اقرأ في هذا المقال

  • • أوروبا تتطلع للاستفادة من الطاقة الخضراء في أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان
  • • من المتوقع أن يصل إنتاج طاقة الرياح في منطقة بحر قزوين إلى 157 غيغاواط
  • • تكامل أنظمة الكهرباء سيفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي بين دول بحر قزوين وأوروبا.
  • • وفرة المصادر المتجددة تجعل من بلدان آسيا الوسطى منصات فريدة لتطوير الطاقة الخضراء

وقّعت أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان اتفاقية تعاون، لدمج أنظمة الكهرباء لديها، من شأنها أن تدعم أهداف أوروبا المناخية، إذ تهدف إلى تشجيع إنتاج وتصدير الطاقة المتجددة عبر أذربيجان.

ومن المقرر أن يمتد المسار الرئيس لهذا المشروع المعقد من منطقة أكتاو في قازاخستان إلى مدينة سومقاييت في أذربيجان.

ويتضمن المشروع بناء خط كهرباء عالي الجهد عبر قاع بحر قزوين، لإنشاء ممر اتصالات رقمية بين آسيا وأوروبا.

ويتمثل الدافع وراء هذا المشروع في الإمكانات الكبيرة لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح في منطقة بحر قزوين، التي من المتوقع أن تصل إلى 157 غيغاواط، وتتجاوز حاجة أذربيجان إلى حدّ كبير.

وتعتزم أذربيجان رفع نسبة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لديها إلى 24% و30%، بحلول عامي 2026 و2028 على التوالي.

وبحلول عام 2025، تريد قازاخستان توليد 10% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة، وبحلول عام 2030، سترتفع هذه النسبة إلى 6%.

وتريد أوزبكستان زيادة نسبة مصادر الطاقة المتجددة، بحلول عام 2030، إلى 25% من إجمالي الكهرباء المنتجة، وهو ما قد يسهم بشكل فعال في دعم أهداف أوروبا المناخية.

التوسع في الاقتصاد الأخضر

من خلال تعزيز كفاءة الطاقة وتعزيز التوسع في الاقتصاد “الأخضر”، فإن دمج أنظمة الكهرباء هذه سيفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث وأوروبا.

وسيُوَفَّر جدول زمني أكثر دقة بعد إكمال تقييم جدوى المشروع، بحلول نهاية هذا العام، وسيحتوي بيان العمل على نموذج عمل لبناء خطوط نقل كهربائية عابرة للحدود الوطنية وتصدير الطاقة المتجددة إلى القارة العجوز، وهو ما يخدم أهداف أوروبا المناخية.

من ناحيتها، تُراجع أذربيجان حاليًا السمات التقنية للمشروع، وعلى الرغم من نقص الكهرباء الحالي في قازاخستان، فإن هذا المشروع هو جزء من جهد أكبر لتحويل البلاد إلى مصدّر للكهرباء.

تتمتع المناطق الغربية من قازاخستان بإمكانات كبيرة لتطوير الطاقة المتجددة، وخصوصًا طاقة الرياح والطاقة الشمسية، حسبما ذكرت وزارة الطاقة في قازاخستان.

مزرعة توربينات رياح في قازاخستان – الصورة من (باور تكنولوجي)

وبحلول عام 2030، تعتزم قازاخستان زيادة إنتاجها من الكهرباء من أجل توفير أمن الطاقة وتسهيل صادرات الكهرباء النظيفة التي ستدعم أهداف أوروبا المناخية.

وبالمثل، تخطط أوزبكستان لمضاعفة إنتاجها من الكهرباء بحلول عام 2030، بهدف زيادة قدرة نظام الكهرباء إلى 25.6 غيغاواط بحلول عام 2025.

وأصبحت أوزبكستان رائدة الطاقة المتجددة في آسيا الوسطى، بفضل إسهامات كبيرة من المحطات الكهروحرارية ومحطات الطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ويعود اهتمام الاتحاد الأوروبي بالكهرباء الواردة من آسيا الوسطى إلى الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها المنطقة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

من ناحية أخرى، فإن الكثافة السكانية المنخفضة والأراضي الشاسعة وعدد الأيام المشمسة سنويًا تجعل من هذه البلدان منصات فريدة لتطوير الطاقة الخضراء.

