تحولت أخبار وتحليلات ودراسات مظاهر تغير المناخ إلى انتقادات ساخرة، خاصة أن الآونة الأخيرة شهدت تهويلًا من تداعياتها الآخذة بالتزايد، لتصل إلى حد “شبح مخيف” يهدد المستقبل.
وتضمّنت أسطر تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) حقائق تبدو صادمة للوهلة الأولى، إذ استعرض -مدعومًا ببيانات وأرقام- مقارنة بين هذه المظاهر خلال القرن الماضي والسنوات التي انقضت من القرن الجاري.
وذهب التقرير إلى أن الفارق بين مدى “تطرف” الظواهر المناخية بين الحقبتين يكاد لا يُذكر، أو ربما يُعد فارقًا ضئيلًا لا يتطلّب حجم المبالغة الذي يروج له البعض.
وكشف التقرير علاقة عدد من المنظمات البحثية والبيئية بتوجيه الخطاب الإعلامي، وتبني ادعاءات ومزاعم تحمل الكثير من التهويل.
حقيقة مظاهر تغير المناخ
باتت المبالغة في التخويف من تفاقم مظاهر تغير المناخ مادة للتنبؤات المستقبلية، بعد أن ذاع صيتها خلال سنوات طويلة مضت بوصفها إجراءات عقابية كونية ضد مخالفي المعتقدات والأفكار.
وما بين الفريقين تبقى الأرقام والبيانات المعيار الفاصل لمتطلبات الحياد الكربوني الواقعية، حسب التقرير المنشور على صفحات مدونة ديلي سكيبتيك (Daily Sceptic) البريطانية.
واستعان التقرير ببيانات تقرير مؤسسة “غلوبال وورمينغ بوليسي” الصادر العام الماضي 2023 للباحث بول هوموود، الذي كان بمثابة رؤية أخرى مغايرة تمامًا للرأي الآخر.
ورصد تقرير المؤسسة بعض المعلومات حول مستوى سطح البحر، مشيرًا إلى أنه لم يشهد ارتفاعًا كبيرًا بخلاف ما تتداوله بعض التقارير والمؤسسات المناخية والبيئية.
ولفتت البيانات إلى أن مستوى هطول الأمطار لم يقفز إلى مستويات مخيفة، وعلى النقيض اكتسبت العواصف حالة من الهدوء خلال السنوات الأخيرة، غير أن الشعور بدفء الطقس بات ملحوظًا مقارنة بالمستويات السابقة.
خيال سياسي
درس بول هوموود الحالة المناخية للمملكة المتحدة وأقرَّ بأنها لم تشهد تغيرات قوية مؤخرًا، في ظل عدم توافر قرائن يمكن الجزم من خلالها بـ”تطرف” المناخ في بريطانيا حاليًا أو مستقبلًا.
ورصد هوموود مستوى سطح البحر في بريطانيا عند ارتفاع يتراوح بين 1.3 و2 ميلليمتر، وهو معدل غير متسارع ومتوافق مع حركة دوران الأرض الطبيعية.
وبذلك، يُعدّ الحديث حول الحياد الكربوني والتطرف المناخي محض “خيال سياسي”، وفق وصف تقرير ديلي سكيبتيك.
ويظهر ذلك جليًا في انتقادات سكان عدد من المدن والمقاطعات البريطانية لادعاءات صدرت قبل عامين، بعد الحديث عن ارتفاع سطح البحر لمسافة 19 مترًا (وهو قدر كافٍ لغمر إحدى الكنائس الشهيرة في غلوستر) بحلول 2050.
وتناولت صحيفة “ذا ميرور” The Mirror تهديدات بغمر مساحات كبيرة من مدينة ميدلاندز تحت سطح المياه، مع تعرّض مدن ساحلية مهمة لمخاطر.
وامتدت التهديدات بالغرق من بريطانيا إلى كل من: (بلجيكا، وألمانيا، وشمال فرنسا، وما يقرب من نصف هولندا)، بحلول نهاية القرن الجاري في 2100.
فقاعة كاذبة
تلقّت منظمات وهيئات بحثية وإعلامية انتقادات بصفتها فقاعة كاذبة استهدفت الترويج لمعلومات موجهة للمستهلكين والمواطنين بشأن الطاقة والمناخ، وللضغط على صناع القرار ومعدي السياسات.
ومن بين هذه المؤسسات معهد “كلايمت سنترال” Climate Central البحثي الذي يتخذ من أميركا مقرًا له، وتضمّنت الاتهامات والانتقادات الموجهة للمعهد إعداده تقارير يعتمد عليها صحفيون مصابون بـ”الكسل” دون التيقن من المعلومات الواردة به.
وفي بريطانيا، ظهرت مؤسسة “وورلد ويزر أتريبيوشن” بالتعاون بين باحثين وإعلاميين، التي اعتمدت على أحداث الطقس المؤقتة في إعداد دراسات تُسلّط الضوء على تطرف مظاهر تغير المناخ، وإسناد تفاصيل هذه الدراسات إلى “علماء”.
ولدحض هذه المساعي، تطرق تقرير “ديلي سكيبتك” إلى وقائع تشير إلى عدم وجود فجوة ضخمة بين مستويات سطح البحر حاليًا مقارنة بـ4 آلاف عام مضت.
وخلص التقرير إلى أن الفارق ليس مهولًا بالقدر الذي يثير به البعض الذعر، مستشهدًا ببيانات علمية غير دقيقة حول نمو حجم بنغلاديش لتسجل 137.656 كيلومترًا بفعل الفيضنات وتأثر السكان بمظاهر تغير المناخ، غير أن الواقع يشير إلى أن المساحة الأرضية الزائدة جاءت نتيجة “انحسار” مستوى سطح البحر.
بيانات غير واقعية
لم تسلم قوة العواصف في بريطانيا من البيانات غير الواقعية، إذ روّج خبراء مناخيون لتزايد حدتها وكثافتها في بريطانيا مؤخرًا بفعل مظاهر تغير المناخ.
ومقابل ذلك، برهن بول هوموود أن عواصف القرن الماضي (خلال أعوام: 1987، و1990، و1998) كانت أكثر قوة من العواصف التي شهدها العقد الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت بيانات بريطانية رسمية عن أن سرعة الرياح انخفضت مقارنة بنحو ما يزيد على 50 عامًا، كما أن مستويات المطر تتوافق مع المعدلات الطبيعية المعتادة.
وقال هوموود إن معدل الأمطار شهد ارتفاعًا في إسكتلندا خلال ثمانينيات القرن الماضي، ولم يتغير منذ هذا الوقت حتى الآن، وكذلك في أيرلندا أيضًا.
وتكشف هذه المعدلات “العادية”، من تزايد سرعة الرياح ومستوى البحر ومعدل تساقط الأمطار، أن هناك اتجاهًا بحثيًا وإعلاميًا للتركيز على “تطرف” المناخ” بصورة مبالغ بها قد تؤدي إلى التخويف والتهويل والتأثير في السياسات، بخلاف الواقع.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: