اقرأ في هذا المقال
- سوق اليورانيوم حرب خفيفة بين أميركا وروسيا
- تمثّل روسيا ما نسبته 24% من الوقود النووي المستعمَل في المحطات النووية الأميركية
- تبرز روسيا لاعبًا محوريًا في سوق اليورانيوم العالمية
- هناك واردات يورانيوم إضافية نسبتها 36% آتية من قازاخستان وأوزبكستان
- تحاول أميركا طرد موسكو من سلسلة الإمدادات النووية دون المخاطرة بانقطاع التيار الكهربائي لديها
تُعد سوق اليورانيوم جبهةً للحرب الخفية بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، في ظل رغبة الأولى في طرد الثانية من سلسلة الإمدادات النووية لديها دون المخاطرة بانقطاع الكهرباء لديها.
وفي 14 مايو/أيار (2024) وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن قانونًا يحظر استيراد اليورانيوم المخصب الروسي، في مسعى من واشنطن لتجفيف أحد روافد تمويل الكرملين لحربه في أوكرانيا.
وتمثّل روسيا ما نسبته 24% من الوقود النووي المُستعمَل في المحطات النووية الأميركية، وهو ما يجعل استغناء واشنطن عن تلك الحصة أمرًا صعبًا -في الوقت الراهن على الأقل- وفق تقديرات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
كما تبرز روسيا لاعبًا محوريًا في سوق اليورانيوم العالمية، إذ تُعد أكبر مورد لتلك السلعة الإستراتيجية، ما جعل البعض يتخوّف من أن يكون لقرار بايدن تداعيات عكسية على صناعة الطاقة النووية في بلاده، لا سيما أنه من غير المرجح ألا تجد روسيا صعوبةً في إيجاد مشترين آخرين محتملين لهذا المعدن المستخرج من أراضيها.
الحرب الأوكرانية
من المفترض أن يكون تغير المناخ عاملاً محفزًا لنهضة الطاقة النووية النظيفة في الولايات المتحدة الأميركية، غير أن الحرب الأوكرانية ربما هي التي تؤدي هذا الدور المحفز لتلك الصناعة في أكبر اقتصاد في العالم، وفق ما يراه مقال للكاتب المختص بشؤون الطاقة والتعدين والسلع ليام دينينغ، نشرته بلومبرغ.
وقال دينينغ، إنه في الوقت الذي كان يقترب فيه العام الأول من الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في 22 فبراير/شباط (2022)، على الانتهاء، كان يجري تداول سعر اليورانيوم عند قرابة 50 دولارً ا للرطل.
وأضاف: “ومع ذلك فإن الحديث عن حظر تفرضه واشنطن على وارداتها من الوقود النووي الروسي ربما يرفع هذا السعر كثيرًا”.
ومع دخولنا شهر مايو/أيار (2024)، ومع تواصل القتال الشرس في أوكرانيا، يتجه سعر اليورانيوم -حاليًا- نحو تجاوز حاجز الـ90 دولارًا.
وفي أوائل أغسطس/آب (2024)، ستحظر واشنطن -فعليًا- واردات اليورانيوم الروسي منخفض التخصيب -المستعمل في المحطات النووية التقليدية- بموجب قانون حظر واردات اليورانيوم الروسي المفعل حديثًا.
وأشار كاتب المقال إلى أن هذا القانون يجيز لوزارة الطاقة الأميركية إصدار إعفاءات تسمح باستيراد ما يصل إلى مليون رطل سنويًا من الوقود النووي الروسي حتى عام 2028 في حال كانت هناك حاجة ماسة إلى ذلك لضمان استمرار عمل المفاعلات الأميركية.
سوق اليورانيوم الروسي
يقول الكاتب، إن واردات أميركا من سوق اليورانيوم الكندية أو الأسترالية لا تسبب إزعاجًا لأحد في واشنطن، بعكس الواردات من السوق الروسية، البالغة نسبتها 12%.
وهناك واردات يورانيوم إضافية نسبتها 36% آتية من قازاخستان وأوزبكستان (الدولتين غير الخاضعتين مباشرة لهيمنة موسكو، وإن كانتا تقعان إلى جوارها)، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتقلل تلك الأرقام من أهمية روسيا مقارنةً بدورها الضخم في تحويل اليورانيوم المستخرَج من المناجم إلى وقود نووي مفيد.
