يبذل القائمون على صناعة الصلب جهودًا للتحول بعيدًا عن طرق الإنتاج التقليدية القائمة على الفحم، التي تسهم كثيرًا في الانبعاثات الكربونية العالمية.

وفي حين يُعدّ الهيدروجين الأخضر حلًا واعدًا لمستقبل إنتاج الصلب، فإن ارتفاع تكلفته والتحديات التي تواجه انتشاره، تحدّ من تطبيقه بديلًا للفحم على المدى القريب.

لذلك، تستكشف صناعة الصلب حلولًا بديلة للحدّ من بصمتها الكربونية، مثل التحول من الإنتاج القائم على الفحم إلى الاعتماد على الغاز أو إعادة تدوير “الخردة”، بمثابة خطوة انتقالية تدفع نحو استعمال الهيدروجين الأخضر.

ويمكن لإنتاج الصلب القائم على الغاز أن يقلل الانبعاثات بنسبة 75%، ولكنه سيزيد أمد الاعتماد على الوقود الأحفوري، بحسب تقرير اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

وربما تؤدي إعادة تدوير “خردة” الصلب إلى تقليل الانبعاثات الناتجة عن صناعة الصلب، ولها أيضًا فوائدها من حيث التكلفة، ولكنها قد تشكّل عائقًا أمام جودة الإنتاج بالنهاية.

لماذا صناعة الصلب القائمة على الغاز؟

هناك تردُّد من جانب صناعة الصلب في تبنّي خطط الإنتاج الخالية من الانبعاثات؛ بسبب عدم اليقين المحيط بسوق الهيدروجين الأخضر، ولذلك تبحث الصناعة عن بدائل منخفضة الانبعاثات تكون حلًا انتقاليًا لإنتاج الصلب الأخضر.

وبينما يؤكد بعض صانعي الصلب الانتقال المستقبلي إلى الهيدروجين الأخضر، فإنهم أقل شفافية في خططهم التي تعتمد على الغاز لمدة 15 عامًا على الأقل، بحسب تقرير صادر عن بنك الاستثمار الهولندي آي إن جي.

وفي حين تتشابه طرق الغاز والهيدروجين في اختزال خام الحديد إلى حديد نقي لتصنيع أنواع مختلفة من الصلب، فإن الغاز يبقى متميزًا بكونه الخيار الأقل تكلفة من الهيدروجين الأخضر.

وتبلغ تكلفة صناعة الصلب باستعمال الغاز 0.7 يورو (0.8 دولارًا أميركيًا) للكيلوغرام الواحد في أوروبا، وهي أقل من التكلفة المقدّرة بأكثر من يورو واحد (1.12 دولارًا أميركيًا) للكيلوغرام من الصلب المعتمد على الهيدروجين الأخضر.

وعلى الرغم من أن إنتاج الصلب القائم على الغاز أكثر تكلفة من الفحم، فإن الفجوة السعرية أقل مقارنة بطرق الإنتاج الأخرى البديلة للفحم، بالإضافة إلى أن الاعتماد على الغاز مدعوم بتقنيات وبنية تحتية أكثر رسوخًا مقارنة بالهيدروجين الأخضر.

الغاز مرحلة انتقالية

يسهم توافر الغاز الطبيعي وتكلفته الأقل في جعله مرحلة انتقالية قابلة للتطبيق، نحو صناعة الصلب القائمة على الهيدروجين الأخضر.

وصُممت مصانع الصلب الحديثة القائمة على الغاز لتكون مرنة ومزدوجة الوقود؛ لذا يمكنها التحول إلى الهيدروجين الأخضر، عندما يصبح متاحًا على نطاق واسع وبأسعار معقولة، ومن المتوقع أن يحدث ذلك بين عامي 2035 و2040، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

خط لإنتاج الصلب في أحد المصانع – الصورة من China.org

ويمكن أن يؤدي تحويل صناعة الصلب من الفحم للغاز إلى خفض الانبعاثات من 1.9 كيلوغرامًا إلى 0.4 كيلوغرامًا مكافئًا من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوغرام من الصلب المُنتج.

وبينما يعود هذا التحول بالنفع على المناخ ويدعم تخلّص أوروبا -بصفة خاصة- من الفحم، فإنه يزيد من اعتماد المنطقة على الغاز؛ لذلك سيكون الهيدروجين الأخضر حلًا أكثر استدامة.

الجودة عقبة أمام إعادة تدوير “الخردة”

يؤدي استعمال طريقة إعادة تدوير “الخردة” في صناعة الصلب إلى خفض انبعاثات القطاع، مع إمكان تشغيل عمليات صهر الصلب “الخردة” باستعمال الكهرباء؛ ما يسهم في تقليل البصمة الكربونية.

وبالمقارنة مع إنتاج الصلب القائم على الفحم، الذي يولّد 1.9 كيلوغرامًا مكافئًا من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوغرام من الصلب، فإن الصلب المعاد تدويره ينتج 0.1 كيلوغرامًا فقط.

وفي حين إن إعادة تدوير “الخردة” يمكن أن تكون طريقة فاعلة في تقليل انبعاثات صناعة الصلب تضاهي تلك المعتمدة على الهيدروجين الأخضر، فإن وجود شوائب -مثل النحاس والزنك والكروم- يمكن أن يضرّ بجودة الصلب المُنتج.

الصلب الأخضر
فرن في مصنع صلب – الصورة من موقع ذا صنداي مورنينغ هيرالد

ونتيجة لذلك، فإن الصلب المعاد تدويره مناسب تمامًا لتطبيقات مثل المواد الداخلة في بناء مسارات السكك الحديدية، ولكنه ليس مناسبًا للاستعمالات عالية الطلب، مثل السيارات والآلات الدقيقة.

وتخطط المملكة المتحدة للتخلص التدريجي من صناعة الصلب القائمة على الفحم، والاستعاضة عنه بأفران كهربائية تستعمل “الخردة”، ومع ذلك، لم يكتسب هذا النهج زخمًا في أوروبا حتى الآن.

ويتردد مصنّعو الصلب الأوروبيون في تبنّي هذه الإستراتيجية؛ كون المنافسة في أسواق الصلب الأقل جودة شرسة؛ لذلك فهم يعطون الأولوية للحفاظ على جودة المنتج.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.