في أكتوبر/تشرين الأول (2023)، بدأت وزارة الخزانة الأميركية بإدراج ناقلات النفط الروسية على قائمة العقوبات، بسبب انتهاكها سقف الأسعار المفروض من قِبل قوى الغرب الذي يحظر نقل الخام فوق 60 دولارًا للبرميل.
وكشفت بيانات حديثة رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) أن الغالبية العظمى من تلك الناقلات ما زالت عاطلة دون عمل وفي مواقع الصيانة ومتوقفة قبالة المواني.
وتستهدف الولايات المتحدة تضييق الخناق على سبل وصول موسكو إلى إيرادات النفط لتمويل الحرب الدائرة في أوكرانيا، التي بدأت في فبراير/شباط (2022).
لكن تلك الناقلات جزء صغير من أسطول الظل الروسي الذي يضم سفنًا قديمة وصعبة التتبع ومملوكة لكيانات مجهولة، والتي بُنيت للتهرب من قيود الشحن والعقوبات الغربية.
عقوبات ناقلات النفط الروسي
من بين الناقلات الـ40 الخاضعة للعقوبات الأميركية، تنتمي 21 منها إلى شركة سوفكومفلوت الروسية (Sovcomflot)، والـ19 الأخرى لشركة “هنيسيا هولدينغز ليمتد”، ومقرّها الإمارات العربية المتحدة (Hennesea Holdings Ltd).
وبموجب تلك العقوبات، تصنّف وزارة الخزانة تلك الناقلات “ممتلكات محظورة”، لا يمكن للشركات والأفراد الأميركيين التعامل معها.
وكانت إحدى الناقلات الـ40، وهي ياسا غولدن بوسفورس المملوكة لتركيا، قد أُزيلت من قائمة وزارة الخزانة في شهر أبريل/نيسان المنصرم (2024)؛ ما سمح لها بتحميل شحنة من النفط الخام الأميركي، لكنها مازالت راسية قبالة سواحل ولاية تكساس.
وفتح رفع اسم السفينة التركية الباب أمامها للاستفادة من الخدمات ذات المعايير الدولية مثل التأمين، المحظورة على نظيراتها الموجودة على قائمة العقوبات.
وفي المقابل، ما تزال الناقلات الـ39 الأخرى فارغة من الشحنات دون عمل في أنحاء مختلفة من العالم، وفق بيانات تتبع السفن التي جمعتها وكالة بلومبرغ.
ناقلات سوفكومفلوت
تفصيليًا، توجد 8 من ناقلات سوفكومفلوت قبالة ميناءَي فلاديفوستوك وناخودا الروسيين على المحيط الهادي، وظل بعضها هناك منذ ما يصل إلى 5 أشهر.
وعادت إحدى تلك السفن الراسية فارغة إلى قناة السويس، في حين نُقلت أخرى إلى الصين لأعمال الصيانة.
وفي البحر الأسود، ثمة مجموعة أخرى من ناقلات النفط الروسي التابعة لشركة سوفكومفلوت والخاضعة للعقوبات.
وبعد وصولها إلى هناك بمدة قصيرة، يبدو أنه أوقِفَ تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها، التي تتمكن أنظمة التتبع الرقمية من خلالها من الكشف عن أماكن وجودها.
وبناءً على أن تلك السفن ستحتاج لإرسال إشارات إذا أبحرت عبر مضيق البسفور التركي للخروج من البحر الأسود، فمن المؤكد -إلى حدّ كبير- أن كل تلك الناقلات مازالت موجودة بالمنطقة؛ نظرًا لعدم رصد أيّ إشارات منها.
ووصلت أولى الناقلات الـ7 إلى البحر الأسود في ديسمبر/كانون الأول (2023)، وآخرها في مطلع شهر مايو/أيار (2024) ،عقب توصيل شحنة إلى الصين بعد تحميلها من ميناء كوزمينو الروسي على المحيط الهادي، قبل أيام معدودة من دخولها حيز العقوبات في فبراير/شباط (2024).
وتوجد 3 سفن أخرى في بحر البلطيق، اثنتان منها خارج ميناء أوست لوغا، والثالثة قبالة سواحل إستونيا، وهي موجودة هناك منذ أواخر شهر فبراير/شباط (2024).
واعترفت شركة الشحن المنقولة للدولة سوفكومفلوت بتأثير العقوبات في عملياتها، كما توقَّف أكبر مجمع تكرير بالعالم في الهند عن الشراء عبر ناقلات الشركة الروسية.
ناقلات شركة هينيسيا
تشير بيانات تتبع السفن إلى أن النقلات الـ18 التابعة لشركة الشحن الإماراتية هينيسيا مازالت عاطلة عن العمل منذ إدراجها على قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأميركية في يناير/كانون الثاني.
وترسو 10 من تلك الناقلات قبالة سواحل الصين وكوريا الجنوبية؛ ومنها اثنتان في مواني الصيانة، في حين توجد معظم السفن الأخرى قبالة سواحل مدينة بورسعيد المصرية في شرق البحر المتوسط، وظل بعضها هناك منذ ما يزيد عن 3 أشهر.
ولجأت تلك الناقلات إلى تزييف الإشارات؛ ما أعطى أجهزة التتبع إشارات خاطئة بشأن مواقعها الحقيقية؛ ما أدى لظهورها في مطارات إقليمية مختلفة.
وظهرت سفينة سينسوس في مُدرَّج مطار رفيق الحريري اللبناني في 7 مايو/أيار (2024)، وأخرى في مطار القاهرة المصري.
ومن المحتمل أن تكون ناقلة واحدة تابعة لشركة هينيسيا هي الوحيدة النشطة حاليًا، المسمّاة “أبوس”، من نوع الناقلات طويلة المدى 2 (LR2).
وغادرت تلك الناقلة مدينة بورسعيد في نهاية مارس/آذار (2024)، ووصلت إلى الخليج العربي في منتصف أبريل/نيسان التالي، ثم قضت عدّة أيام تُبحر بسرعات أقلّ من عقدة قرب حقل سوروش النفطي في إيران، قبل أن تتجه إلى خورفكان في الإمارات، حيث شوهدت هناك في نهاية أبريل/نيسان.
وغيّرت 5 من ناقلات شركة هينيسيا أسماءها لتعمل بهويات جديدة، وكلها تبحر تحت علم دولة إيسواتيني.
وتوجد إيسواتيني في جنوب قارة أفريقيا، وكانت تُعرف سابقًا باسم مملكة سوازيلاند، وهي أحدث الدول التي تقدّم خدمات تسجيل السفن.
وعادةً ما تلجأ الشركات إلى تغيير أسماء الناقلات للتهرب من العقوبات عليها، إلّا أنه يظل بالإمكان تتبُّع موقعها بوساطة المعرِّفات الرقمية الفريدة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..