اقرأ في هذا المقال
- الصلب الأخضر مصطلح مجازي يُطلَق على طرق التصنيع منخفضة الانبعاثات
- أغلب مصانع الحديد والصلب في الشرق الأوسط يعمل بالغاز الطبيعي، وليس الفحم
- تحول مصانع الشرق الأوسط إلى الهيدروجين فرصة اقتصادية للتصدير إلى أوروبا
- الاتحاد الأوروبي يستعد لتطبيق ضريبة الكربون على واردات الحديد عالية الانبعاثات
- موارد الطاقة المتجددة الهائلة في الشرق الأوسط تعزز فرص التحول للهيدروجين
يتزايد الحديث عن صناعة الصلب الأخضر عامًا بعد عام، في إطار مبادرات تحول الطاقة وخفض الانبعاثات العالمية التي تقودها أوروبا والولايات المتحدة وبعض الدول الصناعية الكبرى.
وتستحوذ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على اهتمام أوروبي وعالمي كبير في إطار هذه المبادرات الناشئة، بالنظر إلى أن معظم مصانع الصلب في المنطقة تعمل بالغاز، وليس الفحم، كما هو سائد في عديد من المناطق الرئيسة المنتجة، لا سيما في الصين والهند.
في هذا السياق، توقعت دراسة تحليلية حديثة -اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة، ومقرّها واشنطن- تَصدُّر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زمام المبادرة في سباق صناعة الصلب الأخضر العالمية خلال العقود المقبلة حتى عام 2050.
وتستند الدراسة إلى قدرة مصانع الصلب في المنطقة على تلبية متطلبات خفض انبعاثات الصناعة بصورة أسرع من أيّ منطقة أخرى، بالنظر إلى ما تمتلكه من إمكانات هائلة في الطاقة المتجددة.
أنظمة التشغيل الهجينة مفتاح المستقبل
تشير الدراسة الصادرة من معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي إلى أن صناعة الصلب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمكنها التحول من الغاز الطبيعي إلى أنظمة هجينة تعتمد على مزج الهيدروجين بالغاز لإنتاج الحديد المختزل المباشر في أفران القوس الكهربائي دون تعديلات مكلفة للبنية.
ويمكن لأنظمة التشغيل الهجينة أن تسهّل عمليات الانتقال إلى إنتاج منخفض الانبعاثات بمصانع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى جانب منحها وضعًا مثاليًا في أسواق صناعة الصلب الأخضر العالمية الرئيسة، لا سيما أوروبا.
وتستحوذ مصانع الصلب في الشرق الأوسط على 46% من الإنتاج العالمي للحديد المختزل، أو ما يُطلَق عليه الحديد الإسفنجي (DRI)، الذي يُستعمل في صورة مادة خام لإنتاج الصلب، ما جعل المنطقة محط أنظار صناعة الصلب الأوروبية المتسارعة في التحول إلى أنماط الإنتاج الخضراء.
وتتوقع دراسة معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي ارتفاع قدرة إنتاج الحديد المختزل المباشر عالميًا إلى 175 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، مع استحواذ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على ثلث نمو الإنتاج.
بينما يُتوقع ارتفاع حجم التجارة العالمية للحديد المختزل إلى 85 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050، مع إسهام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنصف الصادرات.
ضريبة الكربون الأوروبية
يمكن للمصنّعين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يكونوا من أوائل المصدّرين للحديد الأخضر إلى الاتحاد الأوروبي الذي يستعد لفرض ضريبة كربون تدريجية على وارداته بداية من عام 2026، لتقييد دخول المنتجات عالية الانبعاثات عبر آلية تعديل حدود الكربون (CBAM).
ومن المقرر أن تكون واردات الحديد والصلب والأسمنت والألومنيوم والأسمدة والكهرباء ضمن القائمة التي ستُطبَّق عليها ضريبة الكربون الأوربية التي ستتصاعد تدريجيًا حتى عام 2034، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويمكن لصناعة الصلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الامتثال لعصا اللوائح التنظيمية لضريبة الكربون الأوروبية، باستعمال تقنيات الانبعاثات المنخفضة حاليًا، لكن تأمين حصة كبيرة من السوق الأوروبية في السنوات المقبلة لن يكون إلّا بالتحول إلى الهيدروجين، بحسب المحلل في معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي سوروش بصرات.
وينصح المحلل مصانع إنتاج الحديد المختزل عبر أفران القوس الكهربائي القائمة على الغاز بإعطاء المزيد من الأولوية للتخلّص التدريجي لانبعاثات النطاقين 1 و2 لتتماشى مع المعايير الدولية الصارمة في صناعة الصلب الأخضر أو منخفض الانبعاثات.
فرص مصانع الشرق الأوسط وتحدياتها
تتمتع مصانع الصلب في الشرق الأوسط بفرصة كبيرة لتحويل أسطولها من مصانع الحديد المختزل القائمة على الغاز إلى أنظمة هجينة، تمهيدًا للتحول الكامل إلى الهيدروجين في المستقبل.
وتسمح الأنظمة الهجينة بأن يكون حجم مرافق الإنتاج أصغر، ما يؤدي إلى انخفاض تكاليف رأس المال، ويجعل عملية التحول ذات جدوى اقتصادية إلى جانب الجدوى البيئة والمناخية.
ومع ذلك، يشكّل الاعتماد الكبير لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء عقبة رئيسة أمام المنتجين لتلبية القيود الدولية المتزايدة على الصلب كثيف الانبعاثات، مثل آلية تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي.
ويمكن معالجة هذه المشكلة عبر التوسع باستغلال موارد الطاقة المتجددة الهائلة في المنطقة، التي من شأنها أن تسمح للمنتجين بتقليل اعتمادهم على كهرباء الشبكة العامة، ما يسهم بدوره في خفض انبعاثات الكربون بالقطاع بصورة أكبر، وتعزيز صناعة الصلب الأخضر.
وإذا نجحت دول الشرق الأوسط في التحول التدريجي إلى شبكات الكهرباء النظيفة، فمن المتوقع أن تُفتَح أمام شركاتها فرص تعاون هائلة مع شركات صناعة الصلب الأخضر في الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل التوجه إلى بناء سلاسل توريد عالمية أكثر تكاملًا وكفاءة.
ووقّعت الحكومة الألمانية -على سبيل المثال- اتفاقية لإنتاج 10 آلاف طن من الهيدروجين الأخضر في المغرب، لإرسالها إلى برلين، ضمن خطة لإنتاج 50 ألف طن من الصلب الأخضر.
ومن المتوقع توزيع هذا الهيدروجين الأخضر على المشترين عبر مناقصة عامة دولية ستكون في أواخر عام 2024، ما يشير إلى بدايات التعاون بين دول المنطقة والاتحاد الأوروبي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..