تمضي أكبر شركة لخدمات حقول النفط في العالم قدمًا في تنفيذ خُططها التوسعية في روسيا، ضاربةً عُرْض الحائط بجميع المطالبات الدولية لها بإنهاء عملياتها هناك، منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/شباط (2022).
وتتعرّض شركة إس إل بي (SLB) -شلمبرجيه سابقًا- ومقرها ولاية تكساس الأميركية لحملة ضغوط شرسة من قبل أوكرانيا وجماعات حقوقية، لدفعها إلى التخارج من روسيا، كي لا تُسهم في تدوير آلة الحرب الممولة عبر عائدات موسكو النفطية.
غير أن أكبر شركة لخدمات حقول النفط في العالم لا تكترث -على ما يبدو- بتلك الأصوات المعارضة لبقائها في روسيا، إذ أبرمت عقودًا جديدة ووظّفت مئات العمال على الرغم من مواصلة موسكو عدوانها على كييف.
وفي عام 2022، قرر عدد كبير من الشركات الغربية التخارج من السوق الروسية في أعقاب فرض عقوبات على موسكو، في حين أكد الكرملين دعمه للشركات التي أصرت على البقاء، مؤكدًا أن الفراغ الذي تشهده تلك السوق لن يدوم؛ إذ ستتمكن شركات صغيرة ومن دول صديقة من ملئه.
ووفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، فضّل أكثر من 2100 شركة متعددة الجنسيات البقاء في روسيا منذ عام 2022، قياسًا بنحو 1600 شركة دولية إما انسحبت من السوق وإما خفّضت عملياتها.
توسع مستمر
تتوسع أكبر شركة لخدمات حقول النفط في العالم في روسيا في أعقاب خروج منافسيها الغربيين الرئيسين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب صحيفة فايننشال تايمز.
وفي شهر يوليو/تموز (2024) التزمت “إس إل بي” بوقف “شحنات المنتجات والتقنية في روسيا” الآتية من مصانعها العالمية.
وفي أعقاب الحظر من قبل أكبر شركة لخدمات حقول النفط في العالم شهدت واردات روسيا من تلك المنتجات التباطؤ إلى أن وصلت إلى الحضيض منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول (2023)، وفق بيانات الجمارك الروسية.
لكن واصلت “إس إل بي” استيراد المواد من وجهات أخرى، ليصل إجمالي قيمة المعدات خلال المدة بين أغسطس/آب وديسمبر/كانون الأول (2023)، إلى 17.5 مليون دولار، وهو أحدث تاريخ أُتيحت فيه تلك البيانات.
ومن بين إجمالي الـ17.5 مليون دولار، لامست قيمة المعدات المصنعة بوساطة أكبر شركة لخدمات حقول النفط في العالم أو أي من الشركات التابعة لها، 2.2 مليون دولار.
القائمة السوداء
تأتي البيانات المذكورة في الوقت الذي تقاوم فيه “إس إل بي” الضغوطات المتنامية عليها لمغادرة روسيا، من قبل جماعات حقوق الإنسان والحكومة الأوكرانية، التي تزعم أن عمليات الشركة في هذا البلد تساعد موسكو على تحقيق عائدات نفطية بمليارات الدولارات؛ ما يدعم آلة الحرب التي ما يزال يديرها الكرملين ضد كييف.
وخلال العام الماضي (2023) أضافت الوكالة الوطنية لمكافحة الفساد في أوكرانيا شلمبرجيه إلى القائمة السوداء التي تضم “رعاة الحرب الدوليين”، والتي تُعد جزءًا من حملة عالمية لفضح الشركات المزاولة لأعمال مع موسكو.
وتخارجت أكبر شركتين منافستين لـ”إس إل بي” من قطاع خدمات النفط الروسي -بيكر هيوز (Baker Hughes) وهاليبرتون (Halliburton)- من موسكو بعد غزو أوكرانيا.
وباعت بيكر هيوز وهاليبرتون أصولهما في روسيا إلى شركات مدمجة محلية في عام 2022، وتحمّلت الأولى رسومًا بقيمة 365 مليون دولار مرتبطة بالتخلص من أصولها.
وفي أواسط عام 2022 أعلنت شركة إيه بي بي (ABB) ومقرها سويسرا -هي الأخرى- تخارجها من روسيا، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال رئيس “إيه بي بي” بيتر فوسير، إن شركته قد فقدت “بعض عملياتها” عبر رفضها تلقي طلبيات جديدة في روسيا، وإعلانها التخارج من هناك.
وأضاف فوسير: “نقبل بفكرة أن بعض الشركات الأخرى ربما لا تحذو الاتجاه نفسه، ومن ثم ربما يكون لديها ميزة تنافسية، غير أنني أعتقد أن تلك وجهة نظر قصيرة المدى، وأن هذا سيؤثر فيها سلبًا في مرحلة ما”.
البقاء مستمر
بخلاف منافسيها الرئيسين قالت أكبر شركة لخدمات حقول النفط في العالم إنها لا تنتوي مغادرة روسيا، غير أنها قالت في شهر يوليو/تموز (2023) إنها “أوقفت شحن المنتجات والتقنيات إلى روسيا من مصانعها العالمية كافّة”.
وبنت “إس إل بي” شركة كبيرة في روسيا منذ سقوط الاتحاد السوفيتي السابق؛ وفي العام الماضي (2023) أسهمت عمليات المجموعة في روسيا بما قيمته 5% من إجمالي إيراداتها البالغة 33.1 مليار دولار، علمَا بأن الشركة توظف قرابة 9 آلاف شخص.
كما لامست قيمة صافي الأصول المملوكة لشركة “إس إل بي” في روسيا 600 مليون دولار في نهاية عام 2023، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
مهام شاقة
ينفّذ مزوّدو خدمات حقول النفط معظم المهام الشاقة المرتبطة بصناعة النفط والغاز العالمية، بدءًا من بناء الطرق ومد الأنابيب إلى حفر الآبار وضخ الخام.
كما تتيح الشركات إمكان الوصول إلى التقنيات المتطورة التي لا غنى عنها لدعم عمليات التنقيب والاستكشاف وتطوير عمليات الحفر المعقدة.
وتجنّب صانعو السياسات الغربيون فرض عقوبات شاملة على خدمات حقول النفط في روسيا، مخافة أن يؤدي ذلك إلى خنق صادرات الوقود الأحفوري، وما قد يَنتُج عن ذلك من فورة في أسعار النفط العالمية.
وفي مايو/أيار (2024)، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن شركة “إس إل بي” لم تنتهك العقوبات المفروضة على موسكو حتى الآن، في حين أكدت وزارة الخزانة الأميركية أن “الولايات المتحدة، وتحالفًا دوليًا معارضًا لروسيا، ملتزمان بتقليص أرباح فلاديمير بوتين”، في بيان اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأضاف البيان: “في الوقت نفسه فإن استهداف وقف تدفق النفط الروسي ستكون له تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..