اقرأ في هذا المقال
- من المتوقع أن يحوّل البرلمان المنتخب حديثًا تركيز خطط المناخ نحو السياسة الصناعية
- الاتحاد الأوروبي أقرّ تشريعات مثل قانون الصناعة المحايدة كربونيًا وقانون المواد الخام الحيوية
- المؤسسات الأوروبية المنتخبة حديثًا ستواصل تشكيل السياسات الخضراء ذات الآثار العالمية الكبيرة
- تأمين سلاسل توريد مستدامة ومرنة للتكنولوجيات الخضراء أصبح هدفًا مركزيًا للاتحاد الأوروبي
أثار صعود الأحزاب الشعبوية اليمينية وتراجع شعبية أحزاب الخُضر في القارة العجوز العديد من التساؤلات حول مستقبل سياسات أوروبا الخضراء، والتي تعوّل عليها العديد من البلدان لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
ومن المرجّح أن يحافظ الاتحاد الأوروبي على التزامه بتنفيذ سياساته الخضراء بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث يستمر البرلمان الأوروبي في التمتع بحضور قوي لأحزاب الوسط، وفقًا لمقال حديث اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وأدت الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبي إلى تحول كبير في المشهد السياسي، إذ اكتسبت الأحزاب الشعبوية اليمينية تأييدًا، وعوقبت أحزاب الخضر بعدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بصناديق الاقتراع.
في المقابل، تكبدت الأحزاب الحاكمة في ألمانيا وفرنسا خسائر كبيرة، ما قد يقلل من نفوذ هذه القوى الأوروبية الكبرى، وهو ما أثار المخاوف من تراجع تنفيذ وخطط سياسيات أوروبا الخضراء.
ولاية ثانية لرئيسة المفوضية الأوروبية
على الرغم من تراجع تأييد أحزاب الخضر في الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبي، خرجت أحزاب الوسط قوية، وساعدت في تأمين ولاية ثانية لرئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين.
ودافعت فون دير لاين عن سياسات أوروبا الخضراء، من خلال أكبر حزمة لتنفيذ مشروعات المناخ، شهدها الاتحاد الأوروبي على الإطلاق، والهدف الطموح المتمثل في جعل أوروبا أول قارة محايدة كربونيًا بحلول عام 2050، وخفض الانبعاثات بنسبة 55% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 1990.
وقالت محللة سياسة الصين لدى مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، بليندا شايب، في مقال نشرته مجلة يوروبيز (EURObiz) الصادرة عن غرفة التجارة للاتحاد الأوروبي في الصين، إن الاتجاه السياسي أدى إلى أدنى مستوى لانبعاثات الاتحاد الأوروبي منذ ستينيات القرن الماضي.
وتؤكد السياسات، التي صيغت في خضم تحديات عالمية مثل جائحة كوفيد-19 وغزو روسيا أوكرانيا، على التزام الاتحاد الأوروبي الراسخ بخطط المناخ، التي ستظل نقطة محورية في المستقبل، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ومن المتوقع أن يحوّل البرلمان المنتخب حديثًا تركيز خطط المناخ نحو السياسة الصناعية للاستفادة من الفرص الاقتصادية للتحول الأخضر، بدلًا من تعزيز الأهداف الحالية.
ويُعَدّ دمج التقنيات الخضراء في الإستراتيجيات الصناعية الأوسع نطاقًا محركًا مهمًا للازدهار الاقتصادي، إذ يوفر فرصًا واسعة للابتكار والمشروعات التجارية الجديدة.
وبالإضافة إلى حزمة “لائق لنسبة 55%” التي تحدد أهداف وسياسات المناخ الرئيسة للاتحاد الأوروبي، أقرّ التكتل تشريعات مثل قانون الصناعة المحايدة كربونيًا وقانون المواد الخام الحيوية، التي تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية الأوروبية في التقنيات الخضراء وتقديم الفرص للشركات الأوروبية.
من ناحية ثانية، سيتطلب جواز سفر البطاريات لدى الاتحاد الأوروبي، الذي سيصبح إلزاميًا بدءًا من عام 2027، معلومات مفصلة عن الاستدامة والتأثير البيئي للبطاريات الموضوعة في سوق الاتحاد الأوروبي.
وصُمِّمَت هذه المبادرة لتعزيز الاستدامة في سلاسل توريد المعادن الحيوية ودعم التحول الأخضر الأوسع. وتُجسّد مثل هذه التدابير دور الاتحاد الأوروبي بصفته رائدًا عالميًا في سياسة المناخ، والتأثير في الأسواق والممارسات الدولية، بما في ذلك الصين.
