تلقّت صناعة أبراج توربينات الرياح في أستراليا ضربة عنيفة، بعد أن أعلنت آخر شركة متبقية في البلاد إغلاقها، وفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وأوضحت شركة كيبل برنس (Keppel Prince)، أنها ستوقف ما تبقى من هذا الجزء من أعمالها الهندسية في ولاية فيكتوريا، بعد خوض معركة خاسرة للتنافس مع الواردات الصينية الأرخص.
وانتقدت الشركة الحكومة الفيدرالية وحكومة فيكتوريا؛ بسبب الافتقار طويل الأمد إلى اليقين والفشل في التعامل مع واردات الصلب الآسيوية المدعومة بشدة.
وسلّط هذا التطور الخطير في صناعة أبراج توربينات الرياح، الضوء على التحديات الراسخة المتمثلة في بناء سلاسل توريد جديدة نسبيًا في أستراليا، مع حاجة البلاد إلى فرض سياسات تُسهم في النجاح.
أزمة أبراج توربينات الرياح
قال المدير التنفيذي لشركة كيبل برنس، ستيفن غارنر، إن الشركة أبلغت الحكومة الفيدرالية أنها ستوقف عمليات أبراج توربينات الرياح في مارس/آذار من العام المقبل (2025)، وستفقد معها نحو 12 وظيفة، وفق ما جاء في تقارير نشرتها صحيفتا “ذا أستراليان” (The Australian) و”ذا ستاندرد” (The Standard) يوم الجمعة (22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024).
وألقى غارنر باللوم على رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز ووزير الطاقة الفيدرالي كريس بوين، قائلًا: “يجب أن يظهروا بمظهر سيئ للغاية؛ لأنهم يخسرون الشركة الوحيدة المصنعة للأبراج المعتمدة”.
وتابع: “تستمر الحكومة الفيدرالية في القول، كما يقول ألبانيز، إننا نريد العودة إلى التصنيع.. لدينا هنا منشأة تصنيع قائمة بالفعل”.
كما قال: “لقد أُنشِئت للطاقة المتجددة، وهو ما تتحدث عنه الحكومة كل يوم من أيام الأسبوع، ومع ذلك يتعيّن علينا أن نوقفها مؤقتًا؛ لأننا لا نستطيع المنافسة مع الصين؛ لأن حكومتنا لن تفعل شيئًا حيال ذلك”، وفق تصريحاته إلى صحيفة “ذا أستراليان”.
يُذكر أن تقريرًا أصدره مركز العمل المستقبلي التابع لمعهد أستراليا، في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024، دعا إلى تضمين أبراج توربينات الرياح في الدفع السياسي نحو صنع المستقبل في أستراليا، جنبًا إلى جنب مع أنظمة تخزين الطاقة الشمسية والبطاريات.
وقال التقرير إنه نظرًا إلى “قاعدة التصنيع غير المتطورة نسبيًا في أستراليا”، فإن نشاط التقنية الناضجة المنخفضة والمتوسطة، مثل صنع أبراج توربينات الرياح، كان ضمن القدرات المحلية، بحسب المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ووفقًا للحالات التي جرت محاكاتها في التقرير، يُمكن لقوة عاملة محتملة راسخة يبلغ عددها نحو 4 آلاف فرد بناء نحو 818 برجًا كل عام بقيمة تراكمية تبلغ 15 مليار دولار على مدى السنوات الـ17 المقبلة.
وقال مؤلف التقرير، فيل تونر، إن نحو 2.6 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سيجري تجنبها أيضًا بسبب انخفاض الشحن.
تاريخ شركة صناعة أبراج توربينات الرياح
رأى تقرير حديث نشرته منصة “رينيو إيكونومي” (Renew Economy)، أن إلقاء اللوم على حزب العمال في مشكلات صناعة أبراج توربينات الرياح الخاصة بشركة “كيبل برنس” بالكامل هو تجاهل للتاريخ، إذ يُعد مماثلًا لإجبار عضو حزب الليبراليين، دان تيهان، على توجيه ضربة للطاقة المتجددة نيابة عن التحالف الفيدرالي الذي يدفع باتجاه الطاقة النووية.
