يبدو أن طوابير الوقود في نيجيريا لن تنتهي قريبًا، وسيواجه المواطنون ارتفاعًا جديدًا بالأسعار خلال الأيام المقبلة، بسبب مزيج من العوامل غير المواتية في الدولة صاحبة ثاني أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا.

وأقرّت شركة النفط الوطنية النيجيرية المحدودة “إن إن بي سي” (NNPC) بأنها تواجه ضائقة مالية تفرض ضغوطًا عليها، وتهدّد استدامة توافر إمدادات الوقود، وفق ما جاء في بيان صحفي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وبالرغم من وفرة احتياطيات النفط الخام في صاحبة أكبر تعداد سكاني بالقارة السمراء، فإن أبوجا تعاني من تقادم مصافي التكرير؛ ما يدفعها إلى مقايضة الخام بواردات الوقود المكرر الذي يُثقِل خزينة الدولة بمبالغ باهظة.

وتراهن البلاد على مصفاة دانغوتي (أكبر مصفاة نفط في أفريقيا) بقدرة 650 ألف برميل يوميًا لتقليل الحاجة للواردات، لكن المصفاة تتعرض لأزمة شح إمدادات النفط جراء أزمات السرقة وتخريب الأنابيب؛ ما يضطرها للاستيراد من الخارج -أيضًا- بتكلفة مرتفعة.

تطورات أزمة الوقود في نيجيريا

في بيان صحفي عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، اعترفت شركة النفط الوطنية النيجيرية بصحة تقارير تشير إلى تحمُّلها عبء دين كبير لمورّدي البنزين، رغم إنكار استمر لأسابيع.

ونقلت الصحف في شهر يونيو/حزيران (2024) أن دين الشركة لأولئك التجّار قد تجاوز 6 مليارات دولارات من 3 مليارات في مطلع العام نفسه.

ويرجع سبب الأزمة إلى الفجوة الآخذة في الاتّساع بين التكاليف الفعلية للوقود المستورد وأسعار البنزين الثابتة محليًا.

محطة وقود تحمل شعار شركة النفط الوطنية النيجيرية “إن إن بي سي” – الصورة من “arise.tv”

وفور تولّيه منصبه في مايو/أيار من العام الماضي (2023)، أعلن الرئيس بولا تينوبو رفع الدعم عن الوقود ضمن سلسلة إجراءات استهدفت تخفيف العبء عن كاهل الدولة.

وبعد أن تضاعفت أسعار الوقود في نيجيريا 3 مرات، تدخلت شركة النفط الوطنية (المستورد الوحيد للوقود) لوضع حدّ أقصى للأسعار.

وأسهم ذلك بالتزامن مع انهيار العملة المحلية (نايرا) في عودة الدعم الحكومي -جزئيًا- الذي يستهدف تثبيت الأسعار في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وغضب المواطنين وارتفاع التضخم.

(النايرا النيجيرية = 0.00063 دولارًا أميركيًا).

والمتوقع أن تبلغ قيمة فاتورة دعم البنزين 3.7 مليارات دولار على الأقل في العام الجاري (2024)، بزيادة 50% على أساس سنوي، في الوقت الذي من المتوقع أن تقترض فيه الحكومة نحو 4 مليارات دولار لتمويل إعانات الوقود.

خسائر مستمرة

حذّر صندوق النقد الدولي في مايو/أيار (2024) من أن عودة إعانات الوقود في نيجيريا ستستهلك نحو نصف إيرادات الوقود السنوية؛ لأن الزيادات في أسعار الوقود لا تتناسب مع كلفتها الحقيقية بالدولار.

وبحسب أحد كبار المسؤولين بالصندوق، تتمسك السلطات النيجيرية بالتخلص التدريجي من الدعم الحكومي لأسعار الوقود بعد عام أو عامين.

ويرى المواطنون أن أسعار الوقود الرخيصة هي حق لهم، خاصة في ظل أزمة المعيشة، وأن الحكومة توفر لهم خدمات محدودة، لكن محللين ومسؤولين ومنظمات غير ربحية يرون ذلك الدعم أحد أشكال التبذير والفساد الحكومي.

من جانبها، أكدت شركة النفط الوطنية -في بيانها بتاريخ الأول من سبتمبر/أيلول 2024- امتثالها لقانون صناعة النفط لضمان أمن الطاقة، مضيفةً أنها تتعاون مع الوكالات الحكومية وأصحاب المصالح الآخرين لضمان استمرار إمدادات الوقود في كل أنحاء البلاد.

جاء ذلك بعد أن أوقف 5 تجّار إمداد شركة النفط بالوقود، ويطمع من يستمرون بالتوريد في مبلغ 250 ألف دولار هي قيمة التعويض عن السداد المتأخر.

كما يقول تجّار، إن الشركة لم تسدّد بعد قيمة واردات الوقود في يناير/كانون الثاني 2024، وإن الديون تتراكم، رغم وجوب دفعها في غضون 90 يومًا بعد التسليم.

وثمة مخاوف من أن يؤدي إلغاء الإعانات إلى أحداث شغب، كما حدث في كينيا بنهاية يونيو/حزيران (2024).

وفتح الرئيس بولا تينوبو الباب أمام القطاع الخاص لاستيراد الوقود، وبينما بدأ بعض الشركات باستيراده في يوليو/تموز، فإن الشركات الحاصلة على تراخيص تواجه عقبات في تدبير العملة الأجنبية، في الوقت الذي سجلت فيه العملة المحلية مستويات انخفاض قياسية في قيمتها بالسوق الموازية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.