تسببت السياسات الأوروبية المقترحة المتعلقة بمشروعات الهيدروجين، التي تشمل وحدات تكسير الأمونيا، في إثارة حالة جدل واسعة النطاق.
إذ تشترط السياسات المقترحة خضوع خطوط أنابيب الهيدروجين والبنية التحتية للاستيراد، بما في ذلك وحدات تكسير الأمونيا، لـ”الوصول عبر التفاوض من قبل طرف ثالث”، أي السماح للشركات الخاصة باستعمال المعدّات التي بُنِيَت ودُفِع ثمنها بوساطة شركة خاصة أخرى.
ووفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، جادل المطوّرون بأن ذلك سيمنعهم من حجز السعة الكاملة الخاصة بالعقود طويلة الأجل، التي من شأنها أن توفّر اليقين من حيث الإيرادات التي يحتاجون إليها للمضي قدمًا في الاستثمارات الكبرى.
من بين الشركات التي تنزعج من السياسات الأوروبية، تخطط شركة إير بروداكتس الأميركية (Air Products) لاستيراد كميات كبيرة من الأمونيا الخضراء إلى أوروبا وتكسيرها وتحويلها إلى هيدروجين، إلّا أنها تواجه خطرًا وشيكًا حال تنفيذ القواعد الجديدة.
خطة تكسير الأمونيا إلى هيدروجين
يُمكن أن تضيف حزمة أسواق الهيدروجين والغاز منزوع الكربون المقبلة في الاتحاد الأوروبي، مخاطر كبيرة لاستثمارات “إير بروداكتس” بوحدات تكسير الأمونيا في محطات في ألمانيا وهولندا، حسبما قال رئيس الشركة في أوروبا وأفريقيا، إيفو بولس.
وقال بولس: “من الواضح أننا نستثمر بوصفنا شركة خاصة، لذلك نستثمر الأموال الخاصة في منشآت إنتاج الهيدروجين (أي وحدات التكسير) في أوروبا”.
“ومع ذلك، بموجب خطاب التوجيه، ستكون المنشآت خاضعة للوصول عبر التفاوض من قبل طرف ثالث، وهو ما يعني في الأساس، أنك تستثمر في 100% من السعة التي تريد استعمالها من أجل طرح منتجك في السوق.. ولكن ليس لديك حالة من عدم اليقين فحسب، بل قد يكون عليك التزام بترك جزء كبير من هذه السعة لأطراف ثالثة”.
وأكد بولس مجددًا أن شركة إير بروداكتس ستركّز في المقام الأول على نقل الأمونيا ليجري تكسيرها مرة أخرى إلى هيدروجين أخضر، على الرغم من انتقادات المحللين بأن هذا سيكون أكثر تكلفة من بيع الأمونيا مباشرةً في الأسواق الحالية.
وقال: “من الواضح أن لدينا عددًا من البدائل.. ومع ذلك، يبقى هدفنا هو بيع الهيدروجين الأخضر.. هذا ما نريد تحقيقه”، بحسب التصريحات التي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن منصة “هيدروجين إنسايت” (Hydrogen Insight).
وتابع: “هل هناك سوق للأمونيا المتجددة؟ نعم هنالك.. هل هذه سوقنا؟ ليس حقيقيًا، وهذا ليس ما نسعى وراءه”.
ومع ذلك، لم يستبعد بولس بيع أيّ كميات من الأمونيا مباشرةً: “إذا قلت: انظر، المنشأة تعمل، فهل سنشارك في السوق الفورية؟ نعم، من المحتمل أن نفعل ذلك”.
مخاطرة كبيرة
قالت شركة إير بروداكتس سابقًا، إنها تسعى للحصول على إعفاء من هذه القواعد قبل أن تتخذ قرارًا استثماريًا نهائيًا بشأن محطات استيراد الأمونيا الموجودة في الاتحاد الأوروبي ووحدات التكسير المرتبطة بها.
إلّا أن رئيس الشركة في أوروبا وأفريقيا إيفو بولس يشير إلى أن الشركة تمارس الضغط على نطاق أوسع -بما في ذلك على مستوى الدول الأعضاء، قبل أن يُنقل التوجيه إلى سياسة وطنية- من أجل إدراج الاستثناءات وبنود الحقوق المكتسبة (التي تسمح بتطبيق شروط القانون القديم على أولئك الذين استفادوا منه بالفعل عند اعتماد قانون جديد) في اللوائح النهائية.