وقال تيهان لصحيفة “ذا أستراليان” يوم الجمعة (22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024): “كانت سياستهم (حزب العمال) المتعلقة بالطاقة المتجددة ناجحة للغاية، لدرجة أنها أدت إلى إغلاق آخر مصنع لأبراج توربينات الرياح المتبقي لدينا. سيكون الأمر مضحكًا حقًا، إذا لم يفقد العمال وظائفهم بسبب هذا العجز”.
في الواقع، يعود تاريخ كفاح “كيبل برنس” للتنافس في تصنيع أبراج توربينات الرياح إلى أكثر من 15 عامًا، مع انتشار “العجز” عبر السنين والحكومات المختلفة من جميع الاتجاهات.
ومنذ أبريل/نيسان 2009، يمكن العثور على تقارير عن غارنر يبلغ فيها عن خسارة 100 وظيفة، ويحذر من المزيد في المستقبل، وكان في ذلك الوقت ينتظر تحديد هدف وطني جديد للطاقة المتجددة (أكثر من 2%) من قبل حكومة حزب العمال بقيادة كيفن رود، وهو ما حدث بالفعل في أغسطس/آب التالي
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014، أوقفت شركة “كيبل برنس” معظم عمليات أبراج الرياح في بورتلاند، وسرّحت 100 موظف في أعقاب قرار حكومة توني أبوت بمحاولة خفض هدف حزب العمال للطاقة المتجددة البالغ 20% بحلول عام 2030 بأكثر من النصف.
في ذلك الوقت، أصدرت الشركة بيانًا صحفيًا قالت فيه إن استمرار حالة عدم اليقين بشأن مستقبل هدف الطاقة المتجددة يعني أن الخسائر في عمليات التصنيع الخاصة بها ستستمر.
وقالت إن خطوط التصنيع ستتوقف عن العمل، وسيجري تسريح 100 موظف بدوام كامل.
أزمة جديدة في الصناعة الأسترالية
في مارس/آذار 2022، أصدرت شركة “كيبل برنس” تحذيرًا آخر بشأن أزمة جديدة في الصناعة الأسترالية، بعد سنوات من حكم التحالف على المستوى الفيدرالي، ولكن بعد الحصول على بعض الدعم من خلال قواعد المحتوى المحلي لأهداف حزب العمال للطاقة المتجددة في ولاية فيكتوريا.
هذه المرة، احتج عمال “كيبل برنس” وممثلون عن اتحاد عمال التصنيع الأسترالي (AMWU) على وصول أبراج توربينات الرياح المستوردة إلى بورتلاند، التي قالوا إنها كلفت 40 عاملًا وظائفهم، وتركت 100 عامل آخرين يواجهون حالة من عدم اليقين.
وذكر بيان صحفي صادر عن اتحاد عمال التصنيع الأسترالي أن الاتحاد أخذ العمال من “كيبل برنس” إلى كانبيرا “للنضال من أجل وظائفهم، والمطالبة بإعطاء الأولوية للصلب المحلي ووظائف التصنيع المحلية”.
وقال السكرتير الوطني لاتحاد عمال التصنيع الأسترالي، ستيف مورفي، في ذلك الوقت: “لقد سئمنا من (رئيس الوزراء آنذاك سكوت) موريسون وساسته الذين يرسلون عملنا إلى الخارج لأرخص مزايدة.. يمكننا صنع أبراج توربينات الرياح هنا، في الوقت المحدد، وفي حدود الميزانية وبجودة أفضل”.
وتابع: “كان عضو البرلمان المحلي دان تيهان على علم بهذا الأمر ورفض تحريك إصبعه؛ فقد عُثر على الأبراج المستوردة التي وافقت عليها حكومته العام الماضي (2023) مع شقوق متعددة وكان لا بد من سحبها”.
كما قال: “دون الدعم الحكومي المناسب، فإن الصناعات النامية مثل صناعة تصنيع الطاقة المتجددة في أستراليا معرضة للخطر.. إذا فشلت هذه الصناعة، فإنها ستأخذ معها مئات الوظائف عالية المهارة وعالية الأجر في أستراليا الإقليمية”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- أزمة صناعة أبراج توربينات الرياح في أستراليا من منصة “رينيو إيكونومي”.
- تصريحات رئيس شركة كيبل برنس من منصة “ذا أستراليان”.