اقرأ في هذا المقال
- ألمانيا تحتاج لاستيراد الهيدروجين بما يتراوح بين 50 و70% من حجم الطلب
- الطلب على الهيدروجين في ألمانيا قد يصل إلى 500 تيراواط/ساعة بحلول 2045
- 8 دول عربية قد تكون سوقًا جاذبة لإستراتيجية استيراد الهيدروجين الألمانية
- مصر والمغرب والجزائر الأوفر حظًا.. والسعودية وموريتانيا على الطريق
- سلطنة عمان نفّذت خطوات فعلية، والإمارات وقطر أقل أداءً
أقرّت ألمانيا إستراتيجية لاستيراد الهيدروجين ومشتقاته، في إطار مساعيها لتحقيق أهداف الطاقة النظيفة، والاستغناء عن الغاز الروسي وموارد الوقود الأحفوري.
ويعزز الاستيراد من قدرة أكبر الاقتصادات الأوروبية على تلبية الطلب في ظل دعم حالة الاندفاع باتجاه الوقود النظيف، بتوقعات تشير إلى أن الطلب على الهيدروجين قد يصل -بحلول عام 2030- إلى ما يتراوح بين 95 و130 تيراواط/ساعة.
وفي ظل “محدودية” تطوير موارد إنتاج الهيدروجين محليًا في ألمانيا بالقدر الكافي لتلبية هذا المستهدف حتى الآن، تتجه أنظار برلين إلى الاستيراد، وتضع نصب أعينها الدول التي تتمتع بموارد متجددة.
ووفق تحديثات قطاع الهيدروجين لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يبرز دور حيوي للدول العربية في الإستراتيجية الألمانية، لما تتمتع به من فرص وموارد وإمكانات، ووقّعت ألمانيا -بالفعل- اتفاقيات لاستيراد الهيدروجين من بعض هذه الدول، وتُجري مشاورات مع دول أخرى.
وتستعرض منصة الطاقة أبرز هذه التطورات في التقرير التالي:
إستراتيجية الهيدروجين في ألمانيا
أقرّت ألمانيا إستراتيجية لاستيراد الهيدروجين بالتوازي مع إجراءات محلية أخرى، تؤدي في نهاية الأمر لتوفير الموارد اللازمة لتلبية الطلب.
وقد تضطر برلين إلى استيراد الوقود النظيف بنسبة تتراوح بين 50 و70% من حجم الطلب المتوقع بحلول 2030، بما يعادل من 45 إلى 90 تيراواط/ساعة.
ولن تستقر معدلات الطلب على الهيدروجين عندما يتراوح بين 95 و130 تيراواط/ساعة المتوقعة بنهاية العقد، بل قد ترتفع إلى ما بين 360 و500 تيراواط/ساعة هيدروجين، و200 تيراواط/ساعة من مشتقاته، بحلول عام 2045.
ويعمّق ذلك الحاجة إلى تأمين إمدادات مستقرة وموثوقة بالتوازي بين الإنتاج المحلي والاستيراد، وحظيت خطة استيراد الوقود النظيف ومشتقاته (بما يشمل: الهيدروجين، الهيدروجين الجزيئي منخفض الوزن، الأمونيا، الميثانول، الهيدروجين السائل) بدعم من وزارة الاقتصاد والمناخ.
ولتلبية أهداف نشر الهيدروجين في ألمانيا، كشفت الوزارة أنها دخلت فيما يزيد عن 30 شراكة ومشاورة ذات صلة، ووصلت إلى مراحل اتفاق متقدمة مع عدد من الدول مؤخرًا.
إجراءات محلية وخارجية
يقول وزير الاقتصاد والمناخ رويبرت هابيك، إنه على المدى المتوسط والطويل، تلبي الواردات جزءًا كبيرًا من حجم الطلب الألماني على الوقود النظيف، مشيرًا إلى أن إستراتيجية استيراد الهيدروجين التي أقرّتها برلين مؤخرًا تمثّل رسالة طمأنة للشركاء والمورّدين.
ومن جانب آخر، أوضح هابيك أن معدل الطلب الألماني القوي على الهيدروجين مستقبلًا يجعلها سوقًا جاذبة وآمنة لمشروعات البلدان المورّدة.
