انتقد محلل بريطاني تقديم حكومة المملكة المتحدة إعانات الطاقة المتجددة للتشجيع، سواء للتحول إلى المصادر النظيفة بعيدًا عن الوقود الأحفوري، أو تشجيع سلاسل التوريد المحلية، كما ظهر مؤخرًا.
وقال خبير الطاقة الدكتور جون كونستابل، إن الحكومة تنفق المليارات منذ أكثر من عشرين عامًا لصالح دعم التحول الأخضر، لكن تلك السياسة البريطانية “خطأ جاء بنتائج عكسية”، على حدّ زعمه.
وأوضح في مقال اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أن الشعب هو من يُثقل كاهله بتلك المخصصات في صورة ارتفاع لفواتير الكهرباء لمدد طويلة.
كما أصبحت الشركات المُطورة لمشروعات الرياح البحرية مُلزمة قانونًا بشراء مكونات محلية بصفته شرطًا مسبقًا للفوز بالعقود الجديدة.
إعانات الطاقة المتجددة البريطانية
يقول الدكتور جون كونستابل، إن حكومة المملكة المتحدة فطِنت أخيرًا لحقيقة برامج دعم دخل المستهلكين “المغرية للغاية” والرامية إلى تعزيز مصادر الطاقة المتجددة.
ولفت كونستابل إلى أن تلك البرامج تشجع على استيراد مكونات التقنيات النظيفة من دول أجنبية، وعلى رأسها الصين، كما تأتي تلك الواردات محمّلة بانبعاثات مضرّة بصحة الكوكب وسكانه.
ونسب الجزء الأكبر من مشكلة ارتفاع التكاليف محليًا إلى إعانات الطاقة المتجددة ذاتها بصورة كبيرة، وفق التصريحات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ورغم تلك الحقائق التي رصدتها تجربة الدعم على مدار أكثر من 20 عامًا، لا تعترف حكومة المملكة المتحدة بأن مشروع الإعانات الخضراء عمومًا هو “خطأ ذو نتائج عكسية”، بل تطور مشروع دعم جديدًا لطاقة الرياح البحرية.
“رشوة” الطاقة المتجددة
أعلنت حكومة المملكة المتحدة الحالية بقيادة حزب العمال أنها بصدد الدفع لمطوري الطاقة المتجددة مقابل استعمال حصة أكبر من السلع والخدمات البريطانية في مشروعاتهم، بُغية تطوير سلاسل الإمداد منخفضة الكربون.
غير أن تلك الإعانات المالية الضخمة ستكون حصرية لمشروعات الرياح البحرية بموجب برنامج أُطلق عليه “جائزة الصناعة المستدامة” يأتي في إطار مسودة “إطار عمل التخصيص” المنشورة مؤخرًا عبر الموقع الرسمي للحكومة البريطانية.
بدوره، وصف الكاتب جون كونستابل الخطة بـ”الرشوة”، موضحًا أن فواتير الكهرباء التي يدفعها المستهلكون هي من سيسدّد تكلفة البرنامج التي تُقدَّر بـ200 مليون جنيه إسترليني سنويًا (253 مليون دولار أميركي).
(الجنيه الإسترليني= 1.27 دولارًا).
يُضاف إلى ذلك أن المسودة تنص بوضوح على أن وزير الخارجية يمتلك من الأدوات ما يسمح له بزيادة تلك الميزانية، فيما وصفه الكاتب بـ”التزام غير محدود بالإنفاق”.
وأضاف: “ببساطة، ستُنفق وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني ما يلزم لتحقيق الأهداف، وإذا كانت التكلفة النهائية التي سيدفعها المستهلكون هي ضعف أو ثلاثة أضعاف أو عشرة أضعاف التقديرات الحالية، حينئذٍ لا ينبغي لأحد أن يكون مندهشًا”.
لذلك، طالب كونستابل بفرض ضغوط على الحكومة لضمان خضوع التكاليف الجديدة لإعانات الطاقة المتجددة لرقابة مكتب مسؤولية الموازنة في بيانه الخاص بالتوقعات الاقتصادية المالية الذي ينشره ويطّلع عليه عامة الناس.
جائزة الصناعة المستدامة
أشار الكاتب إلى جانب آخر لجائزة الصناعة المستدامة يحمل “أنباء سيئة أخرى لمستهلكي الكهرباء”، وهو أنها ستُلزم قانونًا مطوري أيّ من مشروعات طاقة الرياح البحرية المتقدمين لعطاءات العقود مقابل الفروقات بتوفير مخصصات للشراء من سلاسل التوريد المحلية منخفضة الكربون، “حتى لو لم يكن ذلك ناجحًا فعليًا في تطبيق برنامج جائزة الصناعة المستدامة”، على حدّ قوله.
ويقول أيضًا: “بعبارة أخرى، تعمل حكومة المملكة المتحدة على إلزام مطوري الطاقة المتجددة المتقدمين للحصول على الإعانات -قانونًا- باستعمال حصة كبيرة من السلع والخدمات البريطانية”.
وتابع: “هذا ليس اعترافًا ضمنيًا بفشل السياسة الصناعية فحسب، بل سيكون له عواقب مهمة على زيادة أكبر لتكلفة الرياح البحرية الجديدة التي هي باهظة للغاية”.
لذلك، توقّع مواصلة صناعة الرياح مواصلة فرض الضغوط لزيادة الضمانات على أسعار البيع بموجب العقود مقابل الفروقات، مع التهديد بعدم تحقيق أهداف الحياد الكربوني، إذا لم تتوفر المزيد من الأموال للمستهلكين.
“إنها فوضى معقّدة، وهي نموذجية للمحاولات الخاصة بإنقاذ السياسة المتداعية”، بحسب مقال الكاتب الذي نشرته منصة “نت زيرو ووتش” (netzerowatch)، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ولفت إلى تطور آخر نتيجة للسياسة الجديدة، وهو شعور المطورين من الخارج بالظلم الذي سيدفعهم إلى ساحات المحاكم الدولية للطعن في إعانات الطاقة المتجددة التي سيحصل عليها نظراؤهم المحليين بوصفها “مساعدات حكومية غير قانونية” وتضرّ بالمنافسة.
وتهكّم قائلًا: “ستكون مفارقة سارّة أن تتهم الحكومة الصينية نظيرتها في المملكة المتحدة بممارسات تجارية غير عادلة”.
مخاطر سياسية
يقول كاتب المقال الدكتور جون كونستابل، إن الجانب الذي ربما يكون أكثر تهديدًا لجائزة الصناعة المستدامة هو أن الزيادة المقدمة لإعانات رأس مال مشروعات الطاقة المتجددة هو “سابقة مهمة في السياسية البيئية البريطانية”.
يدفع ذلك إلى توقُّع أن يستغلها حزب العمال الحاكم في حالة فوزة بالانتخابات العامة المرتقبة، وشكّل حكومة جديدة، وهو أمر محتمل.
كان الحزب قد وعد في حالة فوزه بإقامة شركة الطاقة البريطانية العظمى للاستثمار بالطاقة النظيفة في أنحاء البلاد كافة، وهو ما سيجعل البلاد رائدة عالمية في طاقة الرياح البحرية العائمة.
وتساءل الكاتب عمّا إذا كان الحزب سيعدّ إعانات الطاقة المتجددة التي تقدّمها الحكومة لأعمال التطوير ورأس المال وطاقة الرياح البحرية “معرضًا للخطر” من قِبل الأموال العامة؛ إذ قد تُرى بوصفها استثمارات حكومية، وعلى هذا الأساس تؤمّمها مع تقديم تعويضات صغيرة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..