اقرأ في هذا المقال

  • الصلب الأخضر يُطلق على المنتج المصنّع عبر كهرباء خالية من الكربون.
  • إنتاج الصلب الأخضر مكلّف للغاية في أوروبا ويعتمد على الدعم الحكومي.
  • تكلفة إنتاج الطن الأخضر قد تزيد بنحو 1000 دولار مقارنة بالطن التقليدي.
  • استيراد الحديد المختزل من عمان أرخص من إنتاجه في أوروبا أو استيراده من أستراليا.
  • مخاوف بين المصنّعين من صعود اليمينيين إلى البرلمان الأوروبي في انتخابات يونيو.

تقود مبادرات إنتاج الصلب الأخضر في أوروبا الخطط العالمية لخفض انبعاثات الصناعات الثقيلة، لكن المصانع الأوروبية ما زالت تواجه تحديات ضخمة خاصة بالتكاليف؛ ما يجعلها متأرجحة في المضي قدمًا بهذا المجال.

وتوصّل تحليل حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة ومقرها واشنطن- إلى أن استيراد الحديد الأخضر المختزل المباشر (خام الحديد المنتج بالهيدروجين الأخضر) من البلدان التي تتمتع بموارد طاقة متجددة أفضل، مثل أستراليا أو سلطنة عمان، يمكن أن يساعد في خفض تكاليف صناعة الصلب الأخضر في أوروبا.

ويطلق الصلب الأخضر على الفولاذ الذي ينتج باستعمال الكهرباء الخالية من الكربون، وهو مصطلح مجازي يقابله في الاصطلاح (الصلب الرمادي) المنتج باستعمال كهرباء مولدة من الوقود الأحفوري مثل الفحم والغاز الطبيعي.

وتعد إزالة الكربون من صناعة الصلب والصناعات الثقيلة عامة من أصعب العمليات؛ ما يجعلها في حاجة دائمة إلى دعم حكومي سخي حتى تتمكّن من اللحاق بركب القطاعات الأخرى المتحولة إلى الطاقة النظيفة مثل قطاعات المباني والنقل.

الصلب الأخضر والرمادي.. أيهما أجدى اقتصاديًا؟

رغم ما يتلقاه إنتاج الصلب الأخضر في أوروبا من حوافز وإعفاءات ضريبية سخية؛ فإن مصانع الصلب الأوروبية ما زالت متذبذبة في خطوات الانتقال لضعف الجدوى الاقتصادية طويلة الأمد.

ويشير تحليل صادر عن شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي إلى أن الجدوى الاقتصادية طويلة الأجل لإنتاج الصلب الأخضر في أوروبا معرّضة لخطر شديد؛ حيث تزيد تكلفة المواد الصديقة للبيئة اللازمة لإنتاجه عن 1000 يورو (1072 دولارًا) للطن الواحد مقارنة بتكلفة إنتاج البدائل.

وحتى يمكن سد هذه الفجوة؛ فلا بد من زيادة ضرائب الكربون المفروضة على انبعاثات الصلب الرمادي أكثر من 7 مرات لتصل إلى 500 يورو (535.5 دولارًا) لكل طن من ثاني أكسيد الكربون، مقارنة بالضريبة الحالية التي تبلغ 60 يورو (64.2 دولارًا) لكل طن منبعث من الصناعة.

(1 يورو = 1.07 دولارًا)

صناعة الصلب تترقّب الانتخابات البرلمانية

إذا لم تلجأ الحكومات لمضاعفة ضرائب الكربون على الصلب التقليدي؛ فليس أمامها سوى أن تقدم حوافز ضخمة لدعم المنتجين وتشجعيهم على التحول إلى إنتاج الصلب الأخضر في أوروبا، بحسب تحليل ريستاد إنرجي.

وتعوّل صناعة الصلب الأوروبية على نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة، خلال شهر يونيو/حزيران 2024، والتي ستؤثر في صناعة القرار المالي والتوجهات السياسية والبيئية العامة خلال السنوات الـ5 المقبلة، حيث تجري الانتخابات بصورة دورية كل 5 سنوات.

وتتزايد المخاوف في أوساط الصناعة من استحواذ التيارات اليمينية غير المعنية بقضايا المناخ على أغلبية البرلمان الأوروبي؛ ما قد يقيد تدفق أموال دافعي الضرائب إلى الصناعة وكذلك الإعفاءات الضريبية ومخصصات الدعم النقدي المباشر؛ ما قد يحبط خطط إنتاج الصلب الأخضر في أوروبا.

