يبدو أن صناعة الليثيوم ستكون أمام تحدٍ محتمل في المستقبل القريب، يتمثّل في تزايد فائض المعروض؛ ما يفرض على المستثمرين في هذا القطاع ضرورة التوصل إلى حلول لإدارته.
وجذبت طفرة الأسعار في عامي 2022 و2023 استثمارات كبيرة إلى السوق، وأدت إلى توسع سريع في إمدادات الليثيوم، لكن تباطؤ الطلب الحالي سيؤدي إلى فائض في المعروض بداية عام 2024، ويستمر طوال العقد الجاري.
وبحلول عام 2026، قد يكون هناك فائض يزيد على 436 ألف طن من مكافئ كربونات الليثيوم، وفقًا للحالة الأساسية للمشروعات الحالية أو المخطط لها، وهو ما يُمثّل 26% من الطلب المتوقع على الليثيوم في العام نفسه، بحسب تقرير اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ولمعالجة هذه المشكلة، يجب على الجهات الفاعلة في صناعة الليثيوم اعتماد إستراتيجيات تضمن الاستدامة والقدرة التنافسية على المدى الطويل.
فائض معروض الليثيوم
يُعد الليثيوم عنصرًا حاسمًا في مستقبل الكهرباء المستدامة، وقد أدت الزيادة الكبيرة في الطلب على السيارات الكهربائية في عام 2022 إلى ارتفاع أسعار الليثيوم، بحسب تقرير صادر عن شركة أبحاث الطاقة المتخصصة وود ماكنزي.
وفي ذلك الوقت، أعربت شركات صناعة السيارات عن مخاوفها بشأن تأمين إمدادات كافية، ولكن مع تخفيض دعم السيارات الكهربائية أو إلغائها، تراجعت مبيعاتها ومن ثم تباطأ نمو الطلب على بطاريات الليثيوم، وأدى ذلك إلى وجود فائض في المعروض.
وليس كل الليثيوم مناسب للاعتماد عليه في بطاريات السيارات الكهربائية، فصناعة البطاريات تتطلب منتجات الليثيوم الأعلى جودة ونقاء؛ ما يجعل العملية أكثر تعقيدًا.
وعادة ما تبدأ المصانع الجديدة بإنتاج ليثيوم ذات جودة أقل، وهو غير مناسب لصناعة البطاريات، ومع تحسين المصانع جودة إنتاجها، يزداد المعروض من الليثيوم المستعمل في البطاريات.
ومن المتوقع أن تشهد سوق كربونات الليثيوم المستعملة في البطاريات فائضًا طفيفًا في عامي 2026 و2027، في حين من المتوقع أن تواجه سوق هيدروكسيد الليثيوم الذي يدخل في صناعة البطاريات -أيضًا- عجزًا طفيفًا في السنوات المقبلة، بحسب ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
زيادة المخزون
على الرغم من الفائض الكبير والمتزايد، فإن صناعة الليثيوم ما تزال في مراحلها الأولى من التطور، وعلى عكس ما كان يحدث في الماضي، إذ كان كبار المنتجين يخفضون إنتاجهم لتحقيق التوازن في السوق، فإن تزايد عدد الشركات العاملة سيتطلب تغييرات أكثر شمولًا.
ولوجود فائض لدى صناعة الليثيوم، من المرجح أن يحتفظ مشترو الليثيوم بالحد الأدنى من المخزونات العاملة في السوق، مع اعتماد نهج الشراء “في الوقت المناسب”.
وفي المقابل، سيحتاج منتجو الليثيوم إلى زيادة المخزونات والاحتفاظ بها حتى يأتي وقت الاحتياج إليه من قبل المشترين.
ويكشف تحويل الفائض إلى عدد أيام من المخزون عن أن صناعة الليثيوم تتطلّب الاحتفاظ بمخزون زائد يصل إلى 114 يومًا من الطلب، وفي حين يمكن إدارة ذلك بفاعلية، إلا أنه إذا استمر الفائض لسنوات، فقد يؤدي ذلك لترحيله إلى سنوات لاحقة.
وقد يؤدي هذا السيناريو إلى تجاوز أيام المخزون 200 يوم من الطلب بحلول عام 2027، قبل أن يبدأ التقلص، مع احتمال أن يؤدي ذلك إلى فائض إجمالي أكبر في صناعة الليثيوم، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
كيفية إدارة فائض المعروض
من المرجح أن تحتاج صناعة الليثيوم إلى استكشاف استعمالات جديدة أو أسواق بديلة للمواد الكيميائية التي تتضمنها، لتجنّب المعروض الزائد والحفاظ على الربحية.
وتُستعمل مركبات الليثيوم الأقل جودة على نطاق واسع في صناعات مثل السيراميك والشحوم، ولكن بما أن هذه القطاعات تشهد نموًا يتماشى مع الطلب المتزايد عليها، فمن غير المرجح أن تكون قادرة على استيعاب زيادة المعروض.
وهناك بعض الخيارات المتاحة لصناعة الليثيوم لإدارة هذا الفائض:
1- إعادة معالجة فائض الليثيوم بصفة عامة، وتحويله إلى مواد كيميائية من فئة الليثيوم المستعملة في البطاريات، شريطة توفير حوافز كافية لتغطية التكلفة وتحقيق هامش ربح مناسب.
2- زيادة المخزونات من مواد الليثيوم الكيميائية ذات درجة النقاء الأقل، إذ يمكن تحويلها إلى ليثيوم عالي الجودة يُستعمل في صناعة البطاريات عندما يرتفع الطلب.
وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2030، من المتوقع ارتفاع الطلب على الليثيوم 3 مرات، ليصل إلى 3 ملايين طن متري من مكافئ كربونات الليثيوم، مقارنة بنحو 1.2 مليون طن متري في عام 2024.
3- يمكن للشركات المنتجة أن تتخلص من مواد الليثيوم الكيميائية الأقل جودة، على الرغم من أن ذلك سيتكبّد تكاليف إضافية.
4– اللجوء إلى تقليص الإنتاج ليتناسب مع الطلب.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..