التقنيات الخضراء
توقعت محللة سياسة الصين لدى مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، بليندا شايب، أن تستمر إستراتيجية أوروبا تجاه الصين بعد الانتخابات البرلمانية الأوروبية، وتتميز بنهج إزالة المخاطر.
وأوضحت أنه من خلال جهوده لإزالة المخاطر، يمشي الاتحاد الأوروبي على خط رفيع بين الطموحات لضمان القدرة التنافسية والأمن الاقتصادي الأوروبي، مع سعيه إلى مواصلة المشاركة الدبلوماسية مع الشركاء الصينيين.
وأشارت إلى أن التقنيات الخضراء انتقلت إلى مركز جهود الاتحاد الأوروبي لإزالة المخاطر، بسبب الدور المهيمن للصين في هذا القطاع.
وأصبح تأمين سلاسل توريد مستدامة ومرنة للتكنولوجيات الخضراء هدفًا مركزيًا للاتحاد الأوروبي.
وتُمثّل التحقيقات الأخيرة في الدعم للسيارات الكهربائية الصينية والألواح الشمسية وتوربينات الرياح جهودًا لضمان القدرة التنافسية للشركات الأوروبية في هذه التقنيات المستقبلية.
وبالنظر إلى التعرفات الجمركية التي أُعلنها مؤخرًا على السيارات الكهربائية الصينية، اتخذ الاتحاد الأوروبي نهجًا محسوبًا لتقليل التوترات التجارية في تناقض واضح مع الولايات المتحدة.
وبالمقارنة بالولايات المتحدة، فإن التعرفات الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي تُعَدّ نتيجة لتحقيق محدد بقيم متفاوتة لشركات مختلفة، بناءً على حجم الدعم الذي تلقّته.
وتُعدّ هذه التعرفات أقل بكثير من التعرفة الجمركية الشاملة التي فرضتها واشنطن بنسبة 100%.
وكان إعلان الاتحاد الأوروبي مصحوبًا بمشاركة دبلوماسية مع نظرائه الصينيين في محادثات تجارية رفيعة المستوى وحوارات تقنية مع الشركات المتضررة، ما أدى إلى تعديلات طفيفة.
وفي زيارة إلى الصين، أكد وزير الاقتصاد والمناخ الألماني، روبرت هابيك، أن التعرفات الجمركية ليست عقابية، ولكنها تهدف إلى ضمان تكافؤ الفرص بين الشركات الأوروبية والصينية.
ويُعدّ هذا نهجًا مختلفًا تمامًا عن الولايات المتحدة، التي فرضت تعرفات أعلى، وربما أكثر حماية ورمزية، بالنظر إلى العدد الصغير من السيارات الكهربائية الصينية المبيعة حاليًا في السوق الأميركية.
ولكن الانتخابات الأميركية الوشيكة قد يكون لها تأثير أكبر في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين من انتخابات الاتحاد الأوروبي نفسها.
ومع احتمال فوز الرئيس السابق دونالد ترمب بولاية ثانية، فسوف يضطر الاتحاد الأوروبي إلى التعامل مع المزيد من الضبابية في العلاقات عبر الأطلسي، الأمر الذي قد يجبر أوروبا على تعزيز العلاقات مع دول أخرى، بما في ذلك الصين.
وإذا اختارت إدارة ترمب المستقبلية الانسحاب من المنتديات متعددة الأطراف والتخلّي عن خططها المناخية، فسوف يضطر الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز زعامته للمناخ العالمي والنظر في تعميق المشاركة مع الصين.
التداعيات على شركات أوروبا في الصين
يوفر التركيز المستمر للاتحاد الأوروبي على المناخ فرصًا للشركات التابعة للاتحاد الأوروبي في الصين، لتعزيز الابتكار في التقنيات الخضراء.
وتُقدِّم ريادة الصين في التقنيات الخضراء والاستثمارات الكبيرة في هذه القطاعات فرصًا كبيرة للتعاون والابتكار.
ويمكن للشركات التابعة للاتحاد الأوروبي الاستفادة من هذه البيئة، لتعزيز قدراتها وتبنّي أفضل الممارسات في التقنيات الخضراء.
وترى محللة سياسة الصين لدى مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، بليندا شايب، أنه يجب على الشركات أن تتعامل مع حالة الضبابية الناجمة عن الأطر التنظيمية المتطورة والتوترات الجيوسياسية.
وبالنظر إلى استمرار الاتحاد الأوروبي في تنفيذ السياسات لتسريع التحول الأخضر، ستحتاج الشركات إلى مواكبة المتطلبات الجديدة وتبنّي نماذج أعمال أكثر خضرة بصورة استباقية، لضمان الامتثال والحفاظ على القدرة التنافسية.
اقرأ أيضًا..