اقرأ في هذا المقال

  • إنتاج الهيدروجين لا يتعدى 15% من إجمالي التكلفة النهائية
  • الهيدروجين يمكنه أن يسهم في خفض 25% من انبعاثات الكربون العالمية
  • التكلفة الحالية للهيدروجين ما زالت باهظة، خاصة المنتج عبر التحليل الكهربائي
  • أميركا تقدّم حوافز سخية لتشجيع إنتاج الهيدروجين خالي الكربون بتكلفة معقولة
  • استخراج الهيدروجين الطبيعي من باطن الأرض قد يُحدث ثورة في انخفاض التكاليف

تستحوذ مسألة تكلفة الهيدروجين على اهتمام بالغ من قبل خبراء الطاقة وصنّاع السياسات حول العالم، على أمل الإسهام في بناء أساسيات سوق قوية للوقود الأخضر الناشئ المراهَن عليه بشدة في مسارات تحول الطاقة العالمية.

ورغم الضجة الكبيرة المثارة حول ارتفاع تكلفة إنتاج الهيدروجين -الأخضر والأزرق على وجه الخصوص-، فإنها ليست التكلفة الأساسية التي تؤرّق المطورين، بحسب دراسة حديثة اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة، ومقرّها واشنطن.

وتوصلت الدراسة التي أعدّها مختبر أرغون الوطني في الولايات المتحدة (Argonne National Laboratory) إلى أن عملية الإنتاج لا تشكّل أكثر من 15% من التكلفة النهائية للهيدروجين المستعمل في قطاع النقل.

بينما تقع 85% من تكلفة الهيدروجين النهائية خارج عملية الإنتاج، وهي تكلفة خفية لا تحظى باهتمام كبير في الجدل الدائر حول الوقود الأخضر، وكثيرًا ما يُتغاضى عنها في وسائل الإعلام، بحسب دراسة معهد أرغون، أحد أقدم المختبرات التابعة لوزارة الطاقة الأميركية.

تحليل تكلفة الهيدروجين

كانت تكلفة الهيدروجين النهائية في محطات التزود بالوقود بولاية كاليفورنيا تتراوح من 13 إلى 16 دولارًا لكل كيلوغرام وقت إعداد الدراسة في عام 2019.

وقدّر الباحثون تكلفة الإنتاج بنحو دولارين لكل كيلوغرام، ما يعادل 15% من إجمالي التكلفة، بينما جاءت 50% من التكلفة (تعادل 6 إلى 8 دولارات) من تكاليف المحطة التي تشمل المعدّات والتخزين في الموقع.

كما جاءت 35% من تكلفة الهيدروجين النهائية من عمليات النقل و التوزيع، أو ما يعادل 4 إلى 5 دولارات لكل كيلوغرام، بحسب نتائج دراسة مختبر أرغون التي نشرها المنتدى الاقتصادي الدولي.

وتتوزع تكاليف المحطة (الجزء الرئيس في التكلفة النهائية) على عمليات ضغط الهيدروجين بنسبة 45%، ثم عمليات التخزين (20%)، ثم التبريد 12%، ثم مضخات التوزيع 11%، إلى جانب عمليات أخرى بنسبة 12%، بحسب الدراسة.

ويشير هذا التحليل لضرورة انصراف الجهود و الاستثمارات إلى مبادرات خفض تكلفة الهيدروجين على مستوى سلسلة القيمة والتوريد كاملة، وليس التركيز على عملية الإنتاج فقط، رغم أهميتها الملحّة في الصناعة.

ويشترك تحليل مختبر أرغون الأميركي مع دراسة أعدّها خبير الصناعات الغازية في منظمة “أوابك”، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، تؤكد أن تكلفة نقل الهيدروجين وحدها ما زالت مرتفعة للغاية، وتتجاوز ضعف تكلفة إنتاجه في بعض الحالات.

ويمكن نقل الهيدروجين عبر 4 طرق رئيسة، الأولى عبر خطوط الأنابيب بعد ضغطه (هيدروجين مضغوط)، والثانية عبر إسالته إلى هيدروجين مسال ونقله عبر الناقلات، والثالثة عبر تحويل الهيدروجين إلى أمونيا سائلة ونقلها بالناقلات.