وتزوّد روسيا 40% من سوق اليورانيوم العالمية، كما أنها زودت قرابة رُبع احتياجات المحطات النووية في الولايات المتحدة الأميركية في عام 2022، وفق أرقام صادرة عن بنك سيتي غروب (Citigroup).
وتسيطر موسكو -أيضًا- على إمدادات سوق اليورانيوم منخفض التخصيب الذي تحتاج إليه بعض تقنيات المفاعلات المتقدمة قيد التطوير -الآن- من بينها بعض المفاعلات المعيارية الصغيرة إس إم آر (SMR).
أميركا والمعادلة الصعبة
تحاول أميركا -أيضًا- طرد الصين خارج سلسلة إمدادات الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة الأميركية دون المخاطرة بجهود إزالة الكربون، ويروق لواشنطن -كذلك- أن تزيح موسكو من سلسلة الإمدادات النووية دون المخاطرة بانقطاع التيار الكهربائي لديها، وفق كاتب المقال.
وتبرز الإعفاءات على الواردات التي يجيزها قانون حظر استيراد اليورانيوم الروسي المخصب، وسيلة للتحايل على هذا الأمر، على الرغم من أنه من الممكن أن ترد موسكو عبر فرض حظر على الشحنات الروسية المتوجهة إلى الولايات المتحدة.
وبالنسبة إلى أسعار اليورانيوم التي بدأت تهدأ منذ شهر يناير/كانون الثاني (2024) فإن القانون الأميركي الجديد من الممكن أن يغذّي ارتفاعها من جديد.
تمويلات فيدرالية مليارية
بالنسبة إلى المشروع الأوسع المتمثل في إعادة إحياء إمكانات الطاقة النووية في الولايات المتحدة، قد يعني هذا المشروع ما هو أكثر من ذلك، وفق كاتب المقال.
فإلى جانب بدء العد التنازلي على حظر صادرات الوقود النووي الروسي، يجيز القانون منح 2.7 مليار دولار تمويلات فيدرالية للمساعدة على تطوير الإنتاج المحلي للوقود النووي.
ولسنوات يحذّر المدافعون عن إنشاء المحطات النووية الجديدة من التداعيات على الأمن القومي، الناتجة عن السماح بتلاشي القدرات والخبرات النووية الأميركية التي كانت هائلة في السابق.
وتأتي تحذيرات هؤلاء على أساس أن الحالة الاقتصادية للمفاعلات الجديدة في أميركا يكتنفها عدم اليقين كما هو الحال منذ عقود، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.
وبينما تُعد الطاقة النووية منخفضة الكربون، فإنها باهظة التكلفة للغاية نسبةً إلى مصادر الطاقة الأخرى -لا سيما حينما يظل الكربون غير مسعر- كما أنها تقترن بمخاطر تطوير كبيرة بالنظر إلى السنوات الطويلة اللازمة لبناء تلك المحطات.
وإذا كان قانون حظر واردات أميركا من الوقود النووي الروسي يمهّد لبداية جهود منسقة لإعادة إحياء سلسلة الإمدادات النووية في الولايات المتحدة، فإن هذا يعني أنه يهدف إلى إمداد قطاع الطاقة النووية المحلي، الذي من المتوقع أن يتكوّن من أكثر من مجرد أسطول موجود من المفاعلات القديمة غالبًا، بحسب المقال.
وفي الشبكات الأميركية التي تشهد انتشارًا متزايدًا للطاقة المتجددة ذات الطبيعة المتقطعة، تتحول القيمة نحو مصادر مرنة قابلة للتوزيع يمكنها سد الفجوات في المعروض، مثل محطات الذروة العاملة بالغاز الطبيعي والبطاريات وكذلك عبر إدارة الطلب، بحسب الكاتب ليام دينينغ.
ومحطات الذروة هي محطات طاقة تعمل فقط عندما يكون هناك طلب مرتفع، يُعرف بطلب الذروة، على الكهرباء.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..