة من Shropshire Star

ومن شأن هذه المخاوف أن تضع الحكومة والسلطات المحلية في حيرة من أمرها، لضبط معيار التوازن بين أمن الغذاء من جهة، وأمن الطاقة ونشر مصادر الطاقة المتجددة من جهة أخرى.

ولفت تحذير الحكومة إلى سريان رفض الموافقات على خطط بناء المزارع في الأراضي الزراعية، سوى في الحالات الضرورية.

وكان مسح أجرته شركة كادنت (Cadent) قد كشف رفضًا شعبيًا لنشر السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية، نظرًا لارتفاع فاتورة الطاقة وتحميل المستهلك فارق التكلفة.

ورصد المسح -الذي نُشرت نتائجه في مارس/آذار 2023- أن 62% من عينة الاستطلاع ترفض الحلول المستدامة، ورغم قناعة 53% بها، فإن التكلفة وقفت عائقًا أمام التنفيذ.

معايير موافقات المزارع

من المقرر أن تحدد الحكومة والوزارة المختصة معايير بناء مزارع الطاقة الشمسية، تمهيدًا لإرسالها إلى البرلمان، وفق ما نشره موقع إنرجي لايف نيوز (Energy Live News).

ولم تعلن الحكومة -حتى الآن- موعد تحديد هذه المعايير، غير أن وزيرة أمن الطاقة والحياد الكربوني كلير كوتينيو حاولت مسك العصا من منتصفها، بالإشارة إلى تعهُّد الحكومة بضمان الأمن الغذائي مع مراعاة الطلب على الطاقة.

وقابلت هيئة الطاقة المتجددة في البلاد (REA) التحذير الحكومي بالترحاب، مشيرة إلى أنها تتبنّى محددات لخطط نشر مزارع الطاقة الشمسية، بما لا يثير المخاوف حول الأراضي الزراعية وأمن المحاصيل.

وأوضحت الهيئة أن الطاقة الشمسية تؤدي دورًا مهمًا في تنفيذ إستراتيجية الحياد الكربوني التي تتبنّاها المملكة، مطالبةً الحكومة بالإفصاح عن خريطة الطريق الخاصة بهذا النوع من مصادر الطاقة المتجددة.

وشددت أيضًا على ضرورة تبنّي هذه الخريطة لإستراتيجيات نشر الأنظمة الشمسية بصورة واضحة.

محاصيل تنمو وسط الألواح الشمسية
محاصيل تنمو وسط الألواح الشمسية – الصورة من Greenpeace UK

الحياد الكربوني وقيود الوظائف!

لا تؤدي مشروعات الطاقة المتجددة عامة، والطاقة الشمسية خاصة، دورًا في تنفيذ مستهدفات الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات فقط، لكنها فتحت بابًا واسع النطاق لاستيعاب عدد من الوظائف الجديدة.

ودفع ذلك الرئيسة التنفيذية لهيئة الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة، نينا سكوربسكا، لتسليط الضوء على تأثّر الوظائف بالتحذير الحكومي المعلن مؤخرًا.

وقالت، إن فرض قيود على بناء مزارع الطاقة الشمسية في الأراضي الزراعية يهدد الأمن الوظيفي، بالإضافة إلى الاستثمارات الملحقة بالصناعة التي لم تتلقَّ دعمًا من المستهلك حتى الآن.

ومن زاوية أخرى، تطرقت سكوربسكا إلى أن مستهدفات الحياد الكربوني بحلول عام 2035 ستواجه ضررًا حال تطبيق قيود نشر المزارع الشمسية، إذ ستبقى البلاد أسيرة استمرار استهلاك المنازل والشركات للوقود الأحفوري مرتفع التكلفة.

وأشارت إلى أن الحكومة معنية بإعلان خريطتها للطاقة الشمسية في وقت قريب، لبحث كيفية تنفيذها بالقدر الأمثل مع مراعاة الاعتبارات البيئية والغذائية كافة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.