اقرأ في هذا المقال

  • يُسهم أكبر منجم ليثيوم في أوروبا في تعزيز تنافسية الاقتصاد الصربي
  • تأمل أوروبا في إبرام شراكة مع صربيا في مجال المواد الخام الحيوية
  • تُسهم الصين بما نسبته 56% من إمدادات المعدن العالمية
  • تستعد صربيا لاستئناف تطوير أكبر منجم ليثيوم في أوروبا
  • تخطط صربيا لحظر تصدير الليثيوم

يفتح أكبر منجم ليثيوم في أوروبا نافذة أمل لدول القارة العجوز، لتأمين إمداداتها من هذا المعدن الإستراتيجي، بعيدًا عن الصين.

ومن الممكن أن يدخل منجم جادار (Jadar) الكائن في وادي جادار غرب صربيا حيز التشغيل بحلول أوائل عام 2028، ما يعزّز القدرة التنافسية لاقتصاد البلد الواقع في منطقة البلقان، ويسرّع جهود التحول الأخضر في أوروبا.

ويأمل الاتحاد الأوروبي الدخول في شراكة إستراتيجية مع بلغراد في مجال تطوير المواد الخام الحيوية، ومن بينها الليثيوم، في إطار مبادراته لتقليص اعتماده على الصين في استيراد تلك المواد الإستراتيجية.

وتُسهم الصين بما نسبته 56% من إمدادات المعدن العالمية، في حين تستورد دول التكتل 100% من احتياجاتها من الليثيوم، وفق بيانات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).

احتكار صيني

استحوذت الشركات الصينية على نصف أكبر مناجم الليثيوم في العالم المطروحة في السوق منذ عام 2018، ما يجسد الهيمنة الصينية على سلسلة الإمدادات العالمية للبطاريات المعدنية.

فمن بين 20 منجم ليثيوم مطروحة للبيع، اشترت الشركات الصينية 10 نظير نحو 7.9 مليار دولار أميركي.

وفي المركز الثاني حلّت الشركات الأسترالية بفارق كبير، إذ اشترت 5 مناجم فقط على مدى السنوات الـ5 الماضية، بحسب دراسة استقصائية للصفقات التي تزيد قيمتها على 100 مليون دولار أميركي، أعدتها وكالة إس آند بي غلوبال ريتينغز (S&P Global Ratings)، وتابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ومن المرجح أن يسجّل الطلب على الليثيوم زيادة بواقع 5 أضعاف بحلول عام 2030، بدعم من تنامي الطلب على السيارات الكهربائية في السنوات الأخيرة.

وبوصفه المعدن الأخف وزنًا في العالم، يبرز الليثيوم الذي يلقبه البعض بالذهب الأبيض مثاليًا في بطاريات الهواتف المحمولة والسيارات متعددة البطاريات.

إنهاء احتكار الصين بدعم أميركي

يعزز أكبر منجم ليثيوم في أوروبا جهود الاتحاد الأوروبي لدعم الإنتاج، ما يظهر في تسريع وتيرة منح التراخيص الخاصة بإنشاء مصافي الليثيوم وإيجاد مصادر تمويل جديدة بموجب القانون الصادر في مارس/آذار (2023).

ولتحقيق هذا الهدف يتعاون الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة لخفض اعتماد دول التكتل على بكين في تأمين المعادن الإستراتيجية.

ومن المحتمل أن تمنح واشنطن شركات الاتحاد الأوروبي بعض الدعم والائتمانات الضريبية بموجب قانون خفض التضخم الذي أقره الكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني (2022).

ولدى أميركا رغبة قوية في تأسيس ما يُطلق عليه “نادي البلدان” التي تتسق مع أسلوب تفكير واشنطن، بخصوص خفض الاعتماد على بكين في تأمين المعادن الحيوية التي لا غنى عنها لجهود “التحول الأخضر” مثل الليثيوم، والكوبالت والنيكل.

وفي ظل توقعات بزيادة حادة في الطلب بواقع 17 مرة بحلول أواسط القرن الحالي (2050)، فطنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لجسامة هذا التحدي.

وقالت فون دير لاين: “نعلم تمامًا أن هذا عصر نعتمد فيه على مورّد وحيد، إنها الصين”، في تصريحات سابقة رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأضافت: “ما نحتاج إليه -الآن- هو مزيد من الاستقلالية في هذا الخصوص، والتنوع بخصوص المعادن الرئيسة المهمة لتقوية قدرتنا التنافسية”.

أكبر منجم ليثيوم في أوروبا

تستعد صربيا لمنح الضوء الأخضر إلى عملاقة التعدين الأسترالية ريو تينتو (Rio Tinto) لتطوير أكبر منجم ليثيوم في أوروبا، في أعقاب عامين من توقف المشروع بموجب أوامر من بلغراد، وفق ما نشرته فايننشال تايمز (Financial Times) البريطانية .

وقال الرئيس الصربي أليكسندر فوتشيتش، إن “الضمانات الجديدة” المقدمة من شركة التعدين والاتحاد الأوروبي كافية -على ما يبدو- لتلطيف المخاوف البيئية التي تساور حكومته بشأن موقع جادار.

وأعرب فوتشيتش عن بالغ ثقته بأنه سيؤمّن جميع الضمانات الضرورية من قادة الاتحاد الأوروبي للاستثمارات ذات الصلة في صربيا، مثل إنتاج البطاريات وتصنيع السيارات الكهربائية.

الرئيس الصربي أليكسندر فوتشيتش
الرئيس الصربي أليكسندر فوتشيتش – الصورة من n1info

وأضاف: “إذا استوفينا الشروط كافّة، فإنه من الممكن افتتاح المنجم بحلول عام 2028″، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتابع: “من المتوقع إنتاج 58 ألف طن من الليثيوم سنويًا، وهو ما يكفي لـ17% من إنتاج السيارات الكهربائية في القارة العجوز” ما يعادل قرابة 1.1 مليون سيارة.

احتجاجات بيئية

في يناير/كانون الثاني (2022)، ألغت الحكومة الصربية تراخيص كانت قد حصلت عليها ريو تينتو في أعقاب احتجاجات ضخمة قادتها مجموعات البيئة التي كانت تساورها مخاوف إزاء الأضرار المحتملة الناتجة عن غلق المنجم، وتلوث المياه وتشريد المواطنين، ما دفع تلك الجماعات في النهاية إلى غلق الطرق السريعة والجسور في صربيا.

وجاءت الاحتجاجات في وقت كان فيه فوتشيتش، الذي أصبح رئيسًا للوزراء في عام 2014 ورئيسًا بعد 3 سنوات، يواجه انتخابات وضغوطًا سياسية داخلية.

ولكن بعد انتخابات البلدية التي جرت في 2 يونيو/حزيران (2024)، التي فاز فيها حزب فوتشيتش الحاكم في معظم المناطق، ترى الحكومة أن الطريق بات ممهدًا بدرجة أكبر لمواصلة المشروع.

لافتة باللغة الصربية تقول "ممنوع الاقتراب للأشخاص غير المصرح لهم" أمام منزل اشترته ريو تينتو في موقع تطوير المنجم
لافتة باللغة الصربية تقول “ممنوع الاقتراب للأشخاص غير المصرح لهم” أمام منزل اشترته ريو تينتو في موقع تطوير المنجم – الصورة من rferl

آمال ومخاوف

يرى المسؤولون الغربيون أن التجديد المخطط له للاتفاقية مع ريو تينتو ومشاركة الاتحاد الأوروبي بمثابة إشارة ضمنية مهمة إلى التوافق الجيوسياسي مع صربيا، في وقت تحاول فيه الصين وروسيا ودول الخليج العربي التقرب من بلغراد اقتصاديًا وسياسيًا.

وفي السياق ذاته، قال الرئيس الصربي أليكسندر فوتشيتش: “مسؤولو الاتحاد الأوروبي اعتقدوا أننا سنمنح أكبر منجم ليثيوم في أوروبا إلى الصين، لكننا ليس لدينا أي نية لذلك، إذ تعهدنا بالعمل المشترك مع الاتحاد الأوروبي”.

وعلاوة على ذلك زعم فوتشيتش الذي ما يزال يصر على التزامه بانضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، أن بعض دول القارة حاولت تقويض اتفاقية جادار.

وواصل: “إنها -بعض الدول الأوروبية- حتى تشارك في تنظيم الاحتجاجات في صربيا، وأنا أتساءل لماذا يفعلون ذلك، وهم سيخسرون كل شيء، والصينيون سيأخذون مكانهم”.

ولا تُنتِج أوروبا -الآن- الليثيوم محليًا، وسيُنتِج منجم جادار كميات من هذا المعدن الإستراتيجي تكفي لتلبية 13% من الطلب المتوقع في القارة بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، وفق الأرقام الصادرة عن شركة فاست ماركيتس (Fastmarkets)، المتخصصة في أبحاث السلع الأساسية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.