وقال: “النقطة التي نريد توضيحها للجهة التنظيمية هي أننا نتحمل المخاطر.. نحن نتحمل المخاطر بأموالنا الخاصة، ونريد أن نثبت التكنولوجيا”.
وتابع: “من ناحية، تطلب منا أن نتحمل المخاطرة الكاملة، وإذا سارت الأمور على ما يرام، فإننا ننقل الأمر إلى أطراف ثالثة تنتظر على الحياد”.
كما قال: “إذا كان علينا بعد ذلك تصنيف الفرص المتاحة لدينا، فقد يعني ذلك أننا نقول، إن مخاطر التدفقات النقدية المرتبطة بها أصبحت مرتفعة للغاية، مقارنةً بالبدائل الأخرى المتوفرة لدينا”.
تأخير متوقع للاستثمارات
بينما أقرّ رئيس الشركة في أوروبا وأفريقيا إيفو بولس بأن المشروعات المبنية في المقام الأول على الإعانات الحكومية “يجب أن تكون مفتوحة الوصول”، فقد جادل بأنه حتى لو طلبت شركة إير بروداكتس الدعم لوحدات تكسير الأمونيا الخاصة بها، فإن هذه لن تشكّل سوى جزء صغير من الاستثمار الإجمالي.
كما عارض التوصيف الذي قدّمته المفوضية الأوروبية بأن هذه القواعد التنظيمية ضرورية لتصحيح إخفاقات السوق المحتملة، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وقال بولس: “أولًا وقبل كل شيء، لا توجد سوق اليوم.. النقطة الثانية هي، إذا قارنّا حجم وحدات إنتاج الهيدروجين الأولى التي سننشئها، فإن منشأة إنتاج الهيدروجين التنافسية ذات المستوى العالمي باستعمال الغاز الطبيعي يبلغ حجمها نحو 200 إلى 250 طنًا من الهيدروجين يوميًا، أمّا المرافق التي سنبدأ تشغيلها، فسيكون حجمها في حدود 75 طنًا يوميًا”.
وجادل بولس بأن القواعد المتعلقة بالوصول عبر التفاوض من قبل طرف ثالث قد تعني تأخير الاستثمارات لمدة تتراوح بين سنتين و5 سنوات، خاصةً أن الشركات قد تختار الانتظار ومعرفة ما إذا كان منافسوها يبنون وحدات تكسير يمكنها الوصول إليها.
كما أشار إلى أنه من غير المرجح أن تنطلق السوق إذا كان هناك احتكار للعرض، ما يجعل التنظيم الإضافي زائدًا عن الحاجة.
تغيير في الأولويات
أوضح رئيس الشركة في أوروبا وأفريقيا إيفو بولس أن حزمة أسواق الهيدروجين والغاز منزوع الكربون “استغرقت وقتًا أطول مما كنا نعتقد”، مثلما هو الحال مع تعريف الوقود المتجدد من أصل غير بيولوجي، والذي يُعدّ بالغ الأهمية لدعم الهيدروجين الأخضر.
ومع ذلك، فهو لا يتوقع المزيد من التأخير، حتى مع احتمال أن تؤدي الانتخابات الأوروبية المقبلة إلى تغيير في الأولويات السياسية الشاملة.
وأشار بولس إلى أنه على مستوى الاتحاد الأوروبي، سيبتعد صنّاع السياسات عن تحديد الأهداف، ليتحولوا إلى تقييم كيفية نجاح خطط الدعم فعليًا من حيث خلق فرص العمل ودعم المشروعات الحقيقية، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال: “سيكون هناك المزيد من الأسئلة الحاسمة المطروحة، بلا شك، أليس كذلك؟ فهل تُنفق هذه الأموال بشكل جيد؟”
وأكد بولس أن “البرلمان الأوروبي المقبل سيتعامل مع مشروعات صناعية حقيقية واسعة النطاق، ومن الواضح أن هناك أسئلة مختلفة ستُطرح”.
بينما أن الدعم على تكلفة الهيدروجين يمكن أن يساعد الصناعات التي تستعمل الجزيء حاليًا، مثل التكرير، فقد أشار بولس إلى أنه ستكون هناك حاجة إلى دعم إضافي لمساعدة صناعات -مثل الصلب وصناعة الزجاج والسيراميك- على الاستثمار في تحويل عملياتها إلى الهيدروجين بدلًا من الفحم أو الغاز الطبيعي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..