يوم أمس 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري 2024، تراجعت أسعار النفط بشكل كبير، تجاوز حاجز الـ5، أي ما يزيد على 4.5 دولارًا خلال أقل من 24 ساعة.
وعلى الرغم من أن الانخفاض شكّل مفاجأة للكثيرين، فإن مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، يرى أنه لم يكن مفاجئًا، لا سيما أنه نبّه إليه في مساحة سابقة، يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وأوضح أن انخفاض أسعار النفط كان متوقعًا تمامًا، أهمها وجود مبالغات كبيرة في إمكان ضرب إسرائيل للمنشآت النفطية الإيرانية عمومًا، وذلك لأسباب متعددة، منها أنه على الطائرات أو الصواريخ الإسرائيلية عبور دول عربية، وهذا غير مسموح.
ومن ثم، وفق الحجي، فإن إسرائيل ستكون في هذه الحالة مضطرة إلى اللجوء لأنواع معينة من الطائرات والأسلحة، وهو الأمر الذي يخفّف من حدّة الهجوم المتوقع.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج “أنسيات الطاقة“، قدّمها الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، تحت عنوان “أسعار النفط بين إسرائيل والصين”.
لماذا انخفضت أسعار النفط؟
قال الدكتور أنس الحجي، إن من بين أسباب انخفاض أسعار النفط الذي حدث على مدار يومي الإثنين والثلاثاء 14 و15 أكتوبر/تشرين الأول، تبدُّد المخاوف بشأن استهداف إسرائيل منشآت النفط الإيرانية.
وأوضح أن أيّ هجوم سيكون محدودًا على كل الحالات، لكن إسرائيل لن تضرب منشآت التصدير الإيرانية، لأن هناك ضغطًا شديدًا من جانب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ومن الدول الأوروبية، خوفًا من ارتفاع الأسعار، وتأزُّم المشكلة أيضًا في الشرق الأوسط.
ولفت الدكتور أنس الحجي، إلى تسريب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية معلومات، فجر الأربعاء 16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي تعهَّد للبيت الأبيض بعدم ضرب المنشآت النفطية والنووية الإيرانية.
وبعد ذلك بساعات، وفق الحجي، أكدت وكالة رويترز ووكالة بلومبرغ الخبر بشكل مستقل، وعلى إثر هذا التأكيد انخفضت أسعار النفط، في حين صدرت تصريحات إسرائيل بصورة ردّ، مفاده أن قراراتهم تتعلق بالأمن الإسرائيلي، ولا أحد يتحكم في قراراتهم.
وأضاف: “هذا الرد طبعًا على سبيل العنجهية، ولكن الواقع أن الأسعار انخفضت بهذا الشكل للسبب الرئيس المتمثل في أن إسرائيل لن تضرب منشآت النفط في إيران، بعدما كانت شائعات استهداف هذه المنشآت قد تسببت في زيادة الأسعار بنحو 7 دولارات”.
وتابع: “أسعار النفط لن تعود إلى ما كانت عليه في الستينيات بالنسبة لخام برنت، كما أن السوق اكتشفت أن ما كانت تنشره “فاينانشال تايمز” و”بلومبرغ” عن أوبك+ والسعودية، وما قبل عن وزير الطاقة السعودي، كلّه كذب”.
وأكد الدكتور أنس الحجي أن السوق النفطية اقتنعت الآن بأنه لم يعد هناك أيّ داعٍ للانخفاض الكبير في أسعار النفط، ومن ثم فمن المتوقع أن تظل الأسعار عند حدود 75 دولارًا للبرميل في الوقت الحالي، وذلك بناءً على المعطيات الحالية.
محاصرة ناقلات النفط الإيرانية
لفت خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي إلى إعلان إدارة الرئيس الأميركي و بايدن وضعَ نحو 20 ناقلة نفط إيرانية على اللائحة السوداء قبل يومين، وهو أمر لا يغني ولا يسمن من جوع، وليس له أيّ دور على الإطلاق.
وأضاف: “وضع ناقلات النفط الإيرانية على القائمة السوداء لن يكون له أيّ أثر، إذ إنه سيكون مؤثّرًا إذا كانت هذه الناقلات تذهب إلى أيّ موانٍ تتبع الدول الغربية، ولكنها تذهب فقط إلى الصين، والأخيرة ليس لديها أيّ مشكلة نهائيًا، لذلك لن يؤثّر القرار في حركة النفط أو الناقلات الإيرانية”.
وقال الدكتور أنس الحجي، إنه حتى الآن، ما زال عدد كبير من ناقلات النفط الروسية ينقل النفط من موسكو إلى دول أخرى دون أيّ مشكلات، مضيفًا: “يمكن -فرضًا- في حالة مرور ناقلة نفط فنزويلية بالمياه الدولية أمام البحرية الأميركية أن تحدث عملية إنزال عليها وأخذها، ولكن تاريخيًا لم تجرؤ حكومة بايدن على اقتحام ناقلة إيرانية”.
وأوضح أنه -حتى الآن- ما اقتُحِمَ كان ناقلات يونانية تحمل النفط الإيراني، لكن هناك إثباتات كثيرة حاليًا، وفي الماضي، أنه حتى مقابل سواحل غرب أفريقيا كانت هناك ناقلات إيرانية ويونانية تسير متجاورة، فيقوم الأميركيون بعمليات إنزال على الناقلات اليونانية فقط.
وتابع: “لم تكن البحرية الأميركية تمسّ ناقلات النفط الإيرانية على الإطلاق، فكانت هذه الناقلات تصل أمام البحرية الأميركية إلى فنزويلا، وتفرّغ حمولتها، وتعود دون أيّ مساس بها، لأنها مملوكة لإيران”.
وأشار إلى أن المحللين فسّروا ذلك بعدم رغبة إدارة بايدن في التصعيد، فكانت تحاول إظهار بعض البطولات أمام الشعب الأميركي في عملية الإنزال على ناقلة -بالنسبة للشعب الذي لا يعرف ما إن كانت مملوكة لإيران أم لا- تحمل نفطًا إيرانيًا.
العقوبات وانخفاض أسعار النفط
يقول الدكتور أنس الحجي، إن إشكال انخفاض أسعار النفط تمثَّلَ في نفي فكرة مهاجمة إسرائيل المنشآت النفطية الإيرانية من جهة، ومن جهة أخرى أن أغلب النفط الإيراني يذهب إلى الصين.
وأردف: “الآن -بحسب العقوبات-، تستطيع إيران بيع النفط إلى عديد من الدول التي يمكنها أيضًا أن تشتري النفط الإيراني دون أيّ مشكلة، ولكن الإشكال الحقيقي سيكون في عملية الدفع”.
ولفت إلى أنه -عادةً- إذا اشترت دولة -مثل الهند- النفط الإيراني، فإنها تفتح حساب البنك باسم الحكومة الإيرانية، أو شركة النفط الإيرانية، وتودع فيها المبلغ، الذي يُجَمَّد هناك.
ومن ثم، وفق الدكتور أنس الحجي، لا يمكن لطهران سحب هذه الأموال إلّا بعد التوصل لاتفاقية مع الولايات المتحدة التي ستسمح لها حينها بالحصول على هذه الأموال وسحبها.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..