تركت نتائج أحدث عطاءات التنقيب عن النفط والغاز في بنغلاديش حالة من الصدمة وتساؤلات داخل وزارة الطاقة والشركة الوطنية.
وعلى مدار 9 أشهر كاملة لم تتقدم أي شركة عالمية للمشاركة في عطاء لمنح تراخيص التنقيب في 24 مربعًا بمياه خليج البنغال في بنغلاديش، الذي أُغلقت أبوابه يوم الإثنين (9 ديسمبر/كانون الأول).
ويبحث المسؤولون أسباب عزوف الشركات، في محاولة لتدارك الوضع، وسط مسعى البلاد لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات الباهظة.
وأشار خبراء إلى أن السبب هو صيغة العقود المرتبطة بأسعار النفط، وكذا الفوضى السياسية التي أعقبت انهيار نظام حزب رابطة عوامي بقيادة الشيخة حسينة واجد.
وبحسب تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تحتضن أراضي بنغلاديش احتياطيات غاز طبيعي قدرها 28.79 تريليون قدم مكعبة، إلّا أن حجم الطلب يتجاوز الإنتاج حاليًا (مليارا قدم مكعبة يوميًا) بمقدار الضعف.
التنقيب عن النفط والغاز في بنغلاديش
في 10 مارس/آذار (2024)، طرحت شركة النفط والغاز والمعادن في بنغلاديش “بتروبانغلا” (Petrobangla) عطاء للتنقيب عن النفط والغاز في 15 مربعًا بالمياه العميقة و9 بالمياه الضحلة.
وكان الموعد النهائي لتقديم الطلبات في 9 سبتمبر/أيلول (2024)، لكن الحكومة المؤقتة بقيادة محمد يونس قررت تمديد الموعد 3 أشهر إضافية؛ بسبب الوضع السياسي المتوتر نتيجة إسقاط الحكومة السابقة في 5 أغسطس/آب.
وقال مسؤولون إن الحكومة وجهت الدعوة للمشاركة في خطابات أرسلتها إلى 55 شركة من دول مختلفة؛ سحبت 7 منها فقط أوراق التقديم لكنها لم تشارك.
ومن بين الشركات الشهيرة التي وُجّهت إليها الدعوة، إكسون موبيل وشيفرون الأميركيتان، وبتروناس الماليزية، وإنبكس اليابانية، وإيني الإيطالية، وشركة النفط البحري الصينية، وكريس إنرجي السنغافورية، ومؤسسة النفط والغاز الهندية.
وكان من بين معايير الفوز بحقوق التنقيب عن النفط والغاز الوصول إلى معدل إنتاج يومي لا يقل عن 15 ألف برميل من النفط أو 150 مليون قدم مكعبة من الغاز، ومثال واحد على الأقل لامتلاك خبرة عالمية بالقطاع.
وكان من المقرر فتح أظرف العطاءات فور بلوغ الموعد النهائي للمشاركة، لكن لم تحضر أي شركة، ولم يكن في استقبالها سوى مسؤول وحيد من شركة بتروبانغلا.
تراخيص التنقيب عن النفط والغاز
يقول خبراء محليون إن التنقيب عن النفط والغاز في المربعات البحرية خاصة بالمياه العميقة ينطوي على مخاطر عالية، كما أنه يحتاج إلى استثمارات ضخمة.
وعزا مسؤولون في شركة بتروبانغلا عزوف شركات النفط العالمية عن المشاركة في جولة التراخيص الأخيرة إلى حالة عدم اليقين السائدة حول الحكومة المؤقتة والمناخ السياسي.
واتفق معه أحد مسؤولي وزارة الطاقة الذي قال إن أحد الأسباب الرئيسة لفشل الجولة هو الوضع السياسي الحالي والسيناريو المستقبلي؛ كون التنقيب عن النفط والغاز يتطلب استثمارات طويلة الأجل.
وأوضح أن وجود حكومة مؤقتة تبقى في السلطة لمدة غير مؤكدة يجعل الشركات مترددة في ضخ أموالها في مشروعات طويلة الأجل وتتطلب استثمارات ضخمة.
وعلاوة على ذلك، فإن الحكومات المقبلة قد تعيد تقييم أو إلغاء الاتفاقيات المبرمة خلال فترة الحكومة الحالية على غرار ما يفعله محمد يونس حاليًا.
وبحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة لتفاصيل قطاع الطاقة في بنغلاديش، أعاد رئيس الوزراء الحائز على جائزة نوبل فتح ملفات عقود الغاز المسال المبرمة خلال فترة سابقته حسينة واجد، على خلفية اتهامات بالفساد.
وألغت القيادة الجديدة اتفاقًا مع شركة صاميت غروب (Summit Group) لإقامة محطة عائمة لتخزين الغاز المسال وإعادة تغويزه، وعقدًا آخر ذا صلة لاستيراد شحنات الغاز المسال.
أسعار النفط
يقول المسؤول في شركة بتروبانغلا إن أسعار النفط العالمية ربما تكون أحد العوامل المؤدية إلى فشل جولة تراخيص التنقيب عن النفط والغاز في بنغلاديش.
وبحسب شروط الجولة الأخيرة، سيكون التعاقد مع الحكومة بموجب اتفاق تقاسم الإنتاج الذي طُرح لأول مرة في عام 2019 بهدف جذب شركات التنقيب.
وعلى عكس التجارب السابقة، لا يحدد العقد الجديد -عمدًا- سعرًا ثابتًا للغاز، لكنه يربطه بنسبة 10% بأسعار النفط.
لكن الانخفاض الأخير في الأسعار العالمية، جعل نموذج العقد المرن أقل جاذبية في عيون الشركات.
جولات النفط والغاز المستقبلية
كشفت شركة بتروبانغلا النقاب عن محاولة للقاء القائمين على شركات التنقيب عن النفط والغاز، لمعرفة أسباب عدم المشاركة بالعطاء رغم إبدائهم اهتمامًا قويًا في السابق.
وستُرسل الأسباب عقب تحديدها إلى صناع السياسات بالحكومة الذين سيتخذون خطوات إضافية تتماشى مع توجيهات وزارة الطاقة.
وفي مايو/أيار (2024)، عقدت بتروبانغلا ندوة شاركت فيها 15 شركة حيث عُرضت نتائج مسح زلزالي ثنائي الأبعاد لمساحة 12 ألف كيلومتر الذي أظهر إمكانات للتنقيب البحري.
وأبدت شركة إكسون موبيل اهتمامًا قويًا بالمربعات البحرية، وزار وفد تابع لها البلاد وعقد محادثات مع مسؤولي بتروبانغلا، وسبق ذلك خطاب من مدير الفرص إلى الوزير السابق نصر الحميد، لاستغلال إمكانات النفط والغاز غير المستغلة بالمربعات البحرية والبرية بموجب نموذج العقد الجديد.
بدوره، يقول وكيل وزارة الطاقة سيف الإسلام إن فشل جولة تراخيص النفط والغاز ليس نهاية الأمر.
وأضاف: “إنها عملية طويلة، وسنُجري مزيدًا من المباحثات لفهم توقعات الشركات الدولية ومشكلاتها، وما يجب علينا أن نطوره.. سنراجع الوضع ونتخذ قرارًا وفقًا لذلك”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
1- نتائج جولة تراخيص النفط والغاز من صحيفة دكا تريبيون.
2- تصريح أمين وزرة الطاقة عن الإجراءات الجديدة من بيزنس ستاندرد.