يواجه قطاع النفط في العراق تحديات كبيرة، أبرزها عدم إقبال الشركات العالمية الكبرى على جولات التراخيص الأخيرة، سواء ملحق جولة التراخيص الخامسة، أو جولة التراخيص السادسة، رغم تقديم الدولة امتيازات للشركات.
وفي هذا الإطار، يوضح الخبير في أسواق الطاقة هاري إستبانيان أن بغداد لديها فرص هائلة جدًا، إلا أن التحديات التي تواجه هذه الفرص كبيرة، بما في ذلك سياسات تغير المناخ في الغرب، والشروط التي يضعونها على الدول، بخلاف حصص أوبك+، ومشكلات بغداد الخاصة بالالتزام بالحصص الإنتاجية.
جاء ذلك خلال مشاركة إستبانيان في حلقة جديدة من برنامج “أنسيات الطاقة“، الذي يقدّمه مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، والتي جاءت هذا الأسبوع بعنوان “العراق.. مستقبل إمدادات الطاقة بين الفرص والتحديات ودور دول الخليج”.
وقال، إن قطاع النفط في البلاد يعاني حاليًا بصورة عامة نوعًا من الضبابية، والسبب الرئيس في ذلك هو قانون النفط والغاز، الذي كان متوقعًا تشريعه قبل 10 سنوات أو أكثر، وما يزال غير مشرَّع حتى الآن، وتدور حوله كثير من المناقشات.
الجدل بين حكومتي بغداد وأربيل
قال الخبير في أسواق الطاقة هاري إستبانيان، إن هناك مناقشات كثيرة بشأن قانون النفط والغاز، خصوصًا بين حكومة إقليم كردستان وحكومة بغداد، وهو ما دفع كثيرًا من الشركات -الغربية بشكل خاص- إلى التعامل مع المخاطر بصورة كبيرة جدًا.
وأضاف: “الملحوظات من خلال الاجتماعات أو المفاوضات ما بين الشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان وعدم توصّل بغداد إلى أيّ نتيجة، سبَّبت نوعًا من التخوفات لدى الشركات، التي عزفت عن التعامل مع جولات التراخيص الخامسة الملحقة والسادسة”.
وتابع الدكتور هاري إستبانيان: “أضف إلى ذلك أن التوجّه العام في بغداد حاليًا -مع الأسف- باتجاه الشركات الصينية بصورة خاصة، وكذلك السوق أو النفط العراقي في الحقيقة، يُوَجَّه بالكامل إلى الشرق، وتحديدًا باتجاه الصين والهند”.
ومن ثم، فإن هذه من العوامل التي ساعدت الشركات الغربية التي خرجت من العراق، مثل إكسون موبيل وغيرها، على عدم العودة، أمّا فيما يتعلق بالضبابية، فهي تتمثل في حجم الزيادة الإنتاجية التي يتوقعونها بإنتاج النفط في البلاد.
وأردف: “المعروف أن بغداد تنتج حاليًا ما بين 4.2 و4.3 مليون برميل يوميًا، ويبلغ حجم الاستهلاك الداخلي نحو 900 ألف برميل يوميًا، بينما تتجه الكميات الباقية إلى التصدير، بأقل من 3.5 مليون برميل يوميًا، ولكن هناك ضبابية بشأن حجم الزيادة في إنتاج النفط العراقي”.
ولفت إلى أن كثيرًا من توقعات وزارة النفط بأن يبلغ حجم الإنتاج 7 ملايين برميل يوميًا، ولكن بالعودة إلى أكثر من 10 سنوات مضت، وتحديدًا في عام 2012، نجد أن بغداد كانت قد وضعت هدفًا بالوصول إلى 12 مليون برميل يوميًا، وهو هدف صعب جدًا وضعه في ظل التحديات التي تشهدها البلاد.
