على الرغم من وجود الغاز والنفط في سوريا، فإن الكميات الموجودة تُعد ضئيلة، لا تكاد تكفي الاستهلاك المحلي، وهو وضع قديم بغض النظر عما حدث خلال السنوات الماضية التي شهدت حروبًا واضطرابات واسعة النطاق.

وفي هذا الإطار، يوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي أن إنتاج سوريا من النفط الخام في أوائل الألفية الحالية بلغ نحو 700 ألف برميل يوميًا.

وأضاف: “هناك نوعان من النفط في سوريا، يمكن اعتبارهما شهيرين، على الرغم من وجود عدد من الأنواع الأخرى، النوع الأول هو النفط الخفيف، وهو مطلوب عالميًا، إلا أن كمياته هناك قليلة، أما النوع الآخر فهو النفط الثقيل الحامض”.

ولكن، وفق الحجي، لأسباب مختلفة انخفض إنتاج النفط في سوريا بصورة كبيرة، إذ وصل قبل بداية الثورة في عام 2011 إلى ما بين 300 و400 ألف برميل يوميًا، وهو المستوى الذي ظل عليه الإنتاج بين عامي 2004 و2011.

وأكد أن الثورة السورية -لمن لا يعرف- عمرها نحو 50 عامًا، ولكن ما جعل الأمور تختلف بعد عام 2011 هو وجود وسائل التواصل الاجتماعي والكاميرات التي توثق كل شيء.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج “أنسيّات الطاقة”، الذي يقدمه الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، إذ جاءت الحلقة تحت عنوان: “مستقبل إنتاج النفط والغاز في سوريا”.

إنتاج النفط في سوريا

قال الدكتور أنس الحجي إن مستويات إنتاج النفط في سوريا حتى عام 2011 كانت أقل من 400 ألف برميل يوميًا، وبعد الثورة وسيطرة الجيش الحر -في البداية- ثم سيطرة القبائل وبعدها تنظيم داعش، انخفض الإنتاج بصورة كبيرة، حتى وصل في إحدى الفترات إلى نحو 60 ألف برميل يوميًا.

وأضاف: “ولكن، في فترة من الفترات -أيضًا- انخفض إنتاج سوريا من النفط الخام إلى نحو 24 ألف برميل يوميًا فقط، وهي كميات بسيطة، كما أن أغلب النفط كان يتم إنتاجه في مناطق تسيطر عليها مجموعة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أو الأكراد والأميركيون”.

حقل الورد السوري – الصورة من وزارة النفط السورية

ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن دخول الأميركيين على خط الأزمة لم يكن لدعم الأكراد أو لمنع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من السيطرة على المنطقة ومنابع النفط في سوريا، إذ إن فكرة أن الأميركيين يسرقون النفط ويبيعونه غير حقيقية.

وتابع: “الأميركيون استفادوا من النفط السوري لدعم الحركات الكردية، بحيث ألا يتم دعم الحركات الكردية من جيب دافع الضرائب الأميركي، لذلك فإن هذا النفط كان بعضه يُباع إلى النظام السابق، وبعضه الآخر يجري تهريبه إلى تركيا والعراق”.

وحول الغاز، قال إن هناك كميات منه في أماكن متفرقة، ولكنها قليلة للغاية، وسبق أن نشرت منصة الطاقة المتخصصة تقريرًا عن وضع قطاع النفط في سوريا بصفة خاصة وقطاع الطاقة بصفة عامة، بما في ذلك الكهرباء، التي تواجه الدولة أزمة فيها منذ زمن بعيد.

كما تنشر منصة الطاقة تقريرًا عن حقل كونكو للغاز وعدد من الحقول الأخرى، كما ستواصل نشر العديد من التقارير المتعلقة بأوضاع قطاع الطاقة في سوريا على مدار الأيام المقبلة لتغطيتها بأفضل شكل ممكن.

حقل المهر في سوريا
حقل المهر في سوريا

قطاع الطاقة في سوريا

نبّه الدكتور أنس الحجي إلى بعض الأمور التي قد تغيب عن الحكومة السورية الجديدة ومسؤوليها الجدد، سواء فيما يتعلق بالغاز والنفط في سوريا، أو مجالات الطاقة المتجددة، وكذلك استيراد مصادر الطاقة المختلفة.

وأضاف: “أولًا، من الواضح تمامًا الآن أن هناك تحركًا في محاولة لتخليص آبار النفط في سوريا من سيطرة تنظيم قسد، وكذلك تُسلّم هذه الحقول من الأميركيين إلى الحكومة الجديدة، وذلك بهدف توفير دعم مالي للحكومة”.

وأكد الدكتور أنس الحجي أن هذه الخطوة تواجه مشكلة كبيرة، إذ إن بعض هذه الحقول فيها تلوث نووي كبير، ويمكن لمن يريد الاطلاع أن يبحث على “غوغل” بالعربية أو الإنجليزية تحت اسم “أنس الحجي” و”سوريا”، ليجد مقالًا يختصر الموضوع والمعلومات.

ولفت إلى أن ما حدث تاريخيًا هو أن بعض آبار النفط العميقة حول العالم، عندما يتم استخراج النفط منها، يخرج معه الماء مختلطًا بالمواد المشعة، وفي الدول المتقدمة مثل أميركا تُجبر الشركات على إعادة ضخ هذا الماء في باطن الأرض مرة أخرى.

وتابع: “كان هناك وقت تنتج فيه شركة شل النفط في سوريا من بعض الأماكن، ويبدو أنها أهملت بصورة كبيرة فحدثت مشكلة بينها وبين الحكومة، انتهت بإجبار الشركة العالمية على تنظيف المنطقة، ما جعلها تحيط المنطقة بسور عالٍ، بجانب تنظيف التربة بالكامل من المواد المشعة، بتكاليف عالية على حسابها، وظلت المنطقة مغلقة لحماية البشر والحيوانات”.

منشأة نفطية تابعة لشركة شل
منشأة نفطية تابعة لشركة شل

وبعد عام 2011، حدثت أزمة بسيطرة القبائل على مناطق إنتاج النفط في سوريا، ثم دخل تنظيم داعش وبدأ يتاجر في النفط، وقطع الأنابيب، إذ قطعوا شجرة تسمى “شجرة الكريسماس”، وهي في رأس البئر، وبدأ النفط يتدفق على وجه الأرض.

وأوضح أن أغلب السائل المتدفق كان الماء المخلوط بالنفط، وتكونت بحيرات وبرك في البادية، ولكن الأزمة أن هذا الماء ملوث نوويًا، لاحتوائه على مواد مشعة كانت في باطن الأرض، فنتجت عن ذلك نسبة مواليد مشوهة عالية في هذه المنطقة، كما ارتفعت نسبة الوفيات بشكل كبير، وكذلك نسبة الإصابة بمرض السرطان.

وفي عام 2013، تشكلت لجنة للنظر في الأمر، وجرى التواصل مع بعض المسؤولين ومحطة تلفزيونية لعمل فيلم وثائقي عن الأمر، لكن رئيس دولة عربية تواصل معهم وأجبرهم على الخروج ولم يكتمل التصوير، ولا أحد يعرف ما حدث للجزء الوثائقي الذي جرى تصويره.

لكن الأمر الواقع يقول إنه كانت هناك مشكلات كبيرة نتيجة هذا التلوث، ومن ثم على الحكومة الجديدة -إذا قال الأميركيون أو غيرهم إنهم سيسلمون حقول النفط في سوريا- أن ترفض ذلك تمامًا، وأن تطلب مساعدة دولية لإغلاق المنطقة بالكامل، ومنع الناس من الوصول إليها.

وأردف: “يمكن بالطبع مستقبلًا جلب شركات متخصصة لتنظيف المنطقة من المواد المشعة، التي جاءت من باطن الأرض ولا علاقة لها بأي أسلحة، وهي مشكلة يجب الانتباه إليها من جانب من يخططون لأن تكون هناك موارد مالية للحكومة من آبار النفط في سوريا”.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.