ومن شأن المشاركة التعاونية في مشروعات الطاقة البديلة أن تمكّن كل دولة من تسخير إمكاناتها الاقتصادية بكفاءة في هذا القطاع، بما يدعم أهداف أوروبا المناخية.

التحديات والاعتبارات

التحديات الفنية والاقتصادية:

تتطلب المسافة الواسعة إلى الأسواق الأوروبية بناء خطوط كهرباء الجهد العالي وتطوير بنية تحتية قوية لنقل الكهرباء لمسافات طويلة.

ويتطلب تحديث أنظمة نقل الطاقة استثمارات كبيرة، وقد يكون تمويل التكاليف الباهظة لبناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء وتحديث البنية التحتية القائمة أمرًا صعبًا، خاصة بالنسبة للبلدان ذات الموارد المالية المحدودة.

التحديات البيئية والاجتماعية:

يمكن لإنشاء بنية تحتية جديدة وزيادة نقل الكهرباء أن يؤدي إلى تعطيل الموائل وزيادة انبعاثات الكربون، ما يستلزم اتخاذ تدابير لتقليل الآثار البيئية.

وقد يواجه المشروع مقاومة من المجتمعات المحلية المعنية بآثاره البيئية والاجتماعية.

وسيكون التعامل مع أصحاب المصلحة وضمان استفادة السكان المحليين من المشروع أمرًا بالغ الأهمية للحصول على القبول الاجتماعي.

التحديات السياسية وإدارة المخاطر:

يتطلب المشروع تعاونًا وثيقًا بين أذربيجان، وقازاخستان، وأوزبكستان، على الرغم من اختلاف أنظمتها السياسية، وأولوياتها الاقتصادية، وسياساتها في مجال الطاقة.

ألواح الطاقة الشمسية في محطة قراداغ بأذربيجان
ألواح الطاقة الشمسية في محطة قراداغ بأذربيجان – الصورة من (كلايمت تشينج نيوز)

ويمثّل التعاون الدولي مع الدول والمنظمات الأوروبية أمرًا ضروريًا، ويتطلب بناء علاقات ومفاوضات فعالة، إضافة إلى ذلك، فإن المشروع عرضة للمخاطر الجيوسياسية مثل تغيرات السياسات والصراعات، وكذلك المخاطر الفنية مثل فشل المعدّات والكوارث الطبيعية.

ويُعدّ تطوير إستراتيجيات للتخفيف من هذه المخاطر وضمان موثوقية المشروع أمرًا حيويًا للنجاح.

وتشكّل خطة تصدير الكهرباء من جانب أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان خطوة مهمة نحو تعزيز كفاءة الطاقة، وتكامل نمو الاقتصاد الأخضر، وخلق فرص جديدة للتعاون الاقتصادي بين هذه البلدان والقارة العجوز، بما يخدم أهداف أوروبا المناخية.

الفوائد المحتملة لخطة تصدير الكهرباء

تقدّم خطة تصدير الكهرباء من أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان فوائد عديدة لأهداف أوروبا المناخية.

ومن خلال تنويع مصادر الطاقة في أوروبا بإمدادات جديدة من الطاقة المتجددة، فإن الخطة سوف تقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزز أمن الطاقة.

وتتوافق هذه المبادرة مع أهداف أوروبا المناخية، المتمثلة في زيادة حصة الطاقة المتجددة بمزيجه، وهو أمر ضروري للحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة وتحقيق الأهداف المناخية.

ويعزز المشروع كفاءة استعمال الطاقة من خلال تحسين البنية التحتية للنقل وتقليل خسائر الطاقة.

ومن المتوقع أن يخلق المشروع فرص عمل ويحفّز النمو الاقتصادي خلال مرحلتي البناء والتشغيل، على المدى الطويل.

بالإضافة إلى ذلك، ستوفر الخطة مصدرًا موثوقًا ومستدامًا للكهرباء، ما يقلل من مخاطر انقطاع الإمدادات وتحسين المرونة العامة لنظام الكهرباء.

إلى جانب ذلك، تدعم الخطة الأهداف البيئية من خلال خفض انبعاثات غازات الدفيئة ومكافحة تغير المناخ، وسوف يعزز تجارة الطاقة بين أوروبا وآسيا الوسطى، ويعزز التعاون الاقتصادي وتطوير البنية التحتية، وستعمل هذه المبادرة على تعزيز التعاون الإقليمي بين البلدان المعنية وزيادة استقلال أوروبا في مجال الطاقة من خلال تقليل الاعتماد على المناطق الأخرى.