وتتمثل هذه التحديات، وفق الدكتور هاري إستبانيان، في جوانب عدّة، منها الاقتصاد الصيني، ومقررات أوبك+، وسياسات التغير المناخي، بالإضافة إلى عوامل أخرى يمكنها أن تحدّ من زيادة إنتاج النفط العراقي مستقبلًا.
لذلك، فإن بغداد حاليًا في وضع يوجب عليها أولًا حل أزماتها الداخلية، خاصة مع إقليم كردستان بصورة رئيسة، إذ إن إنتاج النفط أو التصدير من إقليم كردستان إلى تركيا متوقف حاليًا، وهو أمر يزيد بدوره من قلق المستثمرين والمشترين، فقد كانت أربيل تصدّر نحو 300 ألف برميل يوميًا، وفجأة توقفت.
حقيقة إنتاج النفط في العراق
وجّه مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي سؤالًا إلى الخبير في أسواق الطاقة هاري إستبانيان، بشأن حالة الضبابية الخاصة بإنتاج النفط العراقي، لا سيما مع تضارب الأرقام المقدّمة والمعلنة.
وقال الحجي: “قال تقرير أوبك لشهر أغسطس/آب، إنه بناءً على المصادر الثانوية، فإن إنتاج بغداد من النفط الخام يبلغ 4.2 مليون برميل من النفط الخام يوميًا، بينما قدمت الحكومة في بغداد تقريرها إلى أوبك، وقالت فيه، إنها تنتج 3.8 مليون برميل فقط، أي هناك فرق 400 ألف برميل، فهل يعدّ ذلك من ضمن الضبابية؟”.
وردّ الدكتور هاري إستبانيان بالقول، إنه بالنسبة لدول أوبك أو أوبك+، فإنها تنظر إلى العراق على أنه دولة واحدة، وهي لا تفرّق بين إقليم كردستان وبين المركز، لذلك فإنها تحسب الإنتاج الكلّي، سواء لبغداد أو أربيل.
لكن، وفق الخبير، الإنتاج الحالي يشوبه نوع من سوء الفهم بالنسبة لحجمه، فمن غير الواضح ما إذا كان حجم إنتاج النفط العراقي المعلَن، يشمل ما تنتجه بغداد فقط، أم ما يُنتَج في كردستان، الذي يبلغ نحو 300 ألف برميل، وكان 400 ألف برميل في مراحل معينة.
وأضاف: “إقليم كردستان يصدّر النفط الخام الذي ينتجه إلى إيران وإلى تركيا عن طريق الشاحنات، وهذا أيضًا أمر يسبّب القلق لدول أوبك وأوبك+، فهم يعرفون حجم الكميات التي تخرج إلى دول الجوار، وحكومة بغداد لا تملك سيطرة عليها”.
بالإضافة إلى ذلك، لا تعرف دول أوبك وأوبك+ الرقم على وجه التحديد، إذ يقال، إنه 400 ألف برميل، ويقال، إن الإنتاج هبط إلى 300 ألف برميل حاليًا، بينما تصدّر أربيل نحو 200 ألف برميل عن طريق الشاحنات، وتعمل على تكرير 100 ألف برميل يوميًا في مصافٍ غير قانونية داخل الإقليم.
بدوره، أضاف الدكتور أنس الحجي: “ما فهمته الآن -وأنا أنظر إلى تقرير أوبك- أن الشركات التي تعطي المنظمة ما رأته في السوق، أو ما تراه من إنتاج، يشمل إنتاج إقليم كردستان، بينما ما تقدّمه حكومة بغداد لأوبك هو إنتاجها وحدها دون الإقليم”.
وأوضح هاري إستبانيان أن هذا صحيح، لأن الحكومة العراقية لا تعرف بالضبط حجم إنتاج كردستان حاليًا، ويقال، إنه بلغ 75% من حجمه قبل توقُّف الخط التركي، لذلك فإن شركة سومو ووزارة النفط لا تملكان بيانات دقيقة بشأن حجم إنتاج الإقليم.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..