أحد عمال صناعة الصلب في أوروبا – الصورة من europeanceo

وأدّت هذه المخاوف إلى تعليق الاستثمارات بمرافق إنتاج الصلب الأخضر في أوروبا مؤقتًا، وسط ترقب المصنعين لنتائج الانتخابات العاشرة المقررة خلال المدة من 6 إلى 9 يونيو/حزيران المقبل، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ورغم عدم اليقين الاقتصادي والسياسي الذي تعيشه صناعة الصلب الأوروبية؛ فإنها اتخذت خطوات ملموسة في عمليات معالجة وصهر الحديد عبر استبدال الأفران كثيفة الكربون والاعتماد على بدائل أكثر استدامة مثل مرافق الاختزال المباشر للحديد والتحول إلى أفران القوس الكهربائي رغم أنها أكثر تكلفة.

لماذا الاستيراد من عمان أرخص؟

يُستَعمل الحديد المختزل الذي يُطلق عليه الإسفنجي (DRI)، بصفته مادةً خامًا في إنتاج الصلب، إلى جانب الخردة المعدنية والحديد الخام، ويعتمد جدوى إنتاجه على تكاليف الطاقة المستعملة في المصانع؛ ما يجعله مكلفًا جدًا في أوروبا.

على خلاف ذلك، يمكن للدول التي تتمتع بتكاليف طاقة منخفضة سواء على مستوى الغاز الطبيعي أو الهيدروجين الأخضر، أن تنتج الحديد المختزل بتكلفة أقل مثل سلطنة عمان وأستراليا؛ ما قد يجعل استيراده بالنسبة لأوروبا أقل من تكلفة إنتاجه محليًا.

ويشير تحليل ريستاد إنرجي إلى أن استيراد ألمانيا للحديد المختزل من سلطنة عمان أقل تكلفة من إنتاجه محليًا بما يتراوح بين 25 و30 دولارًا للطن.

وتتمتع أستراليا بتكاليف أقل لإنتاج الهيدروجين الأخضر؛ ما يجعلها منافسًا لعمان في تصدير الحديد المختزل إلى أوروبا، لكن بُعد المسافة يجعل تكلفة الشحن أعلى؛ ما يجعل السلطنة البديل الأقرب والأقل تكلفة بدلًا من الإنتاج المحلي.

وتخطط سلطنة عمان لتشغيل مصنع لإنتاج الحديد الأخضر بحلول 2026، تنفذه مجموعة جيندال ستيل (Jindal Steel) الهندية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، بطاقة إنتاجية تصل إلى 6 ملايين طن متري سنويًا.

وتتمتع سلطنة عمان بموارد غاز طبيعي وفيرة منخفضة التكلفة، كما تمتلك موارد طاقة متجددة وفيرة تجعلها قادرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة أرخص من المنافسين الدوليين، ما يمكّنها من استعمال المصدرين في إنتاج الحديد المختزل.

يوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- خريطة طريق الهيدروجين الأخضر في عمان ومستهدفاته بحلول 2030-2050:

خريطة طريق الهيدروجين الأخضر في عمان

وما زال استعمال الغاز الطبيعي في اختزال الحديد المباشر الأرخص على مستوى البدائل المطروحة للفحم، كما أنه يقلل انبعاثات الكربون بنسبة 50%، وفي حين يمكن للهيدروجين الأخضر أن يخفض الانبعاثات بنسبة تزيد على 90%، لكنه يظل أكثر تكلفة في اختزال الحديد بنسبة 50%، وسط توقعات بأن تنخفض التكلفة أكثر بحلول 2030.

ويمكن للأفران الكهربائية التي تعمل بالكهرباء الخالية من الكربون أن تلغي الحاجة إلى اختزال الحديد، لكن محدودية إمدادات الخردة واحتواءها على نسبة عالية من النحاس يقيدان من اتجاه الصناعة إلى هذا البديل، ويجعل من الضروري توفير مواد خام أخرى للصناعة.

وتواجه استثمارات اختزال الحديد المباشر وأفران الصهر الكهربائي والتي تعزز إنتاج الصلب الأخضر في أوروبا حالة من التباطؤ من قِبل المصنعين المعولين على التمويل العام ونتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة التي ستحدد مستقبل الصناعة وترجّح كفة خيارات الاستيراد أو التصنيع المحلي على المدى الطويل، على حسب توجهات المنتخبين خلال السنوات الـ5 المقبلة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.