التأثير في أمن الطاقة في أوروبا

من المقرر أن تعمل خطة تصدير الكهرباء من أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان إلى أوروبا على تعزيز أمن الطاقة في القارة العجوز بصورة كبيرة.

خلال تقديم مصدر جديد للطاقة المتجددة، تعمل الخطة على تنويع مزيج الطاقة في أوروبا، والحدّ من اعتمادها على الوقود الأحفوري التقليدي.

مزرعة نور نافوي للطاقة الشمسية في أوزبكستان
مزرعة نور نافوي للطاقة الشمسية في أوزبكستان – الصورة من (فايننشال تايمز)

ويدعم هذا التحول أهداف الاتحاد الأوروبي المتمثلة في زيادة حصة الطاقة المتجددة، وهو أمر بالغ الأهمية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة وتحقيق أهداف أوروبا المناخية.

بالإضافة إلى ذلك، ستعمل الخطة على تعزيز كفاءة استعمال الطاقة من خلال تحسين البنية التحتية الحالية للنقل وتقليل خسائر الطاقة.

ومن المتوقع أن يؤدي المشروع إلى دفع النمو الاقتصادي والتنمية من خلال خلق فرص عمل في قطاع الطاقة في مرحلة البناء والعمليات طويلة الأجل.

وسيوفر مصدرًا موثوقًا ومستدامًا للكهرباء، ما يقلل من مخاطر انقطاع الإمدادات ويعزز مرونة نظام الطاقة، ومن شأن تكامل مصادر الطاقة المتجددة أن يسهم بشكل أكبر في تحقيق الأهداف البيئية للاتحاد الأوروبي من خلال الحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة ومكافحة تغير المناخ.

كيف تتحقق أهداف أوروبا المناخية؟

يشكّل اقتراح تصدير الكهرباء من قبل أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان خطوة كبيرة إلى الأمام نحو التعاون الدولي والطاقة الخضراء.

ومن المقرر أن تحتلّ هذه الدول مركز الصدارة في سوق الطاقة المتجددة الأوروبية بفضل دمج شبكات الكهرباء لديها وتركيب خط كهرباء عالي الجهد فوق بحر قزوين.

ويُعدّ هذا المشروع بالغ الأهمية بسبب إمكانات طاقة الرياح الكبيرة في المنطقة وتعهدات الدول بزيادة حصّتها من الطاقة المتجددة.

على صعيد آخر، ستعمل المبادرة على تعزيز التعاون الاقتصادي والتكامل الإقليمي من خلال تعزيز تجارة الطاقة بين أوروبا وآسيا الوسطى.

وستُحَسَّن البنية التحتية للطاقة بأكملها في المنطقة من خلال بناء محطات كهرباء وخطوط نقل إضافية، وستوفر الإستراتيجية نهجًا أكثر تكاملًا وتنسيقًا لسياسة الطاقة والتنمية من خلال تعزيز التعاون الإقليمي وتعزيز استقلال الطاقة.

ومن خلال زيادة التجارة والتعاون مع أوروبا، تسعى هذه الإستراتيجية إلى تعزيز النمو الاقتصادي مع تحسين كفاءة الطاقة وأمنها.

وسيصبح الجدول الزمني للمشروع وخطة العمل أكثر وضوحًا بفضل دراسة الجدوى الوشيكة، ويسلّط إنشاء ممر اتصالات رقمية الضوء بصورة أكبر على أهميته الإستراتيجية.

وباستعمال الإمكانات الهائلة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في آسيا الوسطى، تلبي هذه المبادرة متطلبات الاتحاد الأوروبي من الطاقة باستعمال مصادر مستدامة.

من ناحية أخرى، فإن النوايا الطموحة لقازاخستان وأوزبكستان لمضاعفة توليد الكهرباء بمقدار 3 أضعاف بحلول عام 2030 تُظهر الإمكانات الاستثنائية للطاقة المتجددة.

وسوف يصبح مستقبل الطاقة أكثر ترابطًا ومرونة من خلال التنفيذ الناجح، الأمر الذي سيعزز الروابط الاقتصادية والاستدامة البيئية وأمن الطاقة بين آسيا الوسطى وأوروبا.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001”.

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.