اقرأ في هذا المقال
- شركات النفط والغاز الروسية مهددة بالإغلاق بسبب أزمة العمالة
- يُعد قطاع الطاقة الروسي رافدًا رئيسًا للدخل الوطني
- يغري الجيش المجندين المحتملين بعقود سخية للاشتراك في الحرب الأوكرانية
- تعوّل شركات الطاقة على العمال الأكبر سنًا لسد الفجوات
- قفزت إيرادات النفط والغاز الروسية في الربع الأول من عام 2024 مسجلة 79.1% على أساس سنوي
تقف شركات النفط والغاز الروسية على شفا معضلة وجودية تتمثل في شُح العمالة الماهرة التي يحتاج إليها القطاع، وذلك بسبب الرواتب السخية التي يمنحها الجيش للأشخاص الراغبين في التسجيل لديه، للمشاركة في الحرب الشرسة على أوكرانيا.
ويُعد قطاع الطاقة الروسي العكاز الذي يرتكز عليه الاقتصاد الوطني، والذي تموّل إيراداته -كذلك- العمليات العسكرية التي يأمر الكرملين بشنها على الجارة الغربية.
ومن الممكن أن تعادل دُفعة مالية واحدة ممنوحة لجندي روسي يقاتل في أوكرانيا راتب متوسط عام كامل -تقريبًا- يتقاضاه عامل في صناعة النفط والغاز المحلية، وفق معلومات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
تحديات ديموغرافية
بينما تتواصل آلة الحرب في أوكرانيا، تواجه شركات النفط والغاز الروسية أزمة نقص حاد في العمالة، ما يهدد بتقويض قدرتها على مداومة عملياتها التجارية، وسط استمرار العقوبات وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وفق ما أوردته شبكة بلومبرغ (Bloomberg).
وأسهم الصراع المسلح في تعقيد التحديات الديموغرافية طويلة الأمد، ما قاد إلى نُدرة في العمالة بمختلف قطاعات الاقتصاد الروسي، وفق تقديرات البنك المركزي الروسي.
وتُشعل تلك النُدرة في العمالة المخاوف بشأن قدرة شركات الطاقة على مواصلة تأدية دورها الحاسم في تمويل آلة الحرب، والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي.
وتأتي أزمة نقص العمالة التي يعانيها قطاع الطاقة الروسي -وهو العمود الفقري للاقتصاد الوطني- في ظل استمرار الحرب الأوكرانية رغم الرواتب والمزايا التنافسية التي تتيحها شركات النفط والغاز الروسية لجذب العمالة الماهرة، وسط منافسة شرسة من جانب الجيش وشركات تصنيع الأسلحة في البلاد.
ويصطدم القطاع الذي تعول موسكو على إيراداته الضخمة في تمويل الأنشطة العسكرية للبلاد، بتحديات عصيبة في تعيين عمال جدد أو حتى الاحتفاظ بالعمال الموجودين بالفعل، في حين تؤدي متطلبات الحرب المتنامية إلى استنفاد القوى العاملة.
الجيش ينافس
مع حشد إمكانات الاقتصاد الروسي بالكامل لصالح الحرب في الوقت الراهن، تَلقى شركات النفط والغاز الروسية منافسة شرسة من قبل الجيش وقطاع الدفاع على اقتناص العمال المهرة، ما يفاقم أزمة ديموغرافية قائمة بالفعل.
ولا تُعد أزمة شُح العمالة في شركات النفط والغاز الروسية ظاهرة حديثة، بل إنها قد تفاقمت بفعل الصراع المطول الدائر في أوكرانيا.
وعلى مدار العقدين الماضيين، تعاني روسيا ظاهرة تناقص أعداد المواطنين ممن هم في سن العمل، نتيجة انخفاض معدل المواليد في تسعينيات القرن الماضي، وهو ما فاقمه تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”.
كما أسهم الغزو الروسي لأوكرانيا في 22 فبراير/شباط (2022) في تقييد تدفق العمالة من الخارج نتيجة العقوبات الدولية المفروضة على موسكو، ما قلّل بدوره جاذبية روسيا بصفتها وجهة عمل للمهاجرين من البلدان المجاورة.