أمّا الطريقة الرابعة، فهي تحويله إلى مركبات عضوية سائلة ونقلها عبر الناقلات مثل مادة الميثيل سيكلوهكسان، بحسب الدراسة التي نشرت نتائجها منصة الطاقة المتخصصة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- توقعات تكلفة نقل الهيدروجين حسب مسارات النقل المختلفة بحلول عام 2030:

رهانات الهيدروجين في خفض الانبعاثات

يستحوذ الهيدروجين الأخضر المستخلص من الماء عبر طريقة التحليل الكهربائي للمياه على أغلب الجدل لكونه الأكثر نقاء من الكربون والأعلى تكلفة، يليه الهيدروجين الأزرق المستخلص عبر حرق الوقود الأحفوري باستعمال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، والذي يُطلق عليه الهيدروجين منخفض الكربون، بحسب جدالات التكلفة التي ترصدها وحدة أبحاث الطاقة بصورة دورية.

ويُنظر إلى الهيدروجين على أنه أحد بدائل الوقود الواعدة لإزالة الكربون من العديد من القطاعات التي يصعب خفض انبعاثاتها، مثل صناعة الصلب التي تشكّل 8% من الانبعاثات العالمية، وقطاع النقل الثقيل الذي يشكّل 12%.

وتشير تقديرات وزارة الطاقة الأميركية إلى أن الهيدروجين يمكنه أن يسهم في خفض 25% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة على مستوى العالم، لكن ارتفاع تكلفته ما زال يشكّل عائقًا أمام انتشاره.

ويمكن لجهود خفض تكلفة الهيدروجين أن تُحدث تأثيرًا كبيرًا إذا ركّزت على جوانب التكلفة الخفيفة المتصلة بالتخزين والنقل والتوزيع، إلى جانب التكلفة الظاهرة المتصلة بالإنتاج، ما قد يمكّنه من تحقيق التكافؤ الاقتصادي مع الديزل على مستوى معادلة التكاليف.

جهود خفض تكلفة الهيدروجين عالميًا

يقدّم قانون خفض التضخم الأميركي، المُقرّ أغسطس/آب 2022، إعفاءً ضريبيًا سخيًا بقيمة 3 دولارات لكل كيلوغرام من الهيدروجين خالي الكربون، لتشجيع المستثمرين على بناء مزيد من مرافق إنتاجه في البلاد، مع ضمان تحقيق معادلة تكاليف مربحة.

وتستهدف وزارة الطاقة الأميركية خفض تكلفة إنتاج الهيدروجين في الولايات المتحدة إلى دولار واحد لكل كيلوغرام خلال السنوات الـ10 المقبلة، بحسب الإستراتيجية الوطنية المعلنة في 8 يونيو/حزيران 2023.

وعلى الصعيد العالمي، ضخّ المستثمرون أكثر من مليار دولار في عدد من الشركات الناشئة في مجال التحليل الكهربائي مثل شركة إلكتريك هيدروجين الأميركية (Electric Hydrogen)، على أمل دفع الابتكارات العلمية الرامية إلى خفض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر.

كما شهدت عمليات استكشاف الهيدروجين الطبيعي أو الأبيض -المستخرج من باطن الأرض- زخمًا متصاعدًا حول العالم خلال السنوات الأخيرة، ما قد يمثّل طريقًا آخر لخفض تكلفة الهيدروجين.

وتضاعف عدد الشركات الباحثة عن الهيدروجين الطبيعي 3 مرات، ليصل إلى 40 شركة حتى 2023، مقارنة بنحو 10 شركات فقط في عام 2020، بحسب تقرير صادر عن شركة ريستاد إنرجي نشرته وحدة أبحاث الطاقة في 14 مارس/آذار 2024.

وتستخرج شركة هايدروما الكندية (Hydroma) الهيدروجين الطبيعي بتكلفة تقديرية تصل إلى 0.5 دولارًا لكل كيلوغرام حاليًا، كما تستهدف مشروعات استخراجه في إسبانيا وأستراليا الوصول بتكلفته إلى قرابة دولار واحد لكل كيلوغرام؛ ما سيعزز قدرته التنافسية مع الهيدروجين المنتج عبر التحليل الكهربائي للمياه أو حرق الوقود الأحفوري، بحسب ريستاد إنرجي.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- الفرق بين أنواع الهيدروجين حسب طريقة إنتاجه:

أنواع الهيدروجين

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.