تراجعت شهية التجّار لتخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا خلال صيف العام الجاري (2024)، بعدما سجلت مستويات مرتفعة في هذا الوقت من العام الفائت.

وراهنت الشركات على مرافق تخزين الغاز في أوكرانيا؛ إذ توفر طاقة استيعابية تشتد الحاجة إليها بتكاليف منخفضة، وتربطها بالقارة العجوز شبكة أنابيب ضخمة.

وتجاهَل أولئك التجّار احتمالات تعرّض مرافق تخزين الغاز وخطوط النقل لهجمات روسية، لكن موسكو فاجأتهم بقصف مرافق الطاقة الأوكرانية، ومنها منشآت الضخ المستعملة في تخزين الغاز، وذلك خلال أشهر فصل الربيع.

وتعرضت أوروبا لأزمة حادّة إثر قطع إمدادات الغاز الروسي المنقول عبر خط أنابيب نورد ستريم بعد غزو أوكرانيا في عام 2022، وهو ما وضع القارة العجوز في أزمة حادّة أدّت لارتفاع قياسي بأسعار الغاز وبحث مستعرٍ لتأمين الإمدادات.

ولذلك، كانت فكرة تخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا لعدم تكرار الأزمة، وتلبية الاحتياجات المتزايدة في فصل الشتاء، ولتجنّب تقلبات الأسعار.

تخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا

يفرض تزايد مخاطر الهجمات الروسية وتراجع حوافز أسعار التخزين في أوكرانيا ضغوطًا على تجّار الغاز الأوروبيين.

وخلال الصيف الجاري، تراجعت حصة استعمال شبكة تخزين الغاز الأوكرانية مترامية الأطراف بسبب تلك الهجمات.

آثار ضربة روسية على أحد المواقع في خاركيف الأوكرانية – الصورة من وكالة رويترز

وتشير بيانات وكالة أرغوس إلى إرسال 15.4 مليون متر مكعب و51.9 مليون متر مكعب من الغاز الأوروبي إلى أوكرانيا للتخزين في يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2024، بانخفاض كبير عن 102.7 مليون متر مكعب و586.6 مليون متر مكعب على أساس سنوي.

يُشار هنا إلى أن أوكرانيا تمتلك أكبر مرافق لتخزين الغاز تحت الأرض، وشبكات أنابيب تربطها بالقارة العجوز، كما كانت على مدار عقود طريقًا رئيسًا لعبور الغاز الروسي إلى أوروبا (المصدر الرئيس سابقًا للقارة العجوز).

ولا تستوعب مرافق تخزين الغاز في دول الاتحاد الأوروبي سوى 100 مليار متر مكعب بحدّ أقصى، وهو أقل من الطلب السنوي الذي يتراوح بين 350 و500 مليار متر مكعب.

وأتاحت أوكرانيا فرصة لتخزين 10 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز في العام الماضي (2023)، وقبل حلول فصل الشتاء كان حجم الغاز الأوروبي المخزّن هناك أكثر من ملياري متر مكعب.

تعارض مصالح

قالت شركة الطاقة الحكومية الأوكرانية نافتوغاز، إن هجمات عديدة أصابت مرافق بنية أساسية فوق سطح الأرض في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2024.

وأكدت الشركة أن الإصلاحات جارية، كما طمأن رئيسها التنفيذي أوليكسي تشيرنيشوف العملاء بعدم وجود مشكلات تعترض ضخ الغاز وسحبه، وفق تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.

ومن مصلحة أوكرانيا التي مزّقها النزاع أن يواصل تجّار الغاز الأوروبيون استعمال مرافقها للتخزين بسبب الإيرادات التي ستعود لخزينة البلاد.

لكن دون تقديم حوافز إضافية لأوكرانيا مقابل تخزين الغاز الأوروبي على أراضيها، سيكون من العسير عودة التجار مجددًا، وهو رأي عبّرت عنه مديرة تسعير الغاز الأوروبي في وكالة أرغوس ناتاشا فيلدينغ.

في المقابل، عقدَ الاتحاد الأوروبي مباحثات مع مصارف للتأمين من المخاطر التي قد يتعرض لها الغاز الأوروبي في أوكرانيا.

وقال مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي، إن أوكرانيا تجني نحو 200 مليون يورو (218.5 مليون دولار) مقابل تخزين الغاز الأوروبي، كما سيتطلب التأمين مبلغ 10 مليارات.

ووجّه حديثه لقادة الاتحاد، قائلًا: “إذا كنتم تريدون دعم أوكرانيا، فقط أعطوها 10 مليارات يورو”.

*(اليورو = 1.09 دولارًا).

منشأة أوكرانية لتخزين الغاز
منشأة أوكرانية لتخزين الغاز – الصورة من شركة “Ukrtransgaz”

تلاشي المميزات وخطر

أكد المدير في شركة الطاقة “أكسبو”، ماركو سال فرانك، أن الهجمات الروسية المستمرة تزيد مخاطر تخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا.

وأوضح أن المشكلة الكبرى ليست في خسارة الغاز هناك، بل في انعدام القدرة على استخراجه عند الحاجة.

يتزامن ذلك مع تلاشي الميزات السعرية التي جذبت تجّار أوروبا في العام الماضي 2023 لتخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا.

وفي صيف 2023، كان الفارق السعري أعلى من 20 يورو لكل ميغاواط/ساعة، لكن العام الجاري سجّل انهيارًا لذلك الفارق إلى 5 يورو فقط.

وعادةً ما تستعمل الدول الأوروبية وحدات القياس غيغاواط وتيراواط في تعاملاتها، علمًا أن (غيغاواط/ساعة = 3.2 مليون قدم مكعبة غاز)، و(تيراواط/ساعة = 3.2 مليار قدم مكعبة غاز).

بدوره، يقول سال فرانك من شركة أكسبو، إن فروق الأسعار غير جاذبة بما يكفي لتبرير خطر ضخ الغاز في “منطقة حرب”.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.