معضلة الـ40 ألف شخص
تواجه شركات النفط والغاز الروسية عجزًا في العمالة بنحو 40 ألف شخص، مع تدرج الطلب من العمالة منخفضة المهارة إلى العمالة المحترفة، وفق تقديرات نشرتها شركة كاساتكين كونسالتينغ (Kasatkin Consulting) ومقرها موسكو، رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ورفع قطاع النفط والغاز الروسي عدد إعلانات الوظائف عبر الإنترنت خلال الربع الأول من عام 2024 بنسبة 24% مقارنة بالعام الماضي (2023)، بحثًا عن موظفين مؤهلين وعمال غير ماهرين، بحسب تقديرات أكبر منصة توظيف في روسيا إتش إتش. آر يو (hh.ru).
وفي هذا الصدد، قالت رئيسة الاتصالات الخارجية الإقليمية في “إتش إتش. آر يو”، آنا أوسيبوفا: “هذا القطاع يُتيح وظائف شاغرة للفنيين في مجال الكهرباء والميكانيكا واللحام والسائقين والعمال ومديري المبيعات ومهندسي التصميم والبائعين”.
من جهته، قال رئيس واحدة من شركات التوظيف الروسية، يُدعى أليكسي زاخاروف: “أثرت ندرة الموظفين سلبًا في الصناعات الغنية”، مضيفًا أن “قطاع النفط والغاز يستطيع استقطاب موظفين برواتب أعلى، غير أن الدولة تنافس من خلال طرح العقود العسكرية”.
وأغرت جاذبية المكافآت والحوافز الإضافية التي تمنحها تلك العقود المجندين المحتملين الذين أصبحوا يفضّلون التحول عن العمل في حقول النفط.
وبناء عليه، فإنه ومع تواصل الحرب، بدأت شركات النفط والغاز الروسية تكافح من تداعيات ندرة العمالة على أدائها التشغيلي على المدى الطويل.
وتفرض مسألة نقص العمالة الماهرة تحديًا يتمثل في عرقلة سعة صناعة الطاقة الروسية في التحديث والتكيف مع المطالب التقنية المتطورة باستمرار.
حل مقترح
للتخفيف من النقص الحاد في العمالة، طبقت شركات النفط والغاز العديد من أنظمة الحوافز والامتيازات لجذب العمال، بما في ذلك الوجبات المدعومة، والمزايا الطبية، والنزهات التي ترعاها الشركات.
ومع ذلك، لم تحقق تلك التدابير سوى نجاح محدود في جذب القوى العاملة الشابة والماهرة التي تُعد ضرورية لمستقبل الصناعة.
ومن ثم تعول الشركات بصورة متزايدة على العمال الأكبر سنًا لسد الفجوات، والتخلي عن حوافز التقاعد السابقة لصالح الاحتفاظ بالموظفين ذوي الخبرة.
لكن ورغم مواجهته تحديات متنامية، ما يزال قطاع النفط والغاز الروسي لاعبًا رئيسًا في تمويل الحرب الدائرة في أوكرانيا.
وأسهمت قوة ذلك القطاع، إلى جانب تزايد معدلات الإنتاج، في استمرار قدرة الكرملين على تمويل عملياته العسكرية وشراء الأسلحة.
ومع ذلك فإن التهديد الوشيك المتمثل في نقص العمالة والوصول المقيد إلى التقنية الغربية يفرض مخاطر كبيرة بالنسبة إلى استقرار قطاع الطاقة الروسي على المدى الطويل.
إيرادات النفط والغاز الروسي
قفزت إيرادات النفط والغاز الروسية في الربع الأول من عام 2024 بصورة كبيرة، مسجلةً 79.1% على أساس سنوي، رغم العقوبات الغربية المفروضة عليها منذ الحرب الأوكرانية.
ولامست إيرادات الميزانية الفيدرالية الروسية من قطاع النفط والغاز خلال الأشهر الـ3 الأولى من عام 2024 نحو 2.9 تريليون روبل (31.3 مليار دولار)، وفق تقديرات وزارة المالية الروسية، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وبلغت إيرادات الأشهر الـ3 الأولى حتى مارس/آذار (2024) 8.7 تريليون روبل روسي (94 مليار دولار أميركي)، صعودًا بنسبة 53.5% مقارنة بالمدّة نفسها من عام 2023.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..