تترقّب صادرات النفط الإيرانية تبعات مرحلة جديدة من التصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي، بعدما دخلت على خط المواجهة الأمامية في الحرب الدائرة رحاها بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
وردًا على هجوم إيران الصاروخي على إسرائيل في يوم الأول من أكتوبر/تشرين الأول (2024) بعد مقتل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، قررت الولايات المتحدة توسيع نطاق العقوبات على قطاعي النفط والبتروكيماويات الإيرانيين، أمس الجمعة.
وتستهدف واشنطن منع طهران من الوصول لإيرادات ستستعملها في دعم برامجها الصاروخية والنووية، وتمويل “جماعات إرهابية تهدد مصالح الولايات المتحدة حلفائها وشركائها”، وفق ما جاء في بيان صحفي حصلت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) على نسخة منه.
وإيران عضوة في منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك، ولاعب رئيس في السوق العالمية، وتنتج في المتوسط 3 ملايين برميل يوميًا، وفق بيانات أوبك الشهرية.
ومن المحتمل أن تتراجع صادرات النفط الإيرانية بعدما ارتفعت في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن خلال العام الجاري إلى 3.2 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى لها منذ 2018.
النفط الإيراني في ورطة
أضافت وزارة الخزانة الأميركية قطاعي النفط والبتروكيماويات في إيران إلى أمر تنفيذي سارٍ رقم (13902) يستهدف فرض عقوبات على قطاعات الاقتصاد الرئيسة.
وفي بيان صحفي نشرته الوزارة بتاريخ (11 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، قالت الخزانة إن العقوبات ستكثّف الضغوط على إيران، وتحد من قدرة النظام على كسب إيرادات لتقويض استقرار المنطقة وقصف شركاء الولايات المتحدة وحلفائها.
وبموجب ذلك، يمكن للوزارة فرض عقوبات على أي فرد أو شركة تتعامل مع قطاعي النفط والبتروكيماويات في إيران، كما صنّفت 10 كيانات و17 سفينة بوصفها ممتلكات محظورة، لتورطها في نقل شحنات نفط وبتروكيماويات إيرانية، دعمًا لشركة النفط الوطنية الإيرانية (NIOC)، وشركة البتروكيماويات تريليانس (Triliance).
كما أدرجت وزارة الخارجية الأميركية 6 كيانات و6 سفن بوصفها ممتلكات محظورة؛ لتورّطها في صفقات شراء واستحواذ وبيع ونقل وتسويق النفط والبتروكيماويات الإيرانية.
صادرات النفط الإيرانية
بفعل التوترات الجيوسياسية، تراجعت صادرات النفط الإيرانية إلى نحو 600 ألف برميل يوميًا خلال أول 10 أيام من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري (2024)، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة نقلًا عن منصة أويل برايس (oil price).
ورصد محلل مخاطر النفط في شركة فورتكسا، أرمن عزيزيان، انخفاض عدد مرات التحميل مما يتراوح بين 5 و8 ناقلات إلى 3 أو 4 فقط خلال الشهر العاشر.
وخلال الأسبوع الممتد من 29 سبتمبر/أيلول وحتى 6 أكتوبر/تشرين الأول، بلغت صادرات النفط الإيراني شحنتين فقط.
كما رصدت صور التقطتها الأقمار الاصطناعية وشركة تتبع الناقلات “تانكر تراكرز” نقل العديد من ناقلات النفط الفارغة من جزيرة خارج (أكبر محطة لتصدير النفط الإيراني) “في إجراء احترازي”، بعدما توعّدت إسرائيل بقصف منشآت النفط الإيرانية.
وتوضح الخريطة أدناه -أعدتها منصة الطاقة المتخصصة- أبرز أصول النفط والغاز في إيران:
وتوقع عزيزيان انخفاض صادرات النفط الإيرانية، وألا تتجاوز حاجز 1.35 مليون برميل يوميًا بنهاية أكتوبر/تشرين الأول، نزولًا من تصدير 1.83 مليون برميل يوميًا في سبتمبر/أيلول السابق (2024) والقفزات القوية خلال الأشهر السابقة.
وفي السياق نفسه، توقعت شركة الاستشارات “أوراسيا غروب” أن تنخفض صادرات النفط الإيرانية بعد تشديد العقوبات الأميركية.
وتفصيليًا، يمكن للولايات المتحدة تشديد الرقابة على ناقلات الظل من خلال التصوير بالأقمار الاصطناعية، أو فرض ضغوط على دول، مثل ماليزيا وسنغافورة والإمارات، لتشديد قبضة العقوبات.
وتوقعت الشركة المتخصصة في استشارات المخاطر أن تتطلّب الضغوط علاقات دبلوماسية قوية مع ماليزيا والإمارات؛ لكنهما ترفضان دعم الجهود الداعمة لإسرائيل، وهو ما سيتطلب توجيه الضغط إلى الصين التي تشتري 90% تقريبًا من صادرات النفط الإيرانية، بحسب ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن وكالة رويترز.
الصين
رفعت إيران أسعار بيع النفط إلى مصافي التكرير المستقلة في الصين أكبر مستورد للنفط الإيراني، وأكبر مستورد للنفط في العالم وثاني أكبر مستهلك.
وتسعى إيران لرفع سعر البيع للخام الخفيف والثقيل بمقدار دولار واحد للبرميل مقارنة بالأشهر السابقة.
وفي تعاملات سابقة، عرضت إيران بيع الخام الخفيف بتخفيض قدره 3.5 دولارًا عن خام برنت، في حين عرضت بيع الخام الثقيل بتخفيض قدره 7.5 دولارًا.
وربما كانت توترات الشرق الأوسط هي السبب في الطلب الإيراني لرفع الأسعار، أو أن المصافي الصينية طلبت زيادة الإمدادات قبل الضربة الإسرائيلية المحتملة.
الخليج ومضيق هرمز
توقع محللون أن تسد الدول الأعضاء في أوبك من أصحاب القدرات الإنتاجية الفائضة خاصة الإمارات والسعودية أي فجوة يتركها توقف صادرات النفط الإيرانية بسبب القصف الإسرائيلي المحتمل.
وتشير تقديرات إلى وجود احتياطي يعادل 6 ملايين برميل يوميًا لدى أوبك+ بالاستفادة من التخفيضات التي أقرها التحالف خلال السنوات الأخيرة.
كما استبعد مراقبون أن يؤدي الوضع المتوتر بين إسرائيل وإيران إلى إغلاق حركة الملاحة بمضيق هرمز الذي تمر منه 20% من الطلب على النفط عالميًا، وتعتمد عليه السعودية والعراق وقطر والكويت والإمارات.
ورغم أن المخاوف “محدودة”، فقد يؤدي إغلاق مضيق هرمز إلى ارتفاع رسوم المخاطر في العقود الآجلة للخام، وارتفاع أسعار النفط فوق 100 دولارًا للبرميل.
وبدوره، قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن طهران تعلّمت الدرس من العقوبات الأميركية عبر المحافظة على أسطول ناقلات النفط.
وبحسب الحجي، يمكن لإيران تصدير مليون برميل عبر أنبوب يمتد من الشمال إلى أقصى الجنوب حتى ميناء جاسك البعيد عن مضيق هرمز.
كما استبعد قدرة إسرائيل وحدها على ضرب جزيرة خارج (المسؤولة عن أكثر من 90% من صادرات النفط الإيرانية) كاملة دون مساعدة أميركية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..