ومحليًا، تسعى الهيئات المعنية إلى تهيئة البنية التحتية لاستيعاب المزيد من الواردات، إذ تطور حكومة برلين خطوط الأنابيب وسفن النقل والسكك الحديدية والطرق، وغيرها، استعدادًا لتدفّق واردات الهيدروجين.
وتُجري الحكومة مشاورات مع شركاء أوربيين وعدد من الدول والمطورين، بغرض تنويع مصادر المعروض من الهيدروجين وتوسعة نطاق مصادر التوريد، وفق موقع أوفشور إنرجي (Offshore Energy).
وطلب مشغّلو أنظمة النقل استصدار موافقات رسمية لتطوير شبكة الهيدروجين الرئيسة في البلاد، وهي خطوة تترقب تطورات مهمة في غضون أشهر قليلة قد تؤتي ثمارها بحلول مطلع 2025.
فرص عربية محتملة
قد تستفيد دول عدّة من إستراتيجية ألمانيا لاستيراد الهيدروجين، لكن تبقى فرص الدول العربية في الصدارة، لما تتمتع به من موارد تؤهل للإنتاج والتصدير.
وفي الأسطر التالية، تستعرض منصة الطاقة المتخصصة تطور مشاورات الهيدروجين بين ألمانيا و8 دول عربية، هي: (مصر، المغرب، الجزائر، السعودية، سلطنة عمان، موريتانيا، قطر، الإمارات)، التي وصلت إلى حدّ توقيع اتفاقيات تصدير مع بعض هذه الدول:
1) مصر
وقع اختيار ألمانيا على مصر لاستيراد ما يقارب 259 ألف طن من الأمونيا الخضراء، بدءًا من عام 2027 حتى 2033، وفق موقع كلين إنرجي واير (Clean Energy Wire).
ومنحت برلين عقدًا لشركة فيرتيغلوب (Fertiglobe) التي تتخذ من الإمارات مقرًا لها، إذ تخطط الشركة لإنتاج الأمونيا الخضراء في مصر عبر تركيب قدرة طاقة متجددة قدرها 273 ميغاواط، بما يجنّب 93 ألف طن سنويًا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ويرصد الإنفوغرافيك أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر:
وقُدِّر سعر العقد بنحو 811 يورو/طن أمونيا، بما ينخفض عن 4.50 يورو/كيلوغرام، وقال وزير الاقتصاد والمناخي الألماني “روبرت هابيك”، إن اتفاقية استيراد الهيدروجين ومشتقاته المعلنة مع مصر خطوة مهمة لأكبر الاقتصادات الأوروبية.
(اليورو = 1.09 دولارًا أميركيًا)
وأعلنت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس -في يوليو/تموز 2024- اقتناص مشروع “الهيدروجين الأخضر المصري” عقدًا بقيمة 397 مليون يورو من تحالف إتش تو غلوبال (H2Global)، لشراء الأمونيا من موقع مملوك للشركة الإماراتية في مصر، حسب الموقع الإلكتروني للمنطقة (SC Zone).
2) المغرب
يعدّ المغرب مُورّدًا محتملًا ضمن خطة ألمانيا لاستيراد الهيدروجين، ووقّعت الرباط اتفاق تعاون مع برلين مؤخرًا للتعاون في الطاقة المتجددة وإنتاج الوقود النظيف.
وبموجب اتفاق الشراكة، يحصل المغرب على حصة لا بأس بها لتوريد الطاقة النظيفة إلى ألمانيا، خاصة في ظل الظروف المواتية لموارد الرياح والطاقة الشمسية لدى الرباط، ما يتيح بسهولة إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وأسهمت مؤسسات مصرفية أوروبية في تمويل مشروعات مغربية، مثل مشروع “ورزازات” الذي يعدّ أكبر المرافق العالمية للطاقة الشمسية المركزة، وفق ما نشره موقع ميدل إيست مونيتور (Middle East Monitor) مطلع شهر يوليو/تموز 2024.
3) الجزائر
في فبراير/شباط 2024، أقرّ مسؤولون في ألمانيا والجزائر إطار تعاون في مجال الهيدروجين الأخضر، يشمل دعم البنية التحتية لدى الدولة الأفريقية.
وبموجب الاتفاق الأوّلي، تموّل حكومة برلين إنشاء شركة سوناطراك الجزائرية محطة تجريبية للهيدروجين الأخضر في مدينة أرزيو بقدرة 50 ميغاواط، بدعم قدره 20 مليون يورو (21.7 مليون دولار أميركي)، طبقًا لما أورده موقع هيدروجين إنسايتس (Hydrogen Insights) آنذاك.
وكشف وزير الاقتصاد والمناخ الألماني روبرت هابيك أن هناك اتجاهًا قويًا لدعم وتوسعة إنتاج الهيدروجين الأخضر في الجزائر، عبر ضخ الاستثمارات في مشروعات الرياح والطاقة الشمسية.
ونظرًا لحجم صادرات الغاز الجزائرية الرئيس بالنسبة لأوروبا، تدرس الأطراف المعنية للاستفادة من خطوط الأنابيب وشبكات النقل والمرافق الخاصة بالغاز في نقل الهيدروجين وتصديره، خاصة مع تبنّي اقتصادات أوروبية مشروع “ممر الهيدروجين الجنوبي” الذي يربط عددًا من دول القارة العجوز بدول تشمل شمال أفريقيا.
وكشفت معلومات ألمانية أن الجزائر تستهدف تلبية 10% من طلب الاتحاد الأوروبي على الهيدروجين، بحلول عام 2040، وفق موقع أوفشور إنرجي (Offshore Energy).
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مسار ممر الهيدروجين من شمال أفريقيا إلى أوروبا:
4) السعودية
ما زالت خطط ألمانيا لاستيراد الهيدروجين من السعودية قاصرة على مذكرات التفاهم والمشاورات حتى الآن، لكن إمكانات المملكة واندفاعها نحو تطوير الطاقة النظيفة تعزز فرصها لتكون مورّدة محتملة.
وفي مارس/آذار من عام 2021، جرى التفاهم بين الجانبين على إنتاج واستعمال الهيدروجين بما يتفق مع أهداف رؤية 2030، ويشجع الاستفادة من الموارد السعودية وخططها لخفض الانبعاثات.
وحينها أكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن المملكة تملك الأسس والركائز لدعم إنتاج الهيدروجين، خاصة مع إحراز تقدّم لافت للنظر في مشروع “نيوم”، وفق الموقع الإلكتروني للوزارة.
واتفق الطرفان على زيادة التعاون في إنتاج الهيدروجين النظيف ومعالجته ونقله وتسويقه بصورة مشتركة، بما يشمل دعم مبيعات الهيدروجين السعودي ومشتقاته، مثل الكيروسين الصناعي.
ورحّب مسؤولون لدى ألمانيا بمذكرة التفاهم الموقّعة مع السعودية، خاصة أن فرص المملكة المستقبلية في إنتاج الوقود النظيف وتصديره -من مشروع مدينة نيوم، مثالًا- تتفق مع إستراتيجية استيراد الهيدروجين لبرلين بحلول عام 2030، وفق ما أورده موقع مكتب الاتصال السعودي الألماني (AHK).
ويبدو أن العام الماضي 2023 شهد مشاورات جديدة، تتضمن دور ألمانيا في مشروع نيوم السعودي، وحجم الطلب المتوقع من السوق الأوروبية على الوقود النظيف، وفق إربيان غولف بيزنس إنسايتس (AGBI).
5) سلطنة عمان
تتلقى إستراتيجية ألمانيا لاستيراد الهيدروجين دعمًا من الاتفاقيات التي تُوَقَّع بين الحين والآخر، ومن بينها الاتفاقيات مع سلطنة عمان.
وفي مارس/آذار الماضي، وقّعت شركة هيدروجين عمان “هايدروم” وشركة في إن جي (VNG) اتفاقية لتصدير الهيدروجين لمحطات تكرير ألمانية، ضمن سلسلة توريد متكاملة للهيدروجين الأخضر والأمونيا.
وشمل ذلك فتح المجال أمام دراسة توقيع برلين عقد شراء هيدروجين أخضر وأمونيا طويل الأجل من السلطنة، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وكانت سلطنة عمان قد تبنّت رؤية لسياسة الهيدروجين بحلول عام 2040، بهدف توسعة نطاق الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة.
وتستهدف الخطة المرحلية إنتاجًا يتراوح بين 1 و1.25 مليون طن من الهيدروجين بحلول 2030، ورفع ذلك إلى 3.5 مليون طن في 2040، ليقفز إلى 8 ملايين طن في 2050، وفق الموقع الإلكتروني للمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP).
ووفق تقديرات المعهد الألماني، فإن منطقة صلالة في محافظة ظفار ومنطقة الدقم تعدّان أبرز المواقع المحتملة لإنتاج الهيدروجين في سلطنة عمان، لتوافر الموارد الطبيعية مثل الشمس والرياح، بالإضافة إلى المياه اللازمة للتحليل الكهربائي.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية -في تقرير لها عام 2023- أن تتصدر سلطنة عمان أكبر مصدّري الهيدروجين في الشرق الأوسط، بإنتاج الأمونيا الخضراء مقابل 400 دولار للطن، بحسب ما نقله عنها موقع هيدروجين إنسايتس.
ويُشير الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إلى أبرز ملامح خطة الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان:
6) موريتانيا
في مارس/آذار 2023، مهدت ألمانيا الطريق لبدء استيراد الهيدروجين من موريتانيا، عبر دعم إنتاج الوقود الأخضر في الدولة العربية.
ووقّعت ألمانيا وشركات إنفينيتي باور (Infinity Power) المصرية، و”مصدر” الإماراتية، و”كونجونكتا” الألمانية، اتفاقًا بقيمة 34 مليار دولار، لإنتاج الهيدروجين الأخضر في موريتانيا، حسب رويترز.
واستهدف ائتلاف الشركات إنتاج 8 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر ومشتقاته سنويًا، بقدرة تحليل كهربائي إجمالية تصل إلى 10 غيغاواط تشمل 400 ميغاواط فقط في المرحلة الأولى، وخططت الشركات إلى إتمام المرحلة الأولى للمشروع بحلول 2028.
وتملك موريتانيا إمكانات متجددة تؤهلها لاحتضان مشروعات الطاقة النظيفة، بإنتاج يتجاوز 350 غيغاواط، حسب إنرجي نيوز (Energy News).
وفي حالة نجاح شراكة ألمانيا لاستيراد الهيدروجين -عبر الاتفاق مع مصر والإمارات وموريتانيا-، فإن الأخيرة يمكنها تعويض 13% من الغاز المسال خلال 4 سنوات، لكن هذه الرؤية محاطة بتحديات النقل، وفق تحليل نشره موقع غلوبال باريل (Global Barrel).
7) الإمارات
بدأت ألمانيا استيراد الهيدروجين من الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول 2022، مع وصول أول شحنة وقود أزرق تضم 13 طنًا متريًا في صورة أمونيا سائلة، حسب موضع دويتش فيله (DW).
ورغم أن التحول الذي تنشده ألمانيا يتطلب استيراد الهيدروجين الأخضر الأكثر نظافة، لاعتماد إنتاجه على الطاقة المتجددة، فإن الشحنة كانت خطوة جيدة يمكن البناء عليها.
ولم توقّع الإمارات حتى الآن اتفاقيات تصدير هيدروجين أخضر إلى ألمانيا، لكنها قد تكون مورّدة محتملة بعد إقرار برلين إستراتيجية استيراد الهيدروجين مؤخرًا.
وتتبنى الإمارات خطة لإنتاج مليون طن هيدروجين أخضر سنويًا بحلول عام 2031، بالإضافة إلى تزويد السوق العالمية بنحو 25% من الإمدادات، حسب تقرير لموقع هيدروجين إنسايتس.
8) قطر
تتبنى أصوات داخل قطر أهدافًا رامية لتعزيز استثمارات الهيدروجين، لكن يبدو أن الحديث حتى الآن ما زال قاصرًا على الهيدروجين الأزرق، نظرًا لإمكانات الغاز الهائلة وتوافر البنية التحتية المساعدة في عملية النقل قابلة للتعديل والتكيف.
وحتى الآن، لم تعلن قطر إستراتيجية للهيدروجين ذات مستهدفات واضحة، ورغم ذلك ضخّت استثمارات قوية في القطاع عبر شركة قطر للأسمدة “قافكو”، لبناء مصنع أمونيا زرقاء بحلول الربع الأول من 2026، بتكلفة مليار دولار، وفق موقع هيدروجين إنسايتس.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..