يولي الباحثون المصريون اهتمامًا كبيرًا بتطبيقات الطاقة الشمسية في ظل ما تتمتع به البلاد من موارد ضخمة في هذا القطاع، وتطبيقًا لإستراتيجية الدولة التي تهدف إلى رفع مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة.
وفي هذا الإطار، صمّم فريق بحثي مصري من جامعة فاروس بالإسكندرية سفينة مُسيرة -اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- تعمل بالطاقة الشمسية، وتهدف لرصد وتحليل البيئة البحرية بدقّة وفاعلية.
وبجانب اعتماد هذه التقنية على الطاقة النظيفة في التشغيل، فهي تعمل على خفض الانبعاثات الكربونية الصادرة عن استعمال الوقود الأحفوري في قطاع النقل.
وينبعث من قطاع النقل العالمي نحو 24% من إجمالي الانبعاثات الكربونية الصادرة عن استعمالات الطاقة في العالم، وسط توقعات بزيادة هذه النسبة إلى 60% بحلول عام 2050.
مستقبل أكثر تطورًا
يضم الفريق البحثي عددًا من طلاب الهندسة الميكانيكية بجامعة فاروس بالإسكندرية، وهم: مصطفى قاسم، وسيف الدين هيثم، ويوسف جابر، وعبدالرحمن حسين، بإشراف أستاذ الهندسة الميكانيكية وهندسة المواد بالجامعة الدكتور أحمد محمد أنور.
وأوضح الدكتور أحمد أنور -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن استعمال السفن البحرية المُسيرة التي تعتمد في تشغيلها على الطاقة الشمسية يُعدّ خطوة مهمة نحو مستقبل متطور في عالم التقنية البحرية عمومًا، ومراقبة الشواطئ والمسطحات المائية خصوصًا.
وأشار إلى أن هذه السفينة تتميز بتجهيزها بمجموعة من الحساسات (sensors) التي تعزز كفاءة عمليات مراقبة البيئة البحرية، وقياس درجة الحرارة والرطوبة، والكشف عن الغازات، وقياس نسبة صفاء المياه، ونسبة الملوحة، بجانب نظام مراقبة بالرادار والكاميرا.
وقال أنور، إن هذه التقنية المبتكرة تحقق فوائد ملموسة في مجال الاستدامة، ولا سيما ضمن إطار الارتفاع الملحوظ في أسعار الوقود، مشيرًا إلى أن اعتماد هذا النوع من السفن على الطاقة الشمسية يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري؛ ما يخفض تكاليف التشغيل.
وأضاف أن استعمال الطاقة النظيفة في تشغيل هذه السفن يعمل على خفض الانبعاثات الكربونية المُلوثة للبيئة؛ ما يحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري المُهددة لكوكب الأرض.
وتابع أن الحساسات المُستعمَلة في السفينة المُسيرة المعتمدة على الطاقة الشمسية تشمل مجموعة واسعة من الأجهزة التي تسهم في رصد وتحليل البيئة البحرية بدقة وفاعلية.
تقنيات متعددة
سلّط أستاذ الهندسة الميكانيكية وهندسة المواد بجامعة فاروس الضوء على أن الفريق البحثي قد استعمل تقنيات متعددة في تصميم السفينة المُسيرة، وهي:
قياس الحرارة والرطوبة:
تؤدي الحساسات المُستعمَلة دورًا حاسمًا في توفير بيانات دقيقة حول الظروف البيئية.
الكشف عن الغازات:
تعمل الحساسات على تحديد كمية الملوثات في البيئة البحرية، وتساعد في الكشف عن الغازات الضارة مثل أكاسيد الكربون والميثان، وكذلك في اتخاذ إجراءات وقائية للحدّ من التلوث.
أنظمة الرادار:
توفر أنظمة الرادار رؤية واسعة للمناطق المحيطة بالسفينة؛ ما يساعد على كشف السفن الأخرى والعوائق بدقة.
وتعمل هذه الأنظمة على تعزيز سلامة الملاحة وتحسين كفاءة الرصد.
تقنية (الكاميرا):
تسهم (الكاميرات) عالية الدقة في التفتيش البصري للمنطقة البحرية، إذ يمكن استعمالها لرصد مصادر التلوث، وإرسالها إلى محطة التحكم على الهواء بدقة فائقة.
كما تُقاس نسبة الصفاء بتقييم وضوح المياه من خلال قياس مستوى المواد العالقة وتركيز المواد العضوية، وتُعدّ هذه البيانات ضرورية لتقييم جودة المياه ومراقبة الرواسب والكشف عن الملوثات.
وأوضح الدكتور أنور أنه باستعمال السفينة المُسيرة المدعومة بالتقنيات السابقة، أصبح من السهل رصد وتحليل بيانات البيئة البحرية بدقة، واتخاذ الإجراءات الضرورية للحفاظ عليها وضمان استدامتها.
فكرة التصميم والتشغيل:
قال الدكتور أحمد أنور -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة-، إن الفريق البحثي صمّم السفينة في البداية باستعمال مجموعة من البرامج مثل (maxsurf- solidworks- dolphen)، لضمان أداء مثالي، وكفاءة في التصميم للعمل في البحر.
وأضاف أن السفينة المُسيرة صُممت بأبعاد صغيرة نسبيًا؛ لتسهيل حملها ونقلها إلى المناطق المُراد فحصها، مشيرًا إلى طولها لا يتعدى 1.4 مترًا، بينما يبلغ عرضها 0.73 مترًا، وارتفاعها 0.40 مترًا.
وتابع أن الفريق البحثي راعى تصميم الأبعاد لتوفير التوازن المثالي بين الاستقرار والسرعة والكفاءة.
واستطرد قائلًا، إن السفينة المُسيّرة تعمل باستعمال جهاز تحكم عن بُعد، لافتًا إلى أن هذا النظام يتيح للمشغّلين التحكم في المناورة، والتوجيه بدقة؛ ما يجعل السفينة مرنة وفاعلة في مختلف الظروف والتطبيقات.
كما يشمل التصميم اختيار مواد تصنيع الهيكل الخارجي (بدن السفينة).
وأشار أنور إلى أنها تعتمد على عدد من طبقات الفيبرجلاس مع البوليستر غير المشبع لتكوين الهيكل عالي الصلابة، مع مراعاة خفة الوزن.
كما غُلِّف البدن بطبقة واحدة من ألياف الكربون لضمان مقاومته للصدمات المفاجئة.
وأكد أنور أن استعمال السفن المُسيرة للطاقة الشمسية يُعدّ من التقنيات الحديثة التي تتوافق مع إستراتيجيات مواجهة تغير المناخ.
ولفت إلى أن هذا النوع من السفن يمثّل حلًا فاعلًا ومتعدد الاستعمالات لمراقبة البيئة البحرية والحفاظ عليها، في ظل ما تتعرض له من تحديات متصاعدة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..