تقترب أول عبارة هيدروجينية في العالم من دخول حيز التشغيل بعد أيام معدودة، وفق ما أعلنته السلطات بولاية سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة.
وستعمل العبارة، التي أُطلق عليها اسم “إم في سي تشينغ” (MV Sea Change)، بوساطة خلايا وقود الهيدروجين بالكامل، ويبلغ طولها 70 قدمًا أو 21 مترًا، وفق بيانات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وبدءًا من 19 يوليو/تموز الجاري (2024)، ستواصل العبارة الهيدروجينية التي تتسع لاستيعاب ما يصل إلى 75 راكبًا العمل في مياه خليج سان فرانسيسكو مجانًا، لمدة 3 أيام أسبوعيًا، على مدار 6 أشهر بصورة تجريبية.
وموّل مشروع العبارة الهيدروجينية شركة “سويتش ماريتيم” (SWITCH Maritime) وتديرها أيضًا، وبُنيت السفينة في حوض “باي شيب آند يوت” في ألاميدا بولاية كاليفورنيا، و”أول أميركان مارين” في بيلينغهام بولاية واشنطن.
إطلاق أول عبارة هيدروجينية في العالم
في الرحلة الواحدة، يمكن لأول عبارة هيدروجينية في العالم أن تقطع مسافة نحو 300 ميل بحري لمدة 16 ساعة، قبل أن تحتاج إلى التزوّد بالوقود.
وداخل خلايا وقود الهيدروجين، يتحد الهيدروجين من خزان الوقود مع الأكسجين لتوليد الكهرباء والمياه التي تخرج بوصفها منتجًا ثانويًا عبر عملية تسمى التحليل الكهربائي العكسي.
وبينما تعمل العبارات التقليدية بوساطة الديزل، وهو ما يطلق انبعاثات كربونية ضارة في الغلاف الجوي، لن ينتج عن العبارة الهيدروجينية سوى الحرارة وبخار الماء؛ حتى إن الركاب يمكنهم شرب الماء الناتج عن العملية.
ولن تكون عملية إنتاج الوقود خالية من الانبعاثات، لأن الهيدروجين داخل العبارة “سي تشينغ” سيكون منتجًا بوساطة الغاز الطبيعي، وهو ما يطلق عليه الهيدروجين الأزرق.
ويوضح الرسم البياني التالي -أعدته منصة الطاقة المتخصصة- أنواع الهيدروجين حسب طرق الإنتاج:
ورغم ذلك، يقول كبير مسؤولي الإستراتيجيات في شركة “زيرو إميشن إندستريز” التي طوّرت خلايا وقود الهيدروجين المستعملة بالعبارة (Zero Emission Industries) جون موتلو، إن الانبعاثات الناتجة ما زالت أقل من مستويات العبارات التقليدية العاملة بحرق الديزل الأحفوري.
كما يتوقع موتلو أن تنخفض تكلفة الهيدروجين الأخضر المنتج من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح مع رخص الإمدادات وتوافرها، مؤكدًا أن البيانات ترسم صورة واضحة أن الهيدروجين الأخضر سيكون أرخص من ذلك المنتج من الغاز الطبيعي.
حماية البيئة
على الرغم من أن رحلة أول عبارة هيدروجينية في العالم ما زالت في طورها التجريبي الأول، وأن المسافة التي تقطعها قصيرة؛ أشاد مسؤولون ومعنيون بشؤون البيئة باقتراب انطلاق العبارة “سي تشينغ” بوصفها خطوة أولية رئيسة نحو بناء أسطول من العبارات الخالية من الانبعاثات.
وفي هذا الصدد، تقول رئيسة مجلس الموارد الجوية في ولاية كاليفورنيا ليان راندولف، إن المجتمعات التي تعيش بالقرب من المواني البحرية تتأثر أكثر من غيرها بالتلوث الناتج عن حرق المراكب للديزل.
ولذلك، شددت على أهمية الابتعاد عن استهلاك الديزل وبناء سفن خالية من الانبعاثات، لافتة إلى أن أول عبارة هيدروجينية “توفر تلك الفرصة حقًا”، كما أنها مهمة لأهداف خفض الانبعاثات بالولاية.
وأضافت أن المحافظ وجه مجلس الموارد الجوية والوكالات ذات الصلة إلى تحقيق هدف إزالة الكربون من الصناعة حيثما أمكن بحلول عام 2035.
يُشار هنا إلى المشروع حصل على منحة بقيمة 3 ملايين دولار من مجلس الموارد الجوية المعني بالعمل مع الحكومات وقطاع الأعمال والمواطنين لحل مشكلات جودة الهواء بالولاية.
ويقول مسؤولون إن التقنية قادرة على إزالة الكربون من صناعة الشحن البحري المسؤول عن نحو 3% من إجمالي الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في العالم.
ورغم أن النسبة صغيرة مقارنة بانبعاثات السيارات والشاحنات والسكك الحديدية والطيران، فإنها في تزايد، وفق تقرير وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية.
وتستهدف المنظمة البحرية الدولية المسؤولة عن صناعة الشحن خفض انبعاثات غازات الدفيئة إلى النصف بحلول عام 2050.
ومحليًا، تعوّل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على الهيدروجين لخفض الانبعاثات وإزالة الكربون من الصناعات التي يصعب كهربتها مثل النقل والصناعة، وقدمت حوافز بقيمة 8 مليارات دولار إلى الصناعات والمهندسين والمخططين لاكتشاف سبل إنتاج الهيدروجين النظيف.
مجرد بداية.. ولكن!
ثمة خطط حالية لإضافة 5 عبارات تعمل بالبطاريات إلى الأسطول البحري في خليج كاليفورنيا، ومن المتوقع دخول أولى تلك العبارات الكهربائية حيز الخدمة في غضون عامين من الآن.
وستعمل 3 من تلك العبارات على طول طرق قصيرة تربط مناطق عديدة من الولاية وتريجر آيلاند، فيما ستعبر الاثنتان الباقيتان خليج سان فرانسيسكو ذهابًا وإيابًا، وفق تقرير نُشر على موقع شبكة (KQED).
ويقول المدير التنفيذي لخدمة عبارات خليج سان فرانسيسكو سيموس مورفي، إن ذلك “مجرد بداية”، مشيرًا إلى خطط لإضافة المزيد من المراكب العاملة بالبطارية للأسطول، وبرًا يجري العمل للتأكد من وجود ما يكفي من الكهرباء لتشغيل تلك العبارات.
ولفت أيضًا إلى أن العبارات العاملة بالبطاريات الثقيلة للغاية بصورتها الحالية لا يمكنها الإبحار لمسافات بعيدة، غير أن عبارات الهيدروجين لا تعاني تلك المشكلة.
ولذلك، توقع أن تكون العبارات الهيدروجين هي المراكب الرئيسة على الطرق البعيدة في خليج سان فرانسيسكو.
ورغم أن ذلك لم يتحقق بعد فإن أول عبارة هيدروجينية “سي تشينغ” قد تمهد الطريق إلى ذلك، بحسب مورفي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..