لم تعُد سياسات المناخ بمعزل عن نتائج سباق الوصول إلى البيت الأبيض، إذ يُتوقع أن تؤثّر بشكل كبير في اتجاهات التصويت بانتخابات الرئاسة الأميركية 2024.
وأدت النتائج الكارثية التي خلّفتها أعاصير ميلتون وهيلين وفرانسين، في جنوب شرق الولايات المتحدة، إلى تغيُّر شكل المنافسة بين المرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس جو بايدن، كامالا هاريس، والمرشح الجمهوري الرئيس السابق، دونالد ترامب.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تطورات سباق الرئاسة الأميركية، يتحدث كلا المرشحين بطرق مختلفة، خلال المقابلات والخطابات، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، بشكل متزايد عن الأعاصير والاستجابة للكوارث، ما يُشير إلى بروز سياسات المناخ لدى كل منهما بصفتها عنصرًا رئيسًا في جذب أصوات الناخبين.
وأعاد ترامب وهاريس، في أعقاب إعصار هيلين، ترتيب جداول سفرهما لزيارة المناطق المتضررة، مع البدء بالتركيز على التحدث في جهود التعافي من آثار الإعصار، ولا سيما بعد تَشكّل إعصار ميلتون، في خليج المكسيك.
سياسات المناخ للمرشحَين
تشير الدلائل العلمية إلى أنّ تغيُّر المناخ يجعل الأعاصير أكثر قوة، ما يجعلها تشتد بسرعة أكبر ويحفزها لإسقاط كميات كبيرة من الأمطار، فينتج عنها العديد من الكوارث، وفق تقرير نشرته “بلومبرغ“.
ونتيجة لما واجهه الأميركيون من كوارث جراء الأعاصير، توجهت أنظار الناخبين إلى أهمية تفضيل المرشح الأكثر وعيًا بشؤون وسياسات المناخ، الذي يتضمن برنامجه خططًا مدروسة تدعم الجهود العالمية لمواجهة آثار تغير المناخ.
وقال مدير الاتصالات في مجموعة المناصرة كلايمت باور (Climate Power)، أليكس جلاس: “إن حقيقة أن إعصار ميلتون تحولَ إلى عاصفة قوية في مثل هذه المدة القصيرة من الزمن تُظهر أن أزمة المناخ موجودة، وتظهر من خلال عدسة واضحة للغاية التكلفة التي تكبدها الناس – في الأرواح المفقودة، وفي خسارة المنازل والشركات”.
وسارعت جماعات الحفاظ على البيئية بإثارة قضية المناخ بين الناخبين، إذ ركّزت جهود التوعية والحملات الإعلانية على أهمية وعي المرشح الرئاسي بسياسات المناخ، وكيفية مساهمة الإنفاق الفيدرالي على المناخ في خلق فرص عمل جديدة وخفض تكاليف الطاقة عمومًا.
ورغم الإرث المناخي الكبير لإدارة بايدن وتأكيد العديد من الديمقراطيين أن الاحتباس الحراري العالمي من بين أولوياتهم الانتخابية، لم تجعل كامالا هاريس سياسات المناخ حجر الزاوية في حملتها الانتخابية.
وخلال مناظرتها مع دونالد ترمب، أشارت هاريس، لمدة وجيزة، إلى مبادرات بايدن الخضراء، قبل أن تنطلق في الترويج لإنتاج النفط والغاز.
ويرى نائب الرئيس الأول لحملات صندوق إل سي في (LCV)، بيت مايسميث، وهو الجانب المرتبط بالانتخابات في رابطة الناخبين من أجل الحفاظ على البيئة، إن كلا المرشحين يتحدثان الآن عن تغير المناخ، حتى لو لم يستعملا تلك الكلمات.
ويتابع مايسميث: “إننا بحاجة إلى نطق هذه الكلمات السحرية، وإلّا فإننا لا نتحدث عن تغير المناخ”، مشيرًا إلى أن هاريس كانت تتحدث عن تغير المناخ في التعليقات التي أدلت بها حول طاقة الرياح والطاقة الشمسية وبطاريات السيارات.
من جانبه، تعهَّد ترامب بإضعاف سياسات المناخ للرئيس جو بايدن، مُقللًا من أهمية تقنيات الطاقة النظيفة مثل طاقة الرياح، واستعمال السيارات الكهربائية.
وأصدر الصندوق، مؤخرًا، مقطع فيديو قصيرًا بمنصة إنستغرام، يعرض صورًا ومقاطع فيديو لأضرار إعصار هيلين مع تعليق صوتي لترمب يقول فيه: “عندما يتحدث الناس عن الاحتباس الحراري العالمي، أقول، إن المحيط سينخفض بمقدار 100 جزء من البوصة خلال الـ 400 عام القادمة. هذه ليست مشكلتنا”.
وأصدرت كلايمت باور مقطع فيديو لمغنية الراب بيغ فريديا، يتضمن مقترحات لمشروع 2025 -قائمة أمنيات محافظة للمدة الرئاسية الثانية لترمب، تشمل خصخصة هيئة الأرصاد الجوية الوطنية- والتي تبرّأ منها ترامب نفسه.
استغلال الحدث
هاجم ترمب الرئيس الأميركي جو بايدن، ونائبته المرشحة كامالا هاريس، بشأن استجابتهما للكوارث المترتبة على الأعاصير، زاعمًا أنه يُعاد توجيه تمويل الإغاثة من الكوارث إلى المهاجرين، مُدّعيًا أن ضحايا الإعصار لا يمكنهم الحصول إلّا على 750 دولارًا مساعدات، وأن جهود الإغاثة تهمل المناطق ذات التوجهات الجمهورية.
بدورها، ردّت كامالا هاريس ، في لقاء في برنامج ذا فيو (The View) على قناة أيه بي سي (ABC) على مزاعم ترمب بشأن جهود الإغاثة التي تبذلها إدارة الرئيس بايدن بعد إعصار هيلين، واصفةً تصريحات بايدن بأنها معلومات مضللة.
وأطلقت حملة كامالا هاريس إعلانًا يهاجم تعامل ترامب مع الكوارث خلال مدة رئاسته، إذ يشير الإعلان إلى خريطة مسار إعصار دوريان في عام 2019، التي غيّرها ترمب بتغييرها باستعمال قلم شاربي (Sharpie)، ما عُرف باسم شاربي جيت Sharpiegate.
ويحوي الإعلان مقابلات مع اثنين من المسؤولين السابقين في إدارة ترمب ينتقدان استجابته للعاصفة، إذ يقول كبير المستشارين لوزير الأمن الداخلي السابق جون كيلي، كيفن كارول، في الإعلان: “كان ترمب يقترح عدم تقديم إغاثة الكوارث للولايات التي لم تُصوّت له”.
ولم تتحدث هاريس عن العلاقة بين العواصف والاحتباس الحراري العالمي.
وقالت المتحدثة باسم حملة ترامب، كارولين ليفات: “المعلومات المضللة الوحيدة تأتي من إدارة هاريس وبايدن”.
هجوم الأعاصير
ضرب إعصار ميلتون، مساء الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مسافة 170 ميلًا عبر ولاية فلوريدا، وهو ثاني إعصار كبير يضرب ساحل الخليج في فلوريدا في غضون أسبوعين بعد إعصار هيلين.
تسبّّب إعصار ميلتون في وفاة 9 أشخاص على الأقل، إذ أُبلِغَ عن العديد من الوفيات وسط موجة من الأعاصير الكبيرة والقوية التي سبقت وصول إعصار ميلتون إلى ساحل الخليج، وهبطت على مسافة بعيدة مثل الساحل الشرقي لمقاطعة سانت لوسي شمال بالم بيتش، بحسب ما أوردت “سي إن إن”.
وتسبّب الإعصار الأول، هيلين، في دمار على طول الطريق إلى غرب كارولينا الشمالية وقتل أكثر من 230 شخصًا. ستغير الضربة المزدوجة بعض المجتمعات إلى الأبد وأشعلت محادثات جديدة حول تغير المناخ وسط انتخابات رئاسية مثيرة للجدل.
وقبل ميلتون، أدّى إعصار هيلين إلى مقتل 43 شخصًا، وانقطاع الكهرباء عن أكثر من 5.2 مليون مستهلك في أنحاء مختلفة من البلاد، وخروج وحدة لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية في ولاية جورجيا من الخدمة، وانخفاض الإنتاج من وحدة أخرى، كما توقّف إنتاج الكهرباء من وحدتين تعملان بحرق الفحم في فلوريدا.
كما تسبَّب هيلين في توقُّف إنتاج 29% من النفط الخام، و17% من إنتاج الغاز الطبيعي في خليج المكسيك.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..