تعرّضت ملكية الأجانب أصول الطاقة المتجددة في الفلبين لجدل واسع في أوساط النخب السياسية والقانونية؛ بسبب التحفيزات الحكومية السخية الممنوحة للمستثمرين الأجانب.

ومع ذلك، تأمل حكومة الفلبين في استمرار جذب الاستثمار الأجنبي المباشر لمشروعات الطاقة النظيفة لتعزيز قدرتها وسرعة انتشارها، بينما ينتاب الخبراء والناشطين مخاوف على المستهلكين والسيادة الوطنية، بحسب تقرير جديد طالعته وحدة أبحاث الطاقة ومقرّها واشنطن.

وكانت الحكومة قد عدّلت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 قانون الطاقة النظيفة للسماح بالملكية الأجنبية التامة لأصول المشروعات بنسبة 100%، بعد أن كانت 41% خلال عام 2021.

وأسهم هذا التعديل في ارتفاع تصنيف الفلبين الدولي، لتحتلّ المركز الرابع بين الاقتصادات الناشئة الأكثر جذبًا لاستثمارات الطاقة المتجددة حول العالم.

مخاوف ملكية الطاقة المتجددة في الفلبين

انقسمت الآراء حول زيادة ملكية الأجانب لمشروعات الطاقة المتجددة في الفلبين، ما بين مؤيد يراها وسيلة فاعلة في جذب الاستثمارات الأجنبية، ومعارض يتخوف من تأثيراتها بأسعار الكهرباء والسيادة الوطنية في قطاع الطاقة.

ويرى مستشار تحول الطاقة في معهد المنظمات غير الحكومية للمناخ والمدن المستدامة (ICSC)، ألبرتو دالوسونج الثالث، أنّ تزايُد ملكية الأجانب لأصول الطاقة المتجددة سيرفع حصتها في مزيج الكهرباء، ويخفض تكاليف الكهرباء ويعزز أمن الطاقة، إلى جانب خفض الانبعاثات.

الألواح الشمسية في الفلبين – الصورة من Power Philippines

على الجانب الآخر، أعرب نشطاء المناخ وعدد من المنظمات الحقوقية والبيئية عن قلقهم من أن تؤدي ملكية الأجانب الكاملة للمشروعات إلى الإضرار بالمستهلكين عبر تحكّمهم في التسعير؛ ما قد يؤثّر في قدرة الناس على الوصول إلى الطاقة النظيفة بتكاليف معقولة.

كما عبّر قاضي المحكمة العليا السابق أنطونيو كاربيو عن مخاوفه من تداعيات انتشار نمط الملكية الأجنبية الكاملة ومخاطر السيطرة على أحد القطاعات الحيوية في البلاد دون أيّ شكل من أشكال المعاملة بالمثل، بحسب ما جاء تقرير حديث نشره موقع ديالوج إيرث (Dialogue Earth).

وعبرت بعض الجماعات القومية في الفلبين عن مخاوفها من أن تحرير الملكية الأجنبية، خاصة في القطاعات الإستراتيجية مثل الطاقة المتجددة، يمكن أن يؤدي إلى تآكل السيادة الوطنية وترك البلاد عرضة للنفوذ الخارجي، لا سيما مع كبرى الدول المستثمرة مثل الصين.

ففي عام 2023، تعهدت 9 شركات طاقة صينية بضخ استثمارات كبيرة تصل إلى 14 مليار دولار بمشروعات الطاقة المتجددة في الفلبين خلال السنوات المقبلة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وينص الدستور الحالي في الفلبين على ضرورة حفاظ معظم القطاعات على تقسيم الملكية يما يتراوح من 60% إلى 40% لصالح المواطنين، وينادي بعض البرلمانيين -مؤخرًا- بتغيير هذه المواد لجذب الاستثمار الأجنبي إلى القطاع.

ورغم ذلك، فقد تجاوزت الحكومة هذه النسبة لصالح الأجانب في قطاعات معينة، منها الطاقة، عبر تعديلات قانونية محددة لم تصل إلى الدستور؛ ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت مثل هذه التغييرات الدستورية ضرورية أم لا.

وتحتجّ الجماعات القومية في البلاد على تحرير الاستثمار الأجنبي، مع تأكيدها أن الطريق للتنمية الوطنية ليس من خلال تغيير الدستور، لكن بتطبيق الإصلاح الزراعي الحقيقي وتعزيز التصنيع الوطني.

حوافز الطاقة المتجددة في الفلبين

منحت وزارة الطاقة الفلبينية العديد من الحوافز المالية لجذب الاستثمار الأجنبي للقطاع، من أبرزها: الإعفاءات الضريبية على الدخل، وإلغاء الرسوم الجمركية على الواردات، وعدم فرض ضريبة القيمة المضافة علي المستثمرين في القطاع.

وأسهمت هذه التحفيزات في جذب عدّة مستثمرين أجانب، معظمهم شركات هولندية وسنغافورية ودنماركية ساعدت في توفير 360 ألف وظيفة منذ عام 2022، بحسب وكيلة وزارة الطاقة روينا كريستينا غيفارا.

على العكس من ذلك، تشكّك مؤسسة إيبون البحثية الفلبينية، في المبالغات القائلة، إن الاستثمار الأجنبي المباشر في أصول الطاقة المتجددة في الفلبين هو الحل، دون النظر إلى مشكلات البنية التحتية للشبكة التي تمثّل تحديًا أمام مسار تحول الطاقة في البلاد.

مشروعات الطاقة الشمسية في الفلبين
مشروعات الطاقة الشمسية في الفلبين – الصورة من Solar Philippines

وأظهرت بيانات معهد المنظمات غير الحكومية للمناخ والمدن المستدامة (ICSC)، هذا العام 2024، أن شبكة الكهرباء الفلبينية شهدت تنبيهات باللون الأحمر أو الأصفر لمدة 21 يومًا من أصل 31 يومًا في شهر مايو/أيار من هذا العام.

وتشير التنبيهات الحمراء إلى أن مصدر الطاقة لا يمكنه تلبية الطلب على الكهرباء، بينما تعني التنبيهات الصفراء عدم كفاية هوامش التشغيل لتلبية متطلبات الشبكة.

وما زال الفحم المصدر المهيمن في قطاع الكهرباء، بينما بلغت حصة الطاقة المتجددة قرابة 29.3% في مزيج الطاقة عام 2022، لكن خطة الحكومة تستهدف زيادتها إلى 35% بحلول عام 2040.

وتعوّل وزارة الطاقة على تشجيع الاستثمار في مشروعات طاقة الرياح البحرية التي تتميز بوفرة مواردها، إضافة إلى مشروعات الطاقة الشمسية على مستوى البلاد.

وهناك 27 مشروعًا معلنًا في قطاع طاقة الرياح البحرية في البلاد بقدرة إجمالية محتملة تبلغ 8.9 غيغاواط، و5 مشروعات للطاقة الشمسية بإجمالي 575 ميغاواط، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

جدل ملكية الأجانب في الفلبين من ديالوج إيرث.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.