يبدو أن ولاية فلوريدا الأميركية قررت أن تغرد خارج سرب توجهات إدارة الرئيس جو بايدن المناخية، إذ أعلن حاكم الولاية حزمة قرارات تعدّ بمثابة “حرب” على الطاقة النظيفة.
ويأتي هذا مخالفة للخطة المناخية التي تتبنّاها إدارة بايدن، والتي تعزز نشر مشروعات الطاقة النظيفة، مثل: الشمس والرياح والهيدروجين، بالإضافة إلى توسعات السيارات الكهربائية.
ووفق بعض ملامح مشروعات قوانين الطاقة التي أقرّها حاكم الولاية “رونالد ديون ديسانتيس”، يحصل الغاز الطبيعي على مساحة أكبر، مقابل إسقاط غير مبرر لأهداف خفض الانبعاثات.
وتبنّت مشروعات القوانين -التي اطّلعت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) على بعض بنودها- قيودًا تلاحق نشر الرياح البحرية في مياه الولاية، لكن الإجراءات الأكثر جرأة تعلّقت ببدء بتر الاستثمارات الصينية من جذورها.
الغاز والوقود الأحفوري
تعتمد ولاية فلوريدا الأميركية في تشغيل محطات الكهرباء على الغاز الطبيعي بنسبة كبيرة، ودفع ذلك حاكم الولاية “ديسانتيس” إلى دعم هذا الاتجاه في مشروع قانون الطاقة الجديد.
وبدلًا من توسعة نطاق انتقال الطاقة بالوتيرة نفسها للولايات الأميركية الأخرى، خفف مشروع القانون من القيود التنظيمية الخاصة ببناء خطوط أنابيب جديدة لنقل الغاز، خاصة أن الولاية تضم حاليًا خطوطًا يزيد طولها عن 15 ميلًا.
ويتطلب بناء خطوط جديدة تمريرًا لبند يتعلق بتحديد مواقع خطوط النقل، بما يزيد طول الخطوط أكثر من 100 ميل.
ورحّبت هيئة الغاز الطبيعي في الولاية بمشروع القانون الجديد، مشيرة إلى أنه يساعد في ترك حرية اختيار مصادر الطاقة للمستهلك، مع تخفيف القيود على سياسات الطاقة.
بدوره، لفت المدير التنفيذي للهيئة “ديل كالهون” إلى أن القانون الجديد يمنح مرونة البنية التحتية للغاز وموثوقيتها، ويشكّل ضرورة اقتصادية للولاية وسكانها.
حرب الرياح البحرية
شنَّ حاكم ولاية فلوريدا الأميركية حربًا ضروسًا على مصادر الطاقة المتجددة، وأسّس في مشروعات القوانين الجديدة لحظر مشروعات الرياح البحرية في المياه التابعة للولاية.
ويشمل الحظر بناء أو تشغيل التوربينات، سواء في مياه الولاية، أو الرقعة المحيطة بها حتى مسافة ميل من الساحل، وفق الموقع الإلكتروني تامبا فري برس (Tampa FP).
وقال داعم المشروع في مجلس الشيوخ عن مدينة تامبا، جاي كولينز، إن حماية الحياة البرية والنظام البيئي في الولاية كانت الهدف من حظر نشر توربينات الرياح البحرية.
وأوضح أن هناك قلقًا من تهديد هذه التوربينات للنباتات والحيوانات والكائنات البحرية والنظام البيئي، بالإضافة إلى أن الضوضاء الناجمة عنها تنعكس سلبًا على السياحة.
ووصف “ديسانتيس” حزمة قراراته التي صدّق عليها الأربعاء 15 مايو/أيار 2024، بأنها “استعادة للتفكير بعقلانية في قطاع الطاقة، ولإبقاء الخصوم الصينيين خارج نطاق استثمارات الولاية”، حسب تغريدة له نشرها في منصة إكس.
The legislation I signed today—HB 1645, HB 7071, and HB 1331—will keep windmills off our beaches, gas in our tanks, and China out of our state.
We’re restoring sanity in our approach to energy and rejecting the agenda of the radical green zealots.
Furthermore, we’re going to… pic.twitter.com/G13RcdxIBR
— Ron DeSantis (@GovRonDeSantis) May 15, 2024
نعم للانبعاثات!
لم يكن لأهداف خفض الانبعاثات (الشغل الشاغل للرئيس بايدن والهدف الرئيس لخطّته المناخية) حظ وافر من قرارات حاكم ولاية فلوريدا الأميركية، لكن على العكس ربط معنيّون بشؤون البيئة بين توسعات الغاز الطبيعي وبناء خطوط جديدة وبين زيادة الانبعاثات.
وبموجب قرارات حاكم الولاية الأخيرة، يُحذف من القانون الحالي ما يتعلق بـ(تحقيق أمن الطاقة عبر خفض استيراد النفط، وتقليص تداعيات تغير المناخ عبر خفض الانبعاثات، وأن يُنظر للطاقة النظيفة بوصفها مصدرًا للتوظيف).
ويعوّض القانون الجديد الجزء المحذوف بما يؤكد أن (هدف سياسة الولاية ضمان أمن الطاقة، عبر إمدادات موثوقة ومنخفضة التكلفة)، دون الحديث عن خفض للانبعاثات.
وأثارت هذه التعديلات -منذ كشف ملامحها قبل شهرين- اعتراضات جمة، خاصة أن ولاية فلوريدا الأميركية كثيرة التعرض للكوارث المناخية، وعلى رأسها الفيضانات واحتمالات ارتفاع منسوب المياه.
وربما لا تبدو هذه التعديلات غريبة على ديسانتيس؛ إذ تبنّى خلال حملته الانتخابية العام الماضي 2023 التركيز على تطوير الوقود الأحفوري، منتقدًا حملات التخويف من تداعيات الاحتباس الحراري وتغير المناخ.
وقال حينها: إن “البشر بعيدون عن الكوارث المناخية”، مشيرًا إلى بعضهم يروّج لمكافحة تغير المناخ لتتطابق مع أفكاره، وليس لقراءة جيدة للواقع.
الاستثمارات الصينية
أقرّ حاكم فلوريدا رونالد ديون ديسانتيس إجراءً مثيرًا للدهشة، بوضع حدّ للاستثمارات المتورطة مع شركات صينية لها علاقة بحكومة الدولة الآسيوية أو جيشها.
وكان المشروع قد طُرِح على مشرّعي الولاية وصدّقوا عليه في مارس/آذار الماضي، ويدعو إلى بدء بيع الكيانات التابعة للشركات التي تسيطر عليها الصين في الولاية الأميركية، بدءًا من سبتمبر/أيلول المقبل، تمهيدًا لسحب الاستثمارات تمامًا في غضون عام.
وتنتشر في الولاية شركات صينية بحجم استثمارات أقل من 300 مليون دولار، لكن المشروع جاء ليعزز من الاتجاه لقطع العلاقات الاقتصادية مع بكين.
وأطلقت الولاية في ديسمبر/كانون الأول 2021 حملة للتدقيق في الاستثمارات الصينية الحكومية أو المرتبطة بالحزب الشيوعي، وتوقفت بعض الاستثمارات في مارس/آذار 2022.
وقيّد مشروع القانون الذي اعتمده الحاكم “ديسانتيس” امتلاك أفراد صينيين ومن جنسيات أخرى (وصفهم بأنهم من بلدان مثيرة للمخاوف) لعقارات